2015/07/11
بوسطة- دراما رمضان 2015
محمد الأزن
"شهيرة" التي أوقعت "أبو عبدو" (أيمن رضا) صريعاً لخشخشة أساورها في "حارة المشرقة"، واستخدمت جمالها للأقصى لإيقاع الرجال في مصيدتها، انتقاماً لبراءةٍ انتهكها زوج أمّها، وأنوثةٍ ازدراها زوجها "عيد" (محمد حداقي).
"لمى" المرأة السوريّة التي تلمح بين مفردات حكايتها مأساة وطن "بانتظار الياسمين"؛ تفقد الزوج، والأمان، وتنزح إلى حديقة مع ولديها، تختطف ابنتها، وتجد نفسها ضحيّةً للاغتصاب على سرير الخاطف "أبو الشوق" (أيمن رضا)، وبينما كانت ذاهلةً عمّا حولها، نسيت ألمها لتحتضن ابنتها قبل انهيارٍ ستتداعى صوره بذاكرتها المثقلة بالألم كثيراً، فيما لا زال الأمل يراودها بخبر عن زوجها "تيم" (جوان خضر)، أملٌ يبقيها حيّةً رغم موت روحها، لأجل ولدٍ وبنتٍ تعيش لأجلهما.
و"بسيمة" السيّدة الشاميّة البسيطة في "حرائر" التي تتمرد على سلطة قوانين عصرها الذكوريّة، تعلّم ابنتيها، وترفض التفريط في حقّهم بإرث والداهم، وتقف بوجه أخو زوجها المتوفى "صبحي" (أيمن زيدان)، وابتزازهه، واستضاعفه لها، و رغبته بضمّها لحريمه.
ثلاثة وجوه، لنجمة سوريّةٍ واحدة في موسم دراما 2015؛ سلاف فواخرجي التي كان لغيابها عن الموسم الدرامي الفائت شعوراً يشابه الإحساس حيالَ الوقوف أمام لوحةٍ ناقصة، اكتملت هذا العام بحضورها، كممثلةٍ محترفة، وشريكةٍ قويّةٍ بالأداء، تدفع الممثلين قبالتها لمنح أقصى ما لديهم.
منذ سنوات طويلة آثرت فواخرجي أن يقتصر ظهورها التلفزيوني برمضان على عمل واحد، أو عملين بالحد الأقصى، لكن تقديمها لثلاثة أعمال هذا العام كسر القاعدة، حيث اتخذت قرار المشاركة بـ "حرائر" إلى جانب "بانتظار الياسمين"، بعد أن اطمئنت لقرار عرض "حارة المشرقة" خارج الموسم الرمضاني.
وكان دورها الجديد تماماً في مسيرتها، والذي ارتدت فيه رداء "السيدّة اللعوب"، واشتغالها على الدور بإبراز المبررات الإنسانية لمآل شخصيّة "شهيرة" وتلوين سلوكها بمفراداتٍ طريفة؛ الملمح الأهم بعملٍ غرقت معظم خطوطه بالثرثرة، وعانت من بطء الإيقاع، والأداء الباهت لمعظم الممثلين (يستثنى منهم أيمن رضا، وعبد المنعم عمايري، محمد حداقي، ومعتصم النهار)، ولكّن الرياح لم تأتِ بما اشتهت النجمة السوريّة، حينما أضّرت قناة "أبو ظبي- دراما" بدورها كثيراً، وحذفت من مشاهدها كيفما اتفق، حينما عرضته قبيل رمضان، ولم تكن إعادة العرض على تلفزيون "تلاقي" السوري خلال شهر الصوم، كفيلةً بإظهار الفرق، وسط زحمة العروض الرمضانية.
لكنّ متابعة تصاعد دور سلاف " لمى ... بانتظار الياسمين" والذي بلغ إحدى ذراه في مشهد الاغتصاب؛ كفيلٌ بانتزاع الإعجاب حدّ الدهشة، بإداءٍ يحبس الأنفاس، صادقٍ، وخالٍ من النزوع نحو الإثارة المفتعلة، وضجيج الصراخ، وبعيدٍ كل البعد عن ابتذال مشاهد السرير في أعمالٍ أخرى هذا الموسم، وإمعانها باستثارة امتعاض المشاهدين، ودفعهم للغثيان.
كذلك تعيد سلاف فواخرجي بدور "بسيمة" بطلة "حرائر" الاعتبار لصورة السيدّة الشاميّة، وفطريتّها، وبساطتها، وحسن تدبيرها، وقدرتها على اكتساب أسباب القوة من مجتمعها، لتكون "أخت رجال" بالمعنى الحقيقي لهذه العبارة، بعيداً عن صورة المرأة "الشاضومة" و"المغناج" ومناكفاتها التي أمعن صنّاع أعمال البيئة الدمشقية، في إعادة استنساخها، وترسيخها بأذهان المشاهدين خلال السنوات الماضية.
أداء فواخرجي لهذا الدور، يتركز على نصٍّ مختلف كتبته عنود الخالد استطاع أن يشكّل خرقاً لتلك الصورة النمطية البائسة، ويخرجه باسل الخطيب أحد شركاء نجاح النجمة السوريّة بأعمالٍ سينمائية، وتلفزيونية لا تنسى كـفيلم "مريم"، ومسلسل "حدث في دمشق".
ويسجّل لسلاف فواخرجي في دور "بسيمة"، عدم الركون لمواصفات النجاح الكثيرة المتوفرّة بمسلسل "حرائر"، واشتغالها على تقديم نكهةٍ ملائمة لهذه الشخصيّة على مستوى نبرة الصوت وضبط السلوك بحيث لا يخرق تمردّها صورة المرأة البسيطة المحافظة، وبراءة شكلها بما يعكس شفافيّة روحها.