2014/05/10
ريتا ابراهيم فريد – السفير
تحوّل «فيلم داعش» (15 د.) إلى حديث مواقع التواصل في السعوديّة، بعد أيّام على تحميله على «يوتيوب». يحمل العمل توقيع المخرج عبد الرحمن عايل الذي عرّفت عنه قناة «العربيّة» بـ«أحد المشاركين في ما عرف سابقاً بالجهاد في العراق، إبان الاحتلال الأميركي، قبل أن يعود إلى السعوديّة ويتحوّل إلى صناعة الأفلام». نشر الشريط عبر قناة الشركة المنتجة له «المحتوى الكامل» على «يوتيوب» في 2 أيار/ مايو الحالي، مع إشارة إلى أنّه «يحتوي مشاهدة غير مناسبة لغير البالغين»، وقد تمّت مشاهدته حتى الآن أكثر من 81 ألف مرّة. ولفتت «العربيّة» في فقرة خاصّة عن الفيلم إلى أنّ عايل يتعرّض لتهديدات بالقتل من قبل داعمي التنظيم.
يطلب صانعو العمل من المشاهدين مشاركتهم التعليقات حوله عبر وسم «فيلم داعش». وعبر هذا الوسم، انقسم المغردون بين من أيّد الشريط، واعتبره «رسالة مهمة لتوعية الشباب»، وبين من رأى «أنه فاشل ومسيء إلى بعض الشيوخ السعوديين».
وقبل أيّام استضافت قناة «العربيّة» مخرج الفيلم، وأضاءت على تفاصيل تجربته. يأتي ذلك في إطار خطّ تحريري تعتمده القناة منذ أشهر، لتحميل «داعش» مسؤولية العمليّات الإرهابيّة في سوريا، وتلميع صورة التنظيمات المتطرّفة الأخرى. يقول صاحب الشريط في لقائه مع «العربيّة» إنّ العمل محاولة للإضاءة على مساوئ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، كنوع من تحذير الشباب، وردعهم عن الالتحاق به، أو حتى الذهاب إلى سوريا للجهاد. وتعقيباً على كلامه، استضافت القناة في الفقرة ذاتها طبيباً نفسياً للتعليق على تجربة المجاهد السابق، والحديث على ضرورة احتضان المجتمع السعوديّ للشباب المغرّر بهم.
يسرد الفيلم تجربة شاب سعوديّ، يدعى عبيد الله، تعتقله «داعش» في منطقة دير الزور في سوريا. يتابع الفيلم القصير في مشاهده الأولى، مراحل تحقيق عناصر التنظيم مع الشاب، بتهمة أنّه «مرسل من المباحث للتجسس وإعطائهم أسماء المجاهدين». ينفي عبيد الله تهمة انتمائه للمخابرات، مؤكداً «للقاضي» أنّه «مرسل من الشيخ أبو الزبير في الرياض ليناصر المجاهدين في سوريا». لا تقنع حجة الشاب المسلحين، فينفذون فيه حكم الإعدام نحراً، وسط صيحات التكبير. ثم تنتقل أحداث الفيلم من سوريا إلى السعودية، وتحديداً لحظة تلقي والد عبيد الله اتصالاً يتبلّغ فيه خبر وفاته. لاحقاً تزور روح الابن منزل أهله، ليجدهم في حالة حزن شديد، فيطلب منهم السماح مشيراً إلى أنه لم يكن يعرف أن هذه ستكون النهاية. ثم تنتقل الروح إلى مكتب الشيخ «أبو الزبير» الذي كان قد أرسل عبيد الله إلى سوريا، فإذا به يتلقى أموالاً من أحد المتبرعين باعتبار أنه سيخصصها لمساعدة المجاهدين، لكنّه يبذّرها على تسديد فواتيره. يفتقر الفيلم إلى العناصر التي تجعل منه عملاً فنياً متكاملاً، إذ إنّه أشبه بفيلم دعائي رديء المستوى، لا يبتعد في طرحه عن إعلانات حملة «الإرهاب أنا ضدّه» التي أطلقتها السعوديّة قبل أعوام.
بعض روّاد مواقع التواصل، وضع «فيلم داعش» في إطار الحملات التي أطلقها إعلاميون سعوديون، للمطالبة بردع الشيوخ «المغرّرين بالشباب للقتال في سوريا». تساؤلات عدّة تطرح حول هذا الشريط على مواقع التواصل، خصوصاً أنّ استضافة «العربيّة» لصانعه تعني مباركةً شبه رسميّة لخطابه. فهل يهدف الشريط إلى تحذير الشباب وتوعيتهم فقط، أم أن هناك حسابات سياسيّة أخرى تندرج ضمن سياق محاربة المملكة لتنظيم «داعش»، ودعمها لتنظيمات أخرى، تنضوي تحت لواء «الجبهة الإسلاميّة»؟ بعض المغرّدين رأى في الشريط استكمالاً للقرار الذي كانت قد اصدرته السعودية منذ فترة، ويقضي بتجريم كلّ من يذهب للقتال في سوريا واعتبار تنظيمات «داعش» و«النصرة» وما يشابههما من تنظيمات إرهابية، كنوع من الدعم لـ«الجيش السوري الحر» باعتباره المعارضة المعتدلة للنظام. مغرّدون آخرون من داعمي «داعش» أمطروا صانع الفيلم بالشتائم، معتبرين صانعيه من «الأرذال». وكتب أحدهم: «اكذبوا وشوّهوا صورتنا وافتروا، (دولة العراق والشام) باقية وتتمدّد». وأضاف آخر: «اللهم اهد المسلمين ليحبونا كما نحبّهم».