لم يكتب لقطار الصحافية السورية علا محمد (1981 ــــ 2016) أن يقطع مسافات طويلة في هذه الحياة. توقف عند المحطة الرابعة والثلاثين فجأة، بعدما أنهت مسيرته حادثة مفجعة يوم أمس. هكذا، رحلت الصحافية الشابة على طريق دمشق حمص بعد عودتها من بيروت أخيراً وأثناء طريقها لزيارة أهلها، ليتحول الفضاء الإفتراضي إلى خيمة عزاء واسعة حرصت على نعيها خاصة ممن عرفها من صحافين وصناع دراما.
الفتاة التي لم يذكر أحد أنّه قابلها من دون أن تكون الابتسامة العريضة تعلو محياها، كانت قد بدأت مسيرتها المهنية بعد تخرّجها من «جامعة دمشق- قسم الإعلام» في الصحافة المحلية ثم انتقلت للعمل في محطة «الدنيا» التلفزيونية كمعدة برامج، قبل أن تسهم في تأسيس شركة «كلاكيت للإنتاج الفني» وتتولى إدارة «القسم الإعلامي» في الشركة، وتعمل على مواكبة جميع مسلسلاتها. لذا كانت بطيبتها المعتادة تولّف علاقاتها مع زملائها الصحافيين، وترسل إليهم أخبار مسلسلات «كلاكيت» وتحرص على بلسمة الخلافات الكثيرة التي كانت تنشب بين صحافيين وإدراة هذه الشركة على وجه التحديد، من دون أن تتوان عن متابعة المقالات النقدية التي تكتب بحق مسلسلاتها أولاً بأول. بينما كانت تنتقل بين دمشق وبيروت وأبو ظبي، ظلّت تواظب على علاقتها بأهلها الذين تهجّروا إلى ضيعتهم في ريف حمص، تاركين بيتهم في «حي القدم الدمشقي» نتيجة اقتحام مسلحين متطرفين له، وتهديدهم بالذبح في مطلع الأزمة السورية.
كثيراً ما كانت علا تردد أمام صديقاتها وأصدقائها ممن هاجروا بعيداً عن بلادهم بسبب الحرب المستعرة، بأنها لا تحسدهم على حياتهم، وتردف معبرّة أمامهم عن خوفها من الغربة والبعد عن سوريا، دون أن تعلم أنها ستغادرها إلى الأبد ودون أن تطمئنّ على جراحها النازفة أو تعانق أهلها في وداع أخير!