2015/02/10
«بناء المدينة الفاضلة لا يندرج ضمن مهمات الدراما، بل علينا خلق المتعة أوّلاً، وربما الحديث عن الحبّ هذه الأيام هو جوهر القضية، وخصوصاً أنّه لو كان الحب سائداً في مجتمعاتنا لما وصلنا إلى هنا، كما أنّ علاقة المرأة بالرجل هي العمود الفقري لأيّ مجتمع، وهي ليست سطحية أبداً. أما إذا كانت مهمتها التوثيق، فإنّنا بحاجة إلى وقت طويل، فتضميد الجروح يحتاج إلى سنوات».
بهذه الجمل الواضحة استبقت المخرجة السورية رشا شربتجي في حديث سابق مع «الأخبار» أي حالة نقدية قد تلاحق مسلسلها «علاقات خاصة» (كتابة نور الشيشكلي) لكونه يقدّم حالة انفصام كليّ عن الواقع، ويطرح قصص حب من دون الالتفات كلياً إلى اللهيب الذي يتآكل العالم العربي (الأخبار 27/9/2014). بعد مرور نحو أسبوع على بدء عرض العمل على قناة «osn يا هلا» وقريباً على lbci، بدا الردّ الاستباقي منطقياً إلى حدّ كبير، لأننا أمام عمل يطرح مشكلة اختلاف الأديان ورفض المجتمع الزواج المختلط. كذلك، يدخل المسلسل إلى العالم الخفيّ في حياة المشاهير وصانعيهم، وأصحاب اليد الطولى في قراراتهم، كما يرصد حالات مختلفة من الحبّ والزواج غير التقليدي.
بدأ القصة بمحاولة واهية لمايا (ديمة قندلفت) للانتحار، بعدما تناولت زهاء 20 حبة دواء، وهربت من منزلها لأن أهلها يريدون تزويجها بابن خالتها لكونهم يخشون ارتباطها بشخص غير مسيحي. كتبت مايا رقم هاتف حبيبها على يدها وذهبت بقدميها إلى المستشفى. وحال وصولها، يجري تبليغ حبيبها تيم (باسم ياخور)، فيسارع إلى المستشفى ويقرّران الزواج على جناح السرعة والهرب إلى بيروت. نكتشف لاحقاً أنّ تيم فرّ ليلة زفافه من ابنة خالته (رنا شميس) التي لقيت نصيباً وافراً من الضرب على يد والدها (عبد الهادي الصباغ)، ثم قرّرت إحراق نفسها بفستان الزفاف. تنتقل الكاميرا إلى بيروت لترصد لنا ثلاثة أعراس: الأول للمغنية (ميرفا القاضي) من مدير أعمالها جو (ماجد المصري)، الذي كان مسؤولاً عن نجاحها وشهرتها، وعن كل سلوك صغير في حياتها. أما الزواج الثاني، فيكون لشاب قرّر الارتباط بشقيقة زوج حبيبته، وقد أقيم الزفافان في يوم ومكان واحدين. كذلك نتابع شاباً مصرياً هو حسام (أحمد زاهر) وزواجه الثاني (من صفاء سلطان) مصطحباً ابنه الصغير للإقامة في بيروت من أجل عمله.
خمس حلقات من المسلسل تكفي لملاحظة الفجوة الحاصلة، وخصوصاً في التركيبة الغريبة من الجنسيات العربية والخليط المتعب من اللهجات، وغياب الروح الواحدة والتشويق اللازم عن العمل. هكذا، تبدو النكهة السورية طاغية على القصة. كذلك، تميّز الممثلون السوريون بأدائهم عن بقية زملائهم، لكننا نجد أنفسنا أمام خليط غير مبرّر لتلك الشخصيات اللبنانية والمصرية التي أسهمت في خلخلة حضورها حالة الاستعراض والمبالغة التي تطغى على أداء بعض الممثلين المصريين واللبنانيين. ويبدو أن النصّ الطويل قد بنى قصصه على أرضية هشّة، إذ لم يعد المواطن العربي يسمع عن فتاة تحرق نفسها لأن خطيبها تخلّف عن ليلة الزفاف. أما فكرة أن تحبس الفتاة نفسها كما فعلت مايا، ثم تهرب سرّاً من بيت أهلها، فقد صارت موضة قديمة ربما كانت تناسب فترة التسعينيات من القرن الماضي. كذلك يبدو غريباً جداً هذا الاستسلام الكلي الذي تستكين له المغنية المشهورة لمدير أعمالها، إلى درجة أنها لا تجرؤ على الخروج من منزلها إذا لم يسمح لها هو بذلك.
برغم أن طبخة «علاقات خاصة» نضجت على نار هادئة ومتأنيّة، وهي ميزة كل ما تقدمه رشا شربتجي، لا تبشّر الحلقات الخمس الأولى بأن العمل سيحقّق هدفه الأساسي، بتقديم جرعة ثرثرة مسلية، وربما لن يتمكّن من جذب الجمهور على مدار ستين حلقة.