2015/03/04

سمر سامي و نجاح سفكوني من مسلسل "شهر زمان"
سمر سامي و نجاح سفكوني من مسلسل "شهر زمان"
الأخبار - وسام كنعان

يليق بالمخرج السوري زهير قنوع تسميته بـ «الدينمو» فحيوته ليس لها حدود، ولا يمكنه الاستكانة إلى ظرف طارئ أو وضع متأزم. يعرف كيف يخلق لنفسه فرصاً من العدم، ويبدي استعداده لمحاربة طواحين الهواء حتى ينجز مشروعاً. إلى جانب ذلك، يتمتع بملكة التسويق الفعال لنفسه ولمسلسلاته. طاقة هائلة متنقلة. هكذا، يمكن وصفه إلى جانب أنه لا يلتفت إلى حجم الانتقادات والغارات الهجومية المتلاحقة ضده والمحقة أحياناً، ولا حتى إلى التهم بأنّه يجرب بعبثية مفرطة من غير دراسة أو عناية.

كتب لصاحب «وشاء الهوى» أن يكون أول الواصلين لموسم 2015 بمسلسله الجديد «شهر زمان». بعد إنجاز نصه بنفسه، تولت «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» بالتعاون مع شركة «قبنض» إنتاجه، لتباشر قبل أيام قناة «mbc دراما المشفرة» بعرضه. وسرعان ما تلقفته المواقع الإلكترونية الفنية، فسجّلت الحلقات وأعادت بثها من جديد عبر صفحاتها. لكن الجهة المنتجة لاحقت تلك المواقع السورية بعدما حققت الحلقات الأولى من المسلسل آلاف المشاهدات، وطلبت بشكل علني من تلك المواقع عبر صفحتها بالقول: «يرجى من المواقع إيقاف البث لمسلسل "شهر زمان" لأن ملكيته تعود إلى المؤسسة العامة للانتاج التلفزيوني والاذاعي أو يرجى إظهار السند القانوني الذي يخولكم حق عرضه. وفي حال عدم التوقف عن بثه، ستتعرضون للمساءلة القانونية، وبالتالي ستتحملون التبعات الناجمة عن ذلك». طبعاً لأن ذلك قد يقلل من حظوظ تسويقه مرة جديدة على المحطات المفتوحة، لكن تلك المواقع على رأسها «ميديا توب» لم تتوقف عن العرض ربما لغياب التطبيق الصارم في القضايا الالكترونية وعدم وجود قانون واضح يحمي تسريب المنتج الفني عبر قنوات اليوتيوب.
على أي حال، يمكن القول بأنّ المسلسل هو سلعة سورية خالصة يبث أصحابها رسالة مفادها أن الصناعة الوطنية الأكثر رواجاً في العالم العربي لا تزال بخير، ولا يزال بعض صناعها قادرين على التصدي للواقع المأزوم الذي يعيشونه، ويمكنهم ببراعة مدهشة ترجمة الصفيح الساخن وهو يحترق على نار الحرب إلى رواية تلفزيونية تحاكي الواقع بهدوء وبمعافاة تامة من الانفعال والتطرف. في الحلقات الثلاث الأولى من «شهر زمان»، نحن أمام نماذج سورية بأبعادها الحقيقية، بما فيها من سلبية وإيجابية لأشخاص قرروا التشبث بالبلاد رغم المحن. نتابع قصة جوري (ديمة قندلفت) وقرارها الطلاق من الليلة الأولى لأنها لمحت في زوجها (وائل رمضان) سادية مفرطة. وشاءت المصادفة أن تخطئ بأخذ حاسبه المحمول لتكتشف أنه ممن تاجروا بالدم السوري فتقرر الهرب حتى لا تكشف الحقيقة لأهلها بينما يتوه الطبيب (عباس النوري) في مواجهة غليان الأحداث من جهة وتخبطاته العاطفية من جهة أخرى. ونشاهد من زاوية أخرى أمثلة حية عمن استسلم للظرف الراهن، وجلس يتحسر منتظراً انتهاء الأزمة، وعمن اصطاد طاقة إيجابية حتى من رائحة البارود وقرر الإنهماك في حياته، والتركيز على مستقبله، إضافة إلى بداية طرح خط يغوص في عمق أحلام شابة تأمل صناعة سينما تسجيلية علّها توثق للأحداث. كل ذلك أعطى ملامح نجاح بالتقاط روح المدينة وهي تقبع تحت سطوة الحرب، وصياغة شخوص حقيقية على شاكلة عمل درامي بقدر ما يحمله من متعة وتسلية بقدر ما يشتبك مباشرة بالواقع الجديد. لكن لم يتب قنوع عن محاولة اختبار قدرات فنية بالهروب من اللقطات التلفزيونية التقليدية، ومحاولة ابتكار لقطة فنية جديدة تشبه السينما، مرت دون فائدة واضحة بسبب التباين الكبير بين عناصر السينما والتلفزيون، وبدت الزوايا والكوادر الغريبة، والإضاءة المعتمة مجرد بهرجة لا طائل منها. أكثر ما يحسب له هو إعادة سمر سامي إلى الشاشة. النجمة القديرة تعطي ضمن الحدود المتاحة لدورها هنا دروساً في ثبات الممثل وحضوره بما يخدم شخصيته.