2015/07/11
السفير - طارق العبد
لا يمرّ موسم رمضاني من دون أن يتجدّد السجال بين صناع المسلسلات والرقابة. وتجتمع رقابة الفضائيّات والرقابة الرسميّة على قصّ الأعمال، لتعرض بنسخة مبتورة ومشوّهة.
ولدى مقارنة حلقات العمل ذاته المعروضة على عدّة فضائيّات، يظهر أنّ الحذف يطال عدّة مسلسلات مصريّة وسوريّة. بعض القنوات العربيّة أعادت مونتاج المسلسلات بما يناسبها، وتقدّمت في هذا المجال «أبو ظبي» خصوصاً في أعمال الدراما السوريّة. فمنذ الأيّام الأولى لرمضان، قررت المحطة حذف مشاهد من «غداً نلتقي» (تأليف إياد أبو الشامات؛ إخراج رامي حنا) وتحديداً تلك التي تظهر فيها بطلة العمل كاريس بشار وهي ترقص. كما حذفت مشاهد تتضمن حوارات سياسية من مسلسل «العراب ـ نادي الشرق» (تأليف رافي وهبي ؛ إخراج حاتم علي)، إلى جانب لقطات «حميمة» تجمع بين سوزان (دانا مارديني) وحبيبها عمر (زياد برجي)، أو بين أبو عليا (جمال سليمان) وعشيقته جمانة (دارين حمزة).
الحالة ذاتها امتدّت إلى مسلسل «حرائر» (تأليف عنود الخالد؛ إخراج باسل الخطيب)، من خلال حذف «أبو ظبي» لمشاهدة ارتأت أنّها تخدش الحياء، وذلك ما طال أيضاً مسلسلاً آخر من بطولة سلاف فواخرجي هو «حارة المشرقة»، إذ امتدّ مقصّ القناة الإماراتيّة إلى عدّة مشاهد تظهر فيها شخصيّة شهيرة وهي تمارس غوايتها، بما يخدم السياق الدراميّ.
كذلك الأمر بالنسبة لقناة «سوريا دراما» التي حذفت عدة مشاهد من مسلسل «دنيا 2015» (تأليف أمل عرفة وسعيد حناوي؛ إخراج زهير قنوع) وخصوصاً في الحلقات التي تتعرّض فيها بطلة العمل للاعتقال، أو تلك التي تتحدّث فيها عن تركيا وروسيا.
كما عمدت «سوريا دراما» إلى حذف مشهد من «عناية مشددة» (تأليف علي وجيه ويامن الحجلي؛ إخراج أحمد إبراهيم الأحمد)، عن دفع مبلغ لإخراج معتقل من أحد السجون. العمل الذي تعرض لحصار الرقابة الرسمية في دمشق ثمّ أفرج عنه قبل رمضان، تلقى ضربة رقابيّة غريبة من قبل شاشة «أن بي أن» التي غيرت شارته من دون أن توضح سبب الخطوة.
على الجانب المصري، شكّلت القنوات الرسميّة رأس حربة في اقتطاع المسلسلات. واتهم مخرج مسلسل «بين السرايات» سامح عبد العزيز قناة «نايل دراما» بتشويه عمله، وأشار إلى حذفها مشهداً لحوار بين الممثّلَيْن سيمون ومحمود حافظ حول عبارة «حرمة»، ومشهد آخر يتضمّن حواراً حول تركيا.
لم يكن «بين السرايات» العمل الوحيد الذي خضع لمزاجية التلفزيون المصري، إذ تعرّض مسلسل «ظرف أسود» للأمر عينه وتحديداً في مشاهد تُظهِر رجل شرطة فاسدا يمرّر معاملات غير قانونية، ما دفع مخرجه وكاتبه أحمد مدحت للطلب من المشاهدين متابعة العمل على قنوات أخرى.
المصير نفسه يلاقيه مسلسل «تحت السيطرة» (تأليف مريم نعوم؛ إخراج تامر محسن) إذ عمد التلفزيون المصري إلى قص لقطات عن استخدام حقن المخدرات التي تعد محور العمل الأساسي، بالإضافة لمشاهد عن حفلات خاصة يلتقي فيها عدد من الشبان ويتعاطون العقاقير المخدرة... وكما كان متوقعاً لإثارته جدلاً واسعاً فقد حذف التلفزيون الرسمي عدة مشاهد من «حارة اليهود» (تأليف مدحت العدل؛ إخراج محمد العدل).
ولكن ما هي معايير الرقابة في التصرف بمضمون أي عمل؟ تبدو الحالة في مصر أو سوريا متشابهة نوعاً ما، إذ يقبل أو يرفض المسلسل أولاً من لجنة قرّاء تابعة لجهاز الرقابة أو المصنّفات الفنيّة، وفي حال الموافقة يصوّر جزء من المشاهد ويرسل للجهاز ذاته ليعطي موافقته من جديد. وهنا ينتقل المقصّ إلى يد الفضائيات التي تحذف وتعيد المونتاج بطريقة اعتباطيّة.
واللافت أن غالبية العاملين في مجال الدراما يؤكدون أن لا قواعد أو آليات تنظم عمل الرقابة فهي تتلقى تعليماتها من «جهات عليا» لحظر عرض شخصيّات أو ممثلين محدّدين، أو إعادة المونتاج فيما بات غالب الكتاب والمنتجين يتجنبون طرح قضايا شائكة للمرة الأولى تخوفاً من قرار الرفض.