أوضح الكاتب السوري حسن سامي يوسف في منشور له عبر صفحته الرسمية على فيس بوك الحيثيات المرافقة لإلغاء مسلسل "فوضى" فكتب "ظهرت فكرة المسلسل أول مرة من بوست نشرته على صفحتي في الفيس بوك، وقلت فيه ما معناه: كنا في السابق نتحدث عن عشوائية السكن، لكننا الآن نتحدث عن عشوائية العقل والروح..
هادا الكلام كان بأوائل الصيف الفائت.. كان مسلسل ( الندم ) لسه عم ينعرض.. وبهديك الفترة كانت لقاءاتنا أنا والليث حجو كثيرة.. وكان ( الندم ) عم يحقق نجاحات غير مسبوقة، ولهيك تنيناتنا كنا مرعوبين من خطوتنا القادمة.. شو ممكن هالخطوة تكون بحيث إنك تحافظ على النجاح، أو حتى تتجاوزه؟. حكينا كتير بهالمسألة.. كتير كتير.. حطينا عشرين اقتراح أو أكثر، من ضمنها: العشوائية.. وشفنا إنه هي الموضوعة ( عشوائية العقل والروح ) هي الأنسب.. شيء من قبيل الاستعادة لمسلسل ( الانتظار )، ولكن ضمن الشرط الحياتي اللي فرضته الحرب على الجميع.. عشوائية في حي غير عشوائي.. واتفقنا على الموضوعة، مثل ما اتفقنا على استعادة صديقنا المشترك ( نجيب نصير )، رغم إنه يعيش خارج سوريا.. استعادته كشريك في الكتابة، ولو بالإنترنت..وبالفعل حصل اتصال بيني وبين نجيب، ورجعنا ناقشنا الموضوع مطولاً، واتفقنا في النهاية على بعض الخطوط الدرامية، وبعض الشخصيات المحورية.. ما رح أخوض الآن بتجربة الكتابة المشتركة عن بعد، فهذه النقطة تستأهل كتاباً كاملاً، ليس الآن وقته أو مطرحه.
بهديك الفترة كان الليث عم يعتذر من المنتجين بالجملة، وهلأ رح أحكي شغلة ما بيعرفها حدا غيري: اعتذر الليث عن إخراج مسلسل في لبنان مقابل ربع مليون دولار.. آمل أن صديقي الليث لن يتحسس من إفشاء هذا السر الصغير.. وأنا كنت أتلقى اتصالات كثيرة من منتجين بدهم النص اللي عم أكتبه ( وما رح نختلف على السعر )، من بين هذه الجهات الدكتورة رانيا الجبان مع شركة إنتاج جديدة. قالت لي بالحرف الواحد: رح يكون شرف كبير إننا نبدأ إنتاجنا بنص من تأليفك، وأنا بعرف إنه أجرك عالي، ونحن جاهزين ندفعه وزيادة.. رديت عليها: النص لسه عم ينكتب، وأنا ما بحب ناقش بعمل غير جاهز، وبكل الحالات بيشرفني نشتغل سوا، بس خلينا نأجل الحكي بالموضوع ليجهز العمل.
بهديك الفترة، وذات ليل، رن موبايلي. فتحت الجهاز. كان المتصل السيد وزير الثقافة.. بعد السلام والسؤال عن الحال والأحوال، قال لي: أنا يا صديقي حاملك رسالة من السيد محمد حمشو. قللي الرجل: أنا بعرف إنه حسن سامي يوسف صديقك، فيا ريت يقبل إنه يكون مسلسله القادم من إنتاجي، لأنه خلال عشرين سنة من الإنتاج التلفزيوني ما حققت هئا النجاح اللي حققه مسلسل الدم، وجميع طلبات الكاتب رح تكون مستجابة.
في الحقيقة أن تجربتي في ( الندم ) مع سوريا الدولية لم تكن مشجعة، ولكنها لم تكن سيئة أيضاً.. وهذا ما قلته للسيد الوزير. وقلت: ما دام هناك ظرف جديد للعمل مع هذه الشركة بضمانة مالكها وبشهادتك أنت، فلا مانع عندي من تكرار التجربة.
وهذا ما كان.. ذهب النص في النهاية لشركة سوريا الدولية، بشرط أن يكون من إخراج الليث حجو. أحداث المسلسل تدور في دمشق اليوم.. في عز الشتاء، وانقطاع الماء والكهراء والمازوت ومختلف وسائل التدفئة، بل مختلف وسائل العيش اللائق.
