2012/07/04
صحيفة تشرين
عاد الفنانون السوريون محمّلين بشتلات الزيتون وآهات اليتامى والجرحى ومحمّلين بهواء وشرف فلسطين، عادوا ليقصوا لنا أسطورة المعاناة والمقاومة, اسطورة الصمود أمام آلة الحرب الصهيونية. من باب الطائرة في مطار دمشق استقبلناهم لنقول لهم: الحمد لله على السلامة.. كانت عيونهم وأرواحهم محملة بإشعاع فلسطين الروحي، ومحملة بحكايات أهل غزة الصامدين. (تشرين) التقت معظم الفنانين السوريين لتتعرف منهم على دلالات زيارتهم إلى غزة وكانت هذه اللقاءات:
ثقافة المقاومة: الفنان دريد لحام: نقول: مثل عندنا في الشام نقول فيه: من يشرب من ماء الشام لابد أن يزورها مرّة ثانية. ومن يزر غزة ويشم رائحة ترابها لابد أن يعود مرّة ثانية لأنها تعني الصمود وتعني التصدي... إرادة المقاومة التي نفخر فيها. ونفخر بأن لدينا ثقافة المقاومة التي رسخها فينا الرئيس بشار الأسد وهذه الزيارة هي تضامن مع أهلنا في غزة حتى يعرفوا أنهم ليسوا وحيدين على الساحة, كلنا معهم، سورية معهم، العرب أكثرهم معهم. قد يكون هذا الموضوع ليس له منعكس مادي ولكن له منعكس معنوي تماماً مثلما يقع إنسان في مصيبة وتذهب لمواساته، فأنت لا تحمل عنه المصيبة ولكن معنوياً يحس أن الناس واقفة إلى جانبه وهذا يقوّي معنوياته. - من الزيارة الأولى إلى الثانية كان الاستقبال بالنسبة لي حاراً خاصة أن الوفد الفني الذي زار غزة كبير هذه المرّة. هذه المرّة شاهدنا أماكن لم نشاهدها في المرّة السابقة خاصة الانفاق فالمرء عندما يشاهدها سيقول كم احتاج هؤلاء من صبر لبناء هذه الأنفاق وكم هو كبير هذا التصميم على الحياة. وبالتعاون مع نقيب الفنانين السوريين الفنان أسعد عيد هناك توجه لتجهيز وفد فني على مستوى العالم العربي أو عقد الاجتماع السنوي لاتحاد الفنانين العرب في غزة من أجل دعم صمود أهل غزة.
زرعت الزيتون في فلسطين الفنانة: سوزان نجم الدين زيارتنا كانت رحلة لمساندة أهلنا في غزة, شاهدنا المعاناة والمقاومة بالوقت نفسه، وأعظم ما شاهدناه الأنفاق المحفورة حوالى 1200 نفق على عمق 30 متراً فهذا إنجاز عظيم. زرنا أهالي الأسرى وأهالي الشهداء وزرعت شجرتين بيوم عيد ميلادي، زرعتهما بساحة مجلس الشورى, وإن شاء الله نرجع ونسقيهما ونتفيأ بظلهما. معنويات أهلنا في غزة عالية جداً رغم الحصار الشديد.. إنهم مقاومون حقيقيون، نحن استمددنا القوة منهم، يبدو أنهم اعتادوا على هذا الحصار ومقاومته فصاروا أقوى من الحصار غزة مدينة الكفاح الفنان الموسيقي هادي بقدونس كانت هذه الزيارة فتح معابر لكل العالم العربي لزيارة الفنانين لهذه المدينة المناضلة المجاهدة، كنا نتشوق لمشاهدة هذه المدينة الصامدة (غزة) مدينة الكفاح والنضال, والحمد لله وصلنا إلى غزة مثل أي مواطن فلسطيني، وصلنا إليها بمحبة واستقبال كبير واستقبلنا الناس هناك، وكانوا ينتظرون وصولنا لنساهم بكسر الحصار الجائر. أتمنى لكل مواطن عربي أن يزور غزة وإن شاء الله تفتح المعابر ويعم السلام. إنه حلم لكل مواطن أن يزور الأراضي الفلسطينية. لم أصدق أنني