2012/07/04
دمشق علاء محمد- الخليج وسط أجواء احتفالية بفلسطين تعيش العاصمة السورية دمشق هذه الأيام فرحة مهرجانها السينمائي الدولي الذي انطلقت دورته السابعة عشرة السبت الماضي. وأكد النجوم الذين تواجدوا في الحدث سواء من ضيوف الشرف أو المشاركين في الأفلام المعروضة أن السينما السورية تسير على الطريق الصحيح خاصة أن المهرجان صار يجذب أهل الفن من مختلف بلدان العالم. “الخليج” التقت عدداً من النجوم وسجلت انطباعاتهم عن هذا العرس السينمائي فكانت السطور التالية. النجمة السورية غادة الشمعة قالت: تأكدت أني لن أندم على مجيئي إلى المهرجان، فعودتي إلى بلدي سوريا لحضور حفل مهرجانها السينمائي الدولي في دورته السابعة عشرة جاءت مكللة بالورود، ليتأكد لي بأن صناع القرار الفني في سوريا يسعون إلى النهوض بالفن من أساساته ليكون لدينا سينما فاعلة على مستوى الإنتاج وليس فقط على مستوى التنظيم. شكرا للمؤسسة العامة للسينما وشكرا للدكتور محمد الأحمد مدير المهرجان ولوزارة الثقافة على الاهتمام الكبير وأنا أستبشر خيرا مما رأيته بمستقبل أفضل في السنوات القليلة المقبلة. الفنان المصري محمود عبد العزيز أشاد بالتنظيم وقال: أشارك في المهرجان السينمائي السوري السابع عشر في العاصمة دمشق، من حبي الكبير الذي أكنه لسوريا، ولشعبها، لدمشق وأهلها وحاراتها الضيقة، دمشق التي ما إن تخرج من القلب حتى تتدفق في الشرايين، ولا أحد يزايد على محبتي للشام لأن التاريخ أكبر شاهد على الحقائق، وسوريا منا نحن المصريين ونحن كذلك منها. وأضاف: المهرجان فرصة كبيرة لنا لنعانق هذا البلد من جديد ثم لنطلع على أهم ما وصلوا إليه في عملية التطوير السينمائي، ومهرجان دمشق كما كان في السنوات الماضية، ينشد العالمية لكن صبرا لمن يستعجل النتائج. النجمة السورية سلمى المصري: تمنت أن تكون الأفلام التي يعرضها المهرجان على مستوى الحدث وقالت: كل شيء كان لافتاً، وأهم ما في ذلك عرض أفضل عشرة أفلام في تاريخ السينما العالمية في افتتاح مهرجاننا الذي يتابعه عالميون في السينما، وهذا يدل على أننا بدأنا نضرب في تاريخ السينما باستحضار الماضي أولا وبعملنا الدؤوب لنصبح تاريخيين في المستقبل القريب ثانيا. كما قلت كل شيء يثير الإعجاب، ولعل الأهم هو أن الأفلام التي ستعرض هي من خيرة الإنتاجات العالمية وتبلغ حوالي 300 فيلم لأكثر من 50 بلدا. الفنانة يسرا قالت: تم تكريمي هنا، وهو تكريم أعتبره تكريما لمصر، وأعتز بأني أكرّم في مهرجان يكرّم القضية الفلسطينية. هذه هي سوريا كما عرفت منذ الأزل، قومية، وفيها يشعر الإنسان بقيمته، شكرا للقائمين على المهرجان. سلاف فواخرجي قالت: لست ضيفة على المهرجان إلا إداريا، وغير ذلك فأنا في بلدي (سوريا) أستقبل الضيوف العرب والأجانب في بلدهم الثاني، وكنت في العام الماضي مشاركة في المهرجان ومكرمة فيه أيضا. المهرجان كما أراه، يتطور سنة بعد سنة، والقائمون عليه ممثلين بمؤسسة السينما، على ما يبدو أنهم يتداركون ما يقعون فيه من عثرات في كل عام فيتجنبونها لاحقا وهكذا، تتقلص مساحة الخطأ وتتسع دائرة التفكير بالصحيح والأصح في كل مرة. ونستطيع القول