2014/07/03
روز سليمان – السفير
يتذكّر المشاهدون أدهم الملا في دور حارس الحارة، وهو يصرخ قائلاً: «قرّبت»، في معظم مشاهده في مسلسل «باب الحارة». الممثل السوري الكبير، رحل صباح أمس، عن 82 عاماً، أمضى أغلبها في العمل ومواقع التصوير. فارق الملا الحياة إثر نوبة تنفسية حادّة، بعد سنتين من تعرضه لمرض عضال أقعده عن العمل في العام 2010، لتكون شخصية أبو محمود في باب الحارة، الشخصية الأخيرة التي أدّاها قبل وفاته. وسيشيّع جثمان الراحل اليوم الخميس عقب صلاة الظهر من جامع الملا قاسم بركن الدين كيكية، ويوارى الثرى في مقبرة السبيل في ساحة شمدين.
لم يختر أدهم الملا مكاناً يرتاح فيه وله، إلا على الشاشة، حيث واظب على العمل ممثلاً «عصامياً وملتزماً بالمواعيد». ولد الملا في بعلبك العام 1932، وعاش طفولته في اللاذقية، ثم انتقل إلى دمشق وسكن في حي القنوات في دمشق القديمة، ثم في منطقة ركن الدين زقاق الكيكية، فأحب الناس بساطته وحواره الظريف.
عُرِف الراحل بتأدية أدوار مهمة في أعمال البيئة الشامية منذ السبعينيات، ما مكّنه من إثبات حضور لافت على الساحة الفنية. شارك في عدّة أعمال نالت شعبيّة واسعة، منها فيلم «غابة الذئاب» لمحمد شاهين (1977)، ومسلسلات «نساء بلا أجنحة» لمأمون البنّي (1987)، ومسلسل «أيام شامية» بدور أبو خالد في عمل من إخراج ابنه بسام الملا (1992)، و«صلاح الدين الأيوبي» لحاتم علي (2001)، و«حمام القيشاني 4» بدور أبو زكي لهاني الروماني (2001)، و«ليالي الصالحية» لبسام الملا (2004)، ومن ثمّ مشاركته في الأجزاء الأول والثاني والثالث والرابع والخامس من مسلسل «باب الحارة» من إخراج ابنه أيضاً.
بدأ الراحل حياته المهنيّة في «الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون» منذ العام 1965، من خلال مشاركاته في أداء أدوار الشخصيات الطيبة والودودة، المعتمدة على الظرافة وخفة الظل. من ثم توالت الأعمال مع معظم المخرجين في القطاعين العام والخاص، منهم علاء الدين كوكش، وغسان جبري، وخلدون المالح، وفردوس أتاسي، وهاني الروماني، ويوسف رزق، ورياض ديار بكرلي، ومحمد زاهر سليمان ومحمد الزرزوري، وغيرهم. عاش أدهم الملا حياته عاشقاً لعبق الياسمين الدمشقي، والأصالة المستوطنة في قلب الحارة الدمشقية القديمة. لم يعرف في حياته سوى العمل مقروناً بالحب والتضحية، وأسس أسرة فنيّة مع أولاده المخرجين بسام ومؤمن الملا، والفنان بشار الملا.
ينضمّ الملا برحيله إلى قافلة من الممثلين والفنانين السوريين الذين غادرونا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ومع رحيل كل منهم نتذكّر من سبقه، خالد تاجا (74 عاماً)، وصبحي الرفاعي (67 عاماً)، ومحمد شيخ نجيب (59 عاماً)، وطلحت حمدي (71 عاماً)، وحسن دكاك (55 عاماً)، ونضال سيجري (48 عاماً)، وياسين بقوش (75 عاماً)، ومحمد رافع (30 عاماً)، وسليم كلاس (77 عاماً)، وعبد الرحمن آل رشي (83 عاماً).. وكلّهم وجوه كان لحضورها شعاع رسم البهجة في منازل السوريين.
فنانون كثر نعوا الممثل الراحل، ومنهم جمال سليمان الذي كتب على «فايسبوك»: «لقد كان الأستاذ أدهم مثالاً للإنسان المكافح الدؤوب المحبّ، المستعجل دوما لإنجاز ما وراءه من عمل، فكان يرمي نكاته وتعليقاته الذكية والطريفة، من دون أن يضيع الوقت بانتظار ردود أفعالنا».