كانت خطة الليث لإنتاج العمل كالآتي:
شهران للتحضير: كانون الأول ( ديسمبر _ 2016 ) وكانون الثاني ( يناير 2017 ).
ثلاثة شهور للتصوير: شباط ( فبراير ) للمشاهد الخارجية.. آذار ( مارس ) و نيسان ( أبريل ) للمشاهد الداخلية.
ابتدأ التحضير بخطوات متعثرة: بطء غير عادي من قبل الشركة بالتعاقد مع الطاقم الفني للعمل ( نفس طاقم عمل: الندم )، مع تخفيض الأجور بنسبة ثلاثين من مئة. وهذا ما رفضه الليث بشكل قطعي. ولكن الشركة أصرت على التخفيض، فقرر الليث أن يدفع الفرق للجميع من جيبه.. بطء غير عادي في التعاقد مع الممثلين الذين اقترحهم المخرج.. لم يتم التعاقد مع أي ممثل على الإطلاق.. بطء شديد في التعاقد مع أصحاب المحال والبيوت التي هي لوكيشينات المسلسل.. لم يتم التعاقد مع أي أحد.. إطلاقاً.. والوقت يمضي.. لجأ الليث إليّ.. قابلت مدير الشركة عديد المرات.. كانت حجته في تبرير هذا البطء: الميزانية مرتفعة، وهي تفوق ميزانية ( الندم ) بنصف مليون دولار، وهذا المبلغ موزع على كتلتين: معدات التصوير، وأجور الممثلين.. ذهب مدير التصوير إلى مدير الشركة، وقال له بالحرف الواحد: أنا لا أطالب بأية معدات غير تلك التي استخدمناها في مسلسل الندم، فمن أين جاءت الزيادة التي تقدرونها بمئتي ألف دولار.؟ كل ما هنالك أنني طلبت بعض الإضاءة المخصصة للأماكن الضيقة والأسقف المنخفضة، والآن أقول إنني لم أعد أريدها، وسوف أتدبر أموري بما هو متوافر في مستودعاتكم.. اتصل بي مدير التصوير وأبلغني بما جرى.. اتصلت بمدير الشركة وقلتله: ليكنا خلصنا من الكتلة الأولى. قال: بقيت كتلة الممثلين. قلت: ما عم أفهم. بدك مسلسل بلا ممثلين؟ قال: أكيد لأ، بس خلي الأستاذ ليث يمارس نفوذه عليهم وينزلوا بأجورهم. قلت: الأستاذ ليث بيمون على الجميع حتى علي، والكل تنازل عن قسم من أجره، بمن فيهم أنا، وبمن فيهم الليث نفسه، وجميع الممثلين تنازلوا لأنهم متعطشين للشغل بهذا العمل. قال: ما بيكفي.. والوقت يمضي ويمضي.. في آخر لقاءاتنا، قلتله: يا أستاذ فراس، حاكيني بصراحة، بدكن تنتجوا العمل ولّا لأ.؟ قال : امهلني لبكرا بجاوبك.. وبكراقللي: امهلني يومين وبجاوبك.. وبقينا على هالحالة إلى أن خرجنا من الموسم.. الخميس اللي فات.. بالليل.. حكى معي ع الموبايل، وأعطاني الجواب النهائي: قررنا تأجيل العمل إلى الموسم القادم.. قلته: لا تستخدم صيغة الجمع، إنت اللي قررت وليس نحن، فأنا مثلاً لم أقرر، ومو بس هيك: أنا بدي ترجعلي ملكية النص اللي أخدتها مني، دون وجه حق. قال: أنا متمسك بالنص وإنت تنازلت عنه في لجنة صناعة السينما والتلفزيون لصالحنا.. الكلام اللي عم يحكيه السيد فراس حول تنازلي صحيح تماماً.. أنا تنازلت لأن هكذا تبدأ العملية الإنتاجية برمتها.. كل شيء يبدأ من تنازل الكاتب، وأنا كنت عم أشتغل على الثقة، والدليل إني ما تقاضيت منك أي مبلغ ولو كان ليرة سورية واحدة.. حالياً المعركة هون: استعادة النص. ما فيني أراهن على القضاء لأن توقيعي موجود على التنازل. هل باستطاعتي الرهان على الأخلاق في هذه الفوضى؟ لا شيء مضمون.سنرى. ممكن تسألوني: ليش صار هيك؟ ما عندي جواب قطعي، ولكن الأكيد هو إنه الشركة الآن بصدد إنتاج مسلسل ( شامي ) من اللي بيسموها ( بيئة ) من بطولة ممثلة لبنانية من ذوات الأجر العالي."