إننا تجاوزنا مرحلة تنظيم المهرجانات وبتنا أقرب للمحترفين في ذلك، وعلينا البحث الآن عن صناعة السينما بمعناها الحقيقي، وذلك يمكن أن يبنى على نجاحنا في تنظيم المهرجانات لأن المهرجان عامل رئيسي ومساعد في بناء مستقبل سينمائي زاهر لأي بلد. النجمة نيللي قالت: لم أغب عن مهرجان دمشق السينمائي في السنوات الماضية سوى في العام الماضي واعتذرت لأسباب خاصة، وفي العام الحالي وجهت لي الدعوة فشعرت بأني أدعى إلى بلد مضى زمن طويل علي ولم أزره، لذا لبيت الدعوة مباشرة وجئت إلى “عاصمة قلبي” التي أحبها حبا يثق به السوريون. دمشق أرض العراقة ليس غريبا أن تنظم مهرجانا بات عريقا ودوليا وسنوات قليلة سترونه عالميا، والأهم هنا هو ثقة السوريين بأنفسهم وبقدرتهم على الانتقال إلى العالمية. إن أهم ما جيّش مشاعري لتنسكب حبا لهذا المهرجان في هذا العام هو أنه يكرم القضية الفلسطينية والعرب ككل والعالم أيضا.. تلك هي دمشق (سينما ومكان). المخرج والممثل السوري وائل رمضان قال: مهرجاننا السينمائي له وضع خاص، حالة خاصة، جو معين، وتنظيم معين أيضا.. وحتى الترتيب الزمني لهذا الحدث مهم أيضا فهو يفسح المجال للآخرين لأن يروننا ونحن في أبهى صورة، كما يفسح المجال لنا لنراهم وهم يأتون إلينا بإنتاجاتهم لتوضع على المحك ما يؤدي إلى الجدية منهم في التعامل مع بلد راهن كثيرون على أن لا سينما فيه. الممثلة المصرية منال ابراهيم قالت: ربما أنا أكثر المصريين والعرب قربا من سوريا وأكثر من يشعر بأنه آت إلى بلده، فشقيقتي تعيش في سوريا منذ 14 عاما وزوجها سوري لذا أشعر بأن بلدي هو الذي ينظم المهرجان. 17 دورة لهذا المهرجان في 30 عاما أمر عظيم يحسب للسوريين الذين هم أكثر من يعي متى تكون انطلاقتهم السينمائية المشابهة لما فعلوه في الدراما، وأجمل ما فيهم من خلال متابعتي لهم أنهم لا ينتظرون النصح من أحد بل يتصرفون وفق إرادتهم، وهذه الإرادة ستعطي سينما قوية قريبا. 275 فيلماً من 52 دولة تتضمن فعاليات المهرجان تظاهرات عدة أبرزها عرض 9 أفلام للفنان العبقري شارلي شابلن، إضافة إلى تظاهرة تحت عنوان “أنجيليك فى السينما” وتضم 5 أفلام، وهى سلسلة كانت رائجة في ستينيات القرن الماضي من بطولة الممثلة الفرنسية ميشيل ميرسييه، فضلا عن تظاهرة سينما القارات الخمس. وتعرض أفلام الجوائز الكبرى بواقع 17 فيلماً، كما يعرض للنجمة الأسطورة مارلين مونرو 12 فيلما، والنجم الفرنسي آلان ديلون 16 فيلماً، و6 أفلام تمثل السينما الأسترالية، و4 أفلام تمثل السينما الألمانية. مخرجون وفنانون يقاطعون المهرجان قاطع العديد من المخرجين والكتاب والفنانين المهرجان بسبب ما أسموه “الدجل السينمائي” الذي تقوم به الادارة الحالية للمؤسسة العامة للسينما لتغطية ما أسموه بالعجز والخراب السينمائي الذي لحق بالحال السينمائي في البلاد. وقال “المقاطعون” في بيان أمس الأول “نعلن ان أرواحنا وعقولنا قد عافت هذا الدجل الذي تقيمه المؤسسة”. وشار البيان “ان هذا المهرجان يغطي غياب أية إرادة أو عمل فعلي لدى وزارة الثقافة لوضع سياسة سينمائية صحيحة تنتصر للسينما ولمشروعها الثقافي المجتمعي”. وختم المقاطعون “ننأى بأنفسنا عن هذا الاستعراض الهازل فإننا ندعو الى الكشف والإدانة والمقاطعة”. ومن بين الأسماء التي قاطعت المهرجان المخرجون نبيل المالح و محمد ملص ومأمون البني وعمر امير لاي والفنانون بسام كوسا وبشار اسماعيل وسحر فوزي وريم علي، والكاتبان أحمد حامد وفؤاد حميرة. “حليب الأسى” فيلم ذهبي ربما هي من المرات النادرة أن يبقى الجمهور السوري الحاضر في افتتاح مهرجان دمشق السينمائي جالسا على مقاعده في دار الأوبرا للثقافة والفنون بدمشق، وذلك لأن طعم الافتتاح هذه المرة كان مختلفا عن كل ما سبق من افتتاحيات، فضربة البداية التي أرادها القائمون على المهرجان كانت هذه المرة بالطعم الأمريكي الجنوبي، بطعم الأحداث الدامية التي شهدها أحد بلدان القارة الفقيرة في ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم.. إنه البيرو، البلد الذي أغرقته صراعات إثنية في زمان سيطر الأفيون على الحي والشارع والبيت والفراش وحتى الحكومة. فيلم (حليب الأسى) للمخرجة (كلوديا لوزا) والحائز على جائزة الدب الذهبي كأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان برلين في شباط الماضي والذي انبرت مخرجته كلوديا لوزا آنذاك عند تسلم الجائزة لتصرخ بأعلى صوتها إنه من أجل البيرو. من أجل بلدي هذا الفيلم ذو سمعة سبقته إلى العاصمة السورية وهذا ما جعل الجمهور يترقب وربما للمرة الأولى يتمنى انتهاء حفل الافتتاح لمشاهدة الفيلم الذي لم يسبق أن عرض في سورية من قبل. تدور أحداث الفيلم حول الفتاة المسكينة ( فاوستا) التي كانت نتيجة حتمية لصراع الإثنيات في العاصمة البيروفية ليما، في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وكانت الشعائر مسيطرة والاغتصاب مهيمنا. عاشت فاوستا على هدف نبيل وهو دفن أمها وآلامها بطريقة لائقة ذلك أن الأم تعرضت للاغتصاب ومن ثم ماتت اجتماعيا أولا ومن ثم حياتيا،لذا تنطلق فاوستا في رحلة مع المخاوف والألم والعذاب والغدر والخيانة والسلوك المواجه بكل ما هو سلبي في بلد كل ما فيه آنذاك كان سلبيا. في خضم بحث فاوستا عن مخرج من أزمات المجتمع في العاصمة ليما، تراها بدأت تكتشف أكثر فأكثر حقائق هذا المجتمع ومن ثم طقوسه التي كانت غائبة عنها قبل الانتقال من الريف إلى المدينة حيث تركز المخرجة على أهم الصور اليومية في ذلك البلد من عادات وتقاليد وطقوس الحياة والموت والدفن وغير ذلك. “حليب الأسى” ليس توثيقياً ولئن بدا عليه ذلك، وإنما يطمح إلى تشريح الحياة وجدواها في مناخ تفوح منه رائحة القتل في كل لحظة، لذلك تنتمي كاميرا “كلوديا” وبجدارة إلى سينما الحقيقة التي ربما غالت على أيدي كثير من مخرجي أمريكا اللاتينية بحساسيتها نحو القسوة البشرية، لكنها وفي كل الأحوال سينما عالية في بصريتها وسردها المتفاني في تكوين الكوادر السينمائية في الآن وهنا، ولهذا لم يتوان عشاق السينما في دار الأوبرا السورية عن أخذ الأنفاس مع كل نقلة للكاميرا التي قدمت فيلماً للذاكرة، وجرعة من حياة حدثت بالفعل، البيرو التي حققت “حليب الأسى” بإنتاج مشترك مع إسبانيا تجاهد اليوم عبر جيل “كلوديا” إلى أخذ موقعها على خارطة السينما العالمية.