في فلسطين حتى دخلت فعلياً إلى هذه الأرض, إن شاء الله سنزور غزة في مرات قادمة للقيام بفعاليات فنية. - لقد حضرنا مسرحية وكان هناك برنامج مدروس من قبل السلطة الفلسطينية، يتضمن زيارة الأنفاق والأبنية المهدومة, وزيارة أسر الشهداء وأسر الأسرى، وأتمنى على كل شرفاء العالم زيارة غزة للمساهمة في كسر هذا الحصار الجائر على أهلنا هناك. كلماتنا عاجزة عن التعبير الفنان: سليم كلاس كنا على الطبيعة في قطاع غزة وشاهدنا المسؤولين الكبار كما شاهدنا المواطنين، كانت زيارتنا رسالة موجهة ليس للعالم العربي والإسلامي فقط, وإنما للعالم كله مفادها: يكفي ظلماً، يكفي جوراً، الشعب في غزة محاصر, اجتمعنا هناك بزوجات الأسرى وأمهاتهم وعشنا معهم لحظات إنسانية مؤثرة فتعرفنا إلى تلك البنت التي لم تشاهد والدها بعد أسره من قبل الاحتلال, فهي منذ (15)عاماً لم تشاهد هذا الوالد المحكوم عليه 360 سنة, ما هذه المئات من السنين؟. نحن نقول للعالم: ذهبنا إلى غزة رغم المخاطر فقد زرنا الأنفاق، وزرنا الأماكن الحساسة هناك وحضرنا عرضاً مسرحياً يتعلق بحصار غزة، في الحقيقة يعجز الإنسان عن التعبير. زيارتنا كسر للحصار الفنان: طلحت حمدي كانت رحلة رائعة, نحن نقلنا محبة الشعب السوري محبة القيادة السياسية في سورية وإيمانها وإيمان الشعب السوري بموقف المقاومة وموقف أهل غزة من هذا الحصار. ذهبنا إلى هناك لكسر الحصار بشكل معنوي من أجل التشجيع على زيارة غزة من العالم العربي وغيره من المنظمات للوقوف إلى جانب هذا الشعب المحاصر الذي يعيش بفضل معجزة الأنفاق. الأنفاق التي شاهدناها معجزة حقيقية، صارت الأنفاق طوابق نظراً لضيق الأرض، والعدو الصهيوني يقصف الأنفاق وفي اليوم التالي ترمم هذه الأنفاق ويعاد بناؤها من أجل تأمين المواد الطبية والغذائية للناس. كل فنان عاد من هناك جلب معه شتلة زيتون من أرض غزة، من هذا التراب الطاهر، التراب المعطر بدماء الشهداء. زرنا أماكن قصفت في غزة، يندى لها جبين الإنسانية.. آلاف الشهداء 1500 شهيد سقطوا في الحرب الأخيرة على غزة. بالرغم من هذا الدمار تصور..! المستوطنات التي انسحبت منها إسرائيل عام 2005 أقيم عليها جامعات ومستشفيات ومدارس. يعني أن هذا الشعب يؤكد إيمانه بالأرض، وإيمانه بالتحرر وإيمانه بأن فلسطين أرض عربية، زيارتنا هي للشدّ على أيديهم وللانحناء أمام عظمة هذا الشعب الذي عدده مليون ونصف وهو مدرسة في النضال، نتمنى من كل من يحيط بغزة أن يأخذ هذا الموقف على الأقل حتى تتحجم (إسرائيل).. نتمنى أن تتسع دائرة المقاومة ودائرة كسر حصار غزة. الفنان رضوان عقيلي الناس في هذه الأيام يذهبون إلى الحج وبتصوري رحلتنا إلى غزة التي هي جزء من فلسطين وفيها المسجد الأقصى، وهذا المكان المقدس. إذاً رحلتنا هي حج بمعنى من المعاني لأنها رحلة إلى جزء من أرض فلسطين, وأنا أعتبر أنني قد قمت بالحج الآن. وصلنا إلى غزة واستقبلنا الناس ورأينا أشياء لم نكن قد رأيناها من خلال شاشة التلفاز مثل الدمار بحقيقته، آثار الدمار المنعكسة على الأطفال، على المقعدين واليتامى والأرامل, البيوت المقصوفة، البنى التحتية المدمرة، الأنفاق والأنفاق أسطورة كبيرة شاهدناها. كنا نتصور أن الأنفاق أماكن مموهة ومخفية ثم اكتشفنا أنها مكشوفة وظاهرة وفوقها بيوت بلاستيكية وكل يوم يوجد قصف حتى إن يوم وصولنا شهد قصفاً بالليل على أحد الأنفاق. قالوا لنا: كلما تهدم نفق بنينا آخر من جديد. رأيت وتعلمت درساً كبيراً في المقاومة، تعلمنا من هذه المقاومة التوءم لمقاومة جنوب لبنان. أتذكر أننا كنا نسمع عن أسطورة الفيتناميين وكيف كانوا يحاربون القوات الأميركية. إننا التقينا بشعب فلسطيني مقاوم ومقاومته سبقت الشعب الفيتنامي, وذلك من خلال صموده وعنفوانه وإصراره على أن المعركة تكون عن طريق المقاومة وعن طريق البندقية. شعب بسيط وفقير وجائع وجريح ورغم ذلك مُصرّ على المقاومة... أرض مكشوفة ومع ذلك يصرّون على المقاومة... شعب يؤكد أنه اسطورة... في تصوري أن غزة درس كبير. وإن شاء الله كل المقاومة العربية ستبقى صامدة, فالسبيل الوحيد لتحرير الأرض هو المقاومة. والمقاومة مشروعة، والمذل أن كل مقاومة تظهر في هذه الأيام توصف وتنعت بالإرهاب, لقد استطاع الغرب أن يغير المفاهيم من النضال إلى الإرهاب لكن الجميع يصرون على المقاومة في غزة وفي فلسطين. شعب غزة شعب حي الفنانة وفاء موصللي حلم أن تطأ أرض فلسطين, أن تصلّي في ارض فلسطين أن يكتب على جواز سفرك فلسطين. إذا كانت الحياة فرصاً فهذه أكبر فرصة في حياتي نلتها في زيارتي لغزة, أتمنى شخصياً ألا يكتب (السلطة الفلسطينية)، وإنما الجمهورية العربية الفلسطينية, أو أي كلمة تدل على أن فلسطين حرة. شعبنا هناك يذوق المرارات والويلات والعذابات ويبذل الغالي والنفيس من أجل مداواة طفل يئنّ, أو عاجز- له من الحكمة ما له وهو تاريخ- يفارق الحياة. هناك لا دواء ولا غذاء, لا تدفئة ولا إنارة وكأنهم يريدون لهم أن يعيشوا في ظلام دامس, لكن هذا الشعب الذي يحب الحياة هذا الشعب جعل من زيت الفلافل وقوداً للإنارة كان العدو يبيعهم مواد النفط بأسعار هائلة ثم قطع عنهم النفط, وبعد أن استخدموا الزيت, عاد العدو الصهيوني ليبيعهم النفط فرفضوا, هؤلاء المخترعون حكماء أحرار. هم بشر وليسوا ملائكة لكن هذه الظروف جعلت منهم اسطورة تقترب من الخوارق, أنا لا أتكلم مجاملة. التقينا السيد إسماعيل هنية وقال كلمة مهمة: (يكفيكم فخراً أن قائدكم بشار الأسد ويكفيكم فخراً أنكم سوريون, ويكفيكم فخراً أنكم وصلتم إلى كل العالم من خلال دراماكم التلفزيونية ومن خلال مواقفكم النضالية, ويكفيكم فخراً أنكم تزورون فلسطين وهذا لا يتحقق لكثيرين). والتقينا الكثير من الشخصيات القيادية الفلسطينية, مثل محمود الزهار ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني, واستقبلنا بحفاوة من قبل الحكومة والشعب وزرنا الأماكن التي تم إصلاحها. هذا شعب لا يجوز له أن يموت, هذا شعب حقيقي يحزن ويفرح ويحب ويبكي ويتألم ويحنّ ويشتاق, هذا شعب كل ما قيل عنه لا يكفي. هذا الشعب أخضر مثل الزيتون.. الإنسان يتحول إلى شاعر أمام عظمة هذا الشعب.