عدّتُ للمسرح من جديد في هذه السنة...ربى الحلبي لـ«الوطن»: صوتي عريض نادر الوجود لدى الفتيات
الوطن - عامر فؤاد عامر
تهتم كثيراً بتفاصيل أيّ شخصيّة قبل إعلان الموافقة عليها، وبينها وبين المسرح قصّة من العشق والتجدد، ولحالتها الفنيّة ميزة خاصّة أيضاً من خلال خامة صوت نادرة مثيرة للاستغراب، وتعمل اليوم على موازنة حضورها بين مهنتها في التمثيل وبين حضور صوتها الجميل، وبالعودة لمفاصل مهمّة من حياة الفنانة «ربى الحلبي» نقرأ المزيد في حوارنا معها في صحيفة «الوطن».
بين الصوت الجميل وخصوصيّة الأداء كانت افتتاحية الحديث التي تدلّنا على مفاجآت الحياة وقرارات «ربى الحلبي» الغريبة، والتي جاءت منسجمة مع إحساسها العالي، فتقول ربى: «شغفي للحالة الفنيّة قديم، لكنّه ارتبط في المراحل الأولى مع الغناء إذ وجدت نفسي مع الأغنية، والأداء بين أهلي وأقاربي، وحتى أثناء مراحل الدراسة، وكنت أردّد الأغاني الأصيلة لمطربي الجيل القديم، لكن لدخولي للمعهد العالي للفنون المسرحيّة حكاية أخرى مختلفة، فأنا لم أحلم كلّ تلك الفترات بدخول المعهد أو عالم التمثيل بوجهٍ عام، فبعد نيلي الشهادة الثانوية رتبت أموري للتسجيل في المعهد العالي للموسيقا في دمشق، وبينما كنت أراقب الناس في المعهد، وخصوصاً المتقدّمين الجدد لجميع أقسام المعهد العالي، لفتني كثيراً الحالة التي يعيشها المتقدّمون لقسم التمثيل، وفي هذه اللحظة بالتحديد وُلدّت الرغبة لدي وبقوة بأنّه يجب عليّ أن أسجّل في قسم التمثيل، والذي يحتاج طبعاً لامتحان أمام لجنة مؤلفة من خبراء وأساتذة في التمثيل والمسرح، إضافة للعدد الكبير من المتقدّمين، والعدد القليل الذين يتمّ قبولهم في النهاية، وإلى ما هنالك من مقارناتٍ وحساباتٍ كثيرة، وفعلاً وجدت نفسي مُنساقة لتحضير نفسي لهذا الامتحان الصعب بالتحديد، فاقتنيت من المكتبة مجموعة مسرحيّات لقراءتها واختيار المناسب منها لشخصيّتي والتدرب عليها لتكون هي ما سأقدّمه أمام اللجنة الفاحصة، وقد اخترت شخصيّة «هاملت» حينها، وبحثت عن معهد لمنحي بعض التدريبات المختصّة بالممثل، على الرغم من ضيق الوقت إذ لم يبقَ سوى أيام قليلة لموعد الامتحان». وتتابع الفنانة «ربى الحلبي» حديثها في وصولها للامتحان ونتيجته، وشيئاً من الذكرى أمام اللجنة الفاحصة: «ومرّت الأيام بسرعة بعدها ووجدت نفسي أمام اللجنة أقنعهم بما أقدّم وبما أديته، فكانت ردّة فعل أعضاء اللجنة غريبة، وقالوا حينها إنني أحمل من الفطرة الكثير، ووجّهوا لي سؤالاً مغزاه لماذا قدّمتِ بهذا الشكل؟ فأجبتهم بأنّني رأيت الفنان «جهاد سعد» في التلفزيون يؤدّي هكذا، بعدها اشتغلت الوورك شوب لتكون النتيجة في النهاية بأن اسمي من بين المقبولين للدخول إلى المعهد».
عناوين سريعة في الدراسة
لمرحلة الدراسة جمالها ومحبّتها في قلب الفنانة «ربى الحلبي»: «سنوات الدراسة الأربع كانت مهمّة جداً بالنسبة لي، وقد حاولت أن أستفيد من كلّ لحظة أمضيتها في أجواء الدراسة والعمل والمشاريع والتجارب، وقد كنت لحوحة في أسئلتي وأحاول الاستفادة من كلّ ما هو متاح لي ولطلاب دفعتي، وقد كان إيقاع السنتين الأولى والثانية غنيّاً جداً بالمعلومات، فيهما غزارة في التعلّم ولكن كان هناك إيقاع ثابت في السنتين الثالثة والرابعة، فلم تحملا الغنى المتوقع بالنسبة لي».
بين ممثلة ومغنية
نعود لموهبة الصوت والتي لم تهملها الحياة في مسيرة ربى الفنيّة، وهي حكاية مختلفة عن عالم التمثيل، ويبدو أنها مسار يتجدد معها إلى يومنا هذا: «كلّ تلك السنوات لم يشر أحد إلى صوتي، وأحد لم يكشف عن ميزته إلا في المعهد العالي على الرغم من غنائي الدائم»، كما أشرت سابقاً وتشجيع والدتي لي طبعاً، لكن في المعهد العالي كان الأمر مختلفاً فقد أشار أحدهم إليّ بأنّني أمتلك خامة صوت جميلة وأنّ صوتي يحمل طبقة عريضة، وأذكر بأنّني توجهت إلى الأستاذ باسل صالح، الذي قال لي حينها بأنّي أمتلك صوت «ألتو» وهو نادر الوجود لدى الفتيات، فشجعني وقال بأنّي أغني الطرب وألواناً كثيرة وفعلاً بدأت ألمس غرابة صوتي وجماليته، وفجأة اكتشفت بصورة حقيقية ربى المطربة، ومنذ ذلك الحين بدأت التدرب على خشبة المسرح فأغني باللغة الكردية حيناً وبالعربية أيضاً وكنت استخدم خامة صوتي لدعم موهبتي في التمثيل، فقد علمني التمثيل الوقوف على خشبة المسرح والتعبير عن نفسي دون خوف، بالتالي وجدت نفسي ممثلة مغنية، ومؤخراً سجّلت أغنية المقدمة لمسلسل «شهر زمان» للمخرج «زهير قنوع» والذي سيعرض في شهر رمضان المقبل.
المسرح ومناقشة الشخصيّة
لربى إشادات كثيرة من أساتذتها في حضورها على خشبة المسرح منذ كانت طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحيّة، ويبدو أن حبّ المسرح وسحره لهما وقعٌ خاصّ في قلبها فتقول: «في السنة الأولى بعد التخرج شاركت في مسرحيّة «منحنى خطر» من إخراج «عروة العربي»، وفي العام الثاني كانت «المرود والمكحلة» من إخراج «عدنان العودة»، فالمسرح أحبّه وهو ما يشعرني بالفرح في الحياة، فأرى نفسي موجودة بصورة حقيقيّة، وحرّة ولا شيء في الدنيا يتوقف. في حين في الطرف الآخر من الحياة المهنيّة هناك أمور لا بدّ من الأخذ بها كضرورة مراعاة مشاعر ورغبات الآخرين مثلاً، بالتالي كلّ العفويّة التي عشتها في المعهد يتمّ القضاء عليها في الحياة المهنية. جاءتني بعدها عروض كثيرة ولكن لم أوافق عليها، فإذا لم يكن العرض متناسباً مع ما أريد فلن أوافق أبداً، فأنا أراهن على النجاح كثيراً ولا أستطيع الموافقة على أي شيء، وإن لم أعشق الشخصيّة فلن أتمكن من تأديتها، وأنا من النوع الذي يعيش التفاصيل بشدّة، فأتذكرها في كلّ لحظات يومي وأينما، وبذلك أشعر أنني أحيا حياة التمثيل كإنسان ومهنيّة في هذا الميدان، وبالتالي فإن لم أقتنع بالشخصيّة على الورق فلن أتمكن من قبولها مطلقاً، وسأجد نفسي غير صادقة، ولن أنجح في تأديتها، ولهذا أرفض فوراً قبل التورط في أي وعد. لذلك عندما أدخل مسرح الحمرا اليوم أتذكر كلّ مشهد، وأين قلت كلّ كلمة فيه، وكيف نطقتها، وحوارات الأشخاص معي، والدموع تملأ عينيَّ. وفي هذه السنة عدّت للمسرح من جديد من خلال مسرحية نبوءة للمخرج «سامر عمران» والتي قدمناها كعرض أول في دمشق القديمة في حمام السوق مقابل مقهى النوفرة، واليوم سنسعى لعرضها في المحافظات السورية».
التجربة مع الليث حجو
تميّزت الفنانة «ربى الحلبي» في أدائها لشخصيّة «ندى» في مسلسل الخربة للمخرج «الليث حجو» وعن تجربتها معه تعلّق: «هو مثال المخرج المجتهد مهنيّاً وأخلاقيّاً، وهو فنّان حقيقي لا مجاملات لديه لأي شخص كان، وبعد تجربتي معه شعرت بأنّه لا يمكنني أن أجسّد دوراً بأقلّ مما قدّمته في مسلسل الخربة، وأعتقد بأن دافعي في ذلك هو هذه التجربة المميزة الذي وضعني فيها «الليث حجو».
السينما
للسينما وقعٌ مميز لدى «ربى الحلبي» فهي مهتمّة كثيراً بعدم إهمال أيّ فرصة في السينما على قلّتها مع المحافظة على السياق نفسه في اختيار ما يلائم المسار الذي اعتمدته، فتقول: «هناك تجربة شبابيّة لفيلم بعنوان «الحاسة الثانية» مع المخرج «أحمد درويش» وتأليف «أحمد قصّار»، وهي تجربة ممتعة جداً والفيلم من بطولتي وبطولة الفنان «أيمن عبد السلام». ولدي دور مع المخرج «محمد عبد العزيز» في فيلمه « الرابعة بتوقيت الفردوس» والعمل بطولة جماعيّة وفيه وجوهٌ كثيرة، وكانت شخصيّتي تجسّد الحبيبة التي تجادل حبيبها أثناء طريق سفرهما، أمّا تجربتي الثالثة فكانت مع المخرج «جود سعيد» في فيلم «بانتظار الخريف»، وكان دوري فيه الصحفيّة التي تمتلك آراء مستقلة، واليوم أنا بصدد مناقشة شخصيّة جديدة في فيلم سينمائي جديد والأمور معلّقة بين رفض وقبول فلست مقتنعة تماماً من أهمية هذا الدور الجديد».
شكل الشخصيّة... وغادة السمّان
لدى سؤالنا لربى عن شكل وظروف الشخصيّة التي تحلم بها وتريد تأديتها أجابت: «لا اسم لشخصيّة محدّدة، ولكن الشخصيّة المركبة هي ما يلفت انتباهي، وهي التي أحبّ تجسيدها، وأنا أميل للشخصيّة القويّة ولا أهتم للشخصيّة المكسورة، وأحبّ الرموز الواضحة كأن تكون قياديّة، فمثلاً تستميلني شخصيّة الكاتبة السوريّة «غادة السمّان»، ومؤخراً أنا أقرأ من أعمالها، ومعجبة جداً بهذه الكاتبة وفخورة برسالتها.