2012/07/04
قبل بضعة أيام قدمت الإعلامية "جمانة بوعيد" تقريرا تفصيليا عن عروض "روتانا خليجية" في شهر رمضان "المبارك".. وبعد قليل ستعرفون لم وضعت مبارك بين قوسين. ومع بداية دخول "روتانا" لقطاع الإنتاج التلفزيوني وعدم الإكتفاء بالإنتاج الموسيقي تنفس كثيرون الصعداء واستبشروا خيرا على اعتبار أن "شبكة" جديدة تدخل السوق وبالتالي سيرتفع الطلب على الأعمال الدرامية. ومن يدري قد يكون دخولا "مباركا" بدوره ويعطي نفسا جديدا للدراما التي تحتاج دائما إلى نفس جديد. ولكن "الجدة" هذه المرة جائت بدورها مكرورة، وفي حالة السيدة "جمانة" مستهجنة جدا. فأن يقدم برنامج عن عروض رمضان المبارك ومن قبل إعلامية لها باع وحضور وشخصية مميزين فعلا، فهذا أمر مطلوب. ولكن أن "تكشف" لنا هذه الإعلامية ليس عن كواليس الأعمال التي ستعرضها "روتانا خليجية"، بل عن جزء كبير من "صدرها" فهذا مرفوض في كل المناسبات "المباركة" منها، وغيرها من المناسبات.. الحقيقة أن "اللمسة" التي يصر بعض الإعلاميين اللبنانيين إضافتها أينما حلوا مسألة باتت بحاجة إلى مراجعة. وهذه اللمسة وإن كانت "متطرفة" في حالة السيدة "بوعيد" إلا أنها وفي حالات كثيرة باتت تتطرق إلى موضوع أكبر وأخطر بكثير، إنه موضوع "الهوية" نفسها التي تميز محطة أو شبكة تلفزيونية عن غيرها. والهوية هنا (وعلى الطريقة اللبنانية المعتادة) تصبح صدى بعيدا لتجربة لم يكتب لها النجاح للأسف، ولأسباب كثيرة، وانتهت بمأساة دامت سنين دفع أخوتنا اللبنانيون أفظع ثمن لها. ولم يبق من تلك التجربة (لبنان جسر تواصل ثقافي بين الشرق والغرب) التي كانت في وقتها مطلوبة وفريدة فعلا، لم يبق منها إلا ذاك "الفولكلور" المضحك عن قطعة "غرب" في "الشرق".. لا نريد أن نفتح ملفات قد لا نملك العدة لفتحها ولم يحن أوانها بعد. ولكن من الضروري التوقف قليلا عند تجربة فعلا كان لها صدى في وقتها والقول أن الوقت قد مضى وبعض أخوتنا في لبنان مازالوا قابعين في التاريخ الذي سبق تفجير "البوسطة" إياها وكأن شيئا لم يتغير. هناك عقود مرت، وتحولات جذرية حصلت فعلا في المجتمعات العربية قاطبة، و"مراكز" جديدة بملامحها وتاريخها وإمكانياتها وحتى زيها الوطني الأصلي، دخلت إلى "الساحة" تريد أن تلعب دورها التي ترى أنها جديرة به. وفي لبنان مازالوا مصرين أنهم الجسر الوحيد بيننا وبين العالم الخارجي الذي أصبح وسط صالونات بيوتنا عابرا من فوق الجسر ومن فوق صوت شخير "حراسه"... هناك إعلاميون لبنانيون كثر غادروا محطاتهم "المحلية" وانتقلوا إلى محطات عربية، حملوا معهم ملامح تجاربهم السابقة، ولكنهم في امكنتهم الجديدة اكتسبوا ملامح جديدة أضافت إلى تجربتهم واكسبتهم جمهورا أكبر. والسبب يعود إلى أن تلك المحطات لها "هويات" واضحة وبالتالي لا يعود للفرد حق التحكم والتحديد، وإن بقي له حق "الإضافة" ضمن نفس التيار العام الذي حددته هوية المحطة. في حالة روتانا ما زلنا نسأل عن تلك الهوية.. وهذه الهوية لا تحدد عبر "مفاتن" ظهرت بفجاجة على شاشة ما كان يجب ان تظهر عليها.. بل عبر دور يجب أن لا يترك هكذا لمن ما زالوا يعتقدون أن اللحم (البرونزي هذه المرة) ما زال عنوانا للحضارة والرقي!!!.. شكري الريان