2014/05/06
سناء هاشم – تشرين
عبر عدسة كاميرته انهمر نجوم كثيرون ومن جرأة نصوصه ولدت صناعة الدراما السورية..له عالمه الخاص.. والتجديد ناموس لأعماله.. فمسلسلاته الأولى أطلقت معنى تجديدياً للدراما العربية، لكن الإبهار الذي رافقها منع عنها ما يلاقيه الجديد عادة من رفض بين الأوساط التقليدية..
اعتبر عن جدارة «أبو الدراما السورية».. وذهب كثيرون إلى وصفه بـ «غوغول» الذي أخرج من معطفه ألواناً وشخصيات ومعاني مختلفة لكل عناصر الكادر من صورة ونص، وصولاً إلى ما وراء الصورة حيث رفع من الذائقة الفنية وسار بها إلى آفاق جديدة لم يعهدها قبلاً، ولم يعد يقبل بأقل منها تالياً في فلمه السينمائي العالمي «ملك الرمال».. «تشرين» كان لها اللقاء التالي مع المخرج السوري نجدة إسماعيل انزور:
• لنبدأ من اليوم، فها نحن ندخل مرحلة الانتخابات الرئاسية المزمع إقامتها في 3 حزيران القادم... كيف تنظرون إلى هذا الاستحقاق في سياق التطورات التي شهدتها البلاد بعد صدور دستور وقوانين أحزاب وانتخابات جديدة.. وما انعكاسها على الحياة الديمقراطية في سورية؟
• • من واجب جميع المواطنين السوريين ممارسة حقهم الديمقراطي في اختيار رئيس جديد لبلادهم من دون أي تدّخل من أي جهة في العالم.. وهذا حق سيادي مكفول لجميع شعوب العالم، وفي هذه المرحلة بالذات يدرك المواطن السوري بحسه السليم ووطنيته المشهود لها أن قوى العدوان الخارجي على سورية تريد إحداث فراغ في منصب الرئاسة وتالياً إسقاط المؤسسات الدستورية السورية واحدة وراء الأخرى.. ولذلك، يدرك السوريون أن معركة الرئاسة الآن هي جزء لا يتجزأ من معركة الحرية والكرامة والسيادة والديمقراطية التي أجمعوا عليها ودفعوا في سبيلها الدم الغالي من دون تردد.
أولئك المرتزقة
• رغم المزاعم الغربية وبعض «الخليجية» عن الديمقراطية في سورية، فإن هؤلاء يرفضون -من حيث المبدأ- إجراء أول انتخابات تعددية في تاريخ سورية الحديث بكفالة دستورية.. كيف تقيمون تلك المواقف وأسبابها، ولاسيما بعض دول الخليج الذي تعلمون- شخصياً ومهنياً- الكثير عن واقعه السياسي؟
• • عودنا المعتدون على سورية على ازدواجية المعايير، فقد ادعوا ومنذ ثلاث سنوات أنهم يساندون ما يسمى «الثورة السورية» من أجل الاختيار الحر الديمقراطي للمؤسسات التمثيلية السورية وعلى رأسها منصب الرئاسة، لكن، حينما قرر السوريون عبر مؤسساتهم الدستورية وطبقاً للدستور الجديد الذي اختاروه ممارسة حقهم الوطني الديمقراطي في الاستحقاق الرئاسي، انبرى اعداء الوطن فرفعوا عقيرتهم بالرفض والتشكيك ومحاولة التعطيل.. إنهم يعترضون على النتيجة سلفاً.
وأقول باختصار شديد في هذا الجانب: إنهم يكذبون منذ اللحظة الأولى.. فمن قام بتدمير منهجي لكل مظاهر الحياة في سورية، لا يريد البتة قيامتها وحريتها، بل يريد تدميرها ونقطة على السطر.. والسوريون يدركون ذلك.
أما فيما يخص بعض دول الخليج، فلعل اعتراضهم من أطرف حكايات الكوميديا إذ إن هؤلاء الذين يتوارثون الحكم وامتلاك الأرض ومن فيها وعليها منذ مئات السنين باتوا الآن يرفعون أصواتهم للحفاظ على الديمقراطية والاختيار الحر في سورية.. إذا لم تستح فافعل وقل ما شئت.
• هناك -للأسف- بعض السوريين في المغتربات ممن تحولوا في فترة قياسية من مطالبين بانتخابات تعددية إلى رفضها.. كيف تنظرون إلى تلك المواقف، وفي رأيكم.. ما الأسباب الحقيقية التي أدت لافتضاح تحول مزاعمهم من «طالبي ديمقراطية» إلى شركاء في تدمير وطنهم على أيدي مجموعات متشددة معلنة الانتماء لتنظيم القاعدة؟
• • إن السؤال يتضمن الإجابة، لكن لا بد هنا من توضيح أن من قرر استقدام الخارج المعادي تاريخياً لمصالح الشعب السوري العليا، لا يستطيع إلا أن ينفذ أوامر مشغليه.. لقد خرج هؤلاء نهائياً من المعادلة الوطنية السورية منذ زمن طويل وحصراً منذ باركوا استخدام السلاح ضد شعبهم ثم شرعنوا العدوان الخارجي الأممي الذي يتم منذ سنوات على أيدي مرتزقة قتلة من جميع أنحاء العالم، هؤلاء صاروا في رأي الشعب السوري بحكم أولئك المرتزقة الذين لم يعد لهم من عمل سوى تبرير جرائمهم، وإذا ما عادوا يوماً ما فإن الشعب السوري سوف يسألهم بقسوة عن الجرائم التي ارتكبوها بحق سورية وأبنائها لذلك اعتقد أنهم لن يدخلوها ثانيةً.
الغرف المغلقة
• وبحكم علاقاتكم الواسعة مع سوريين في المغتربات، ما وزن هؤلاء بالنسبة لمجمل السوريين.. وهل ما زال البعض بالفعل تتملكه صورة خاطئة عما يجري في سورية، أم إن الأمر بات مجرد انسياق أعمى أو حتى مشاركة واعية في الحرب على سورية؟
• • «ربِ لا تغفر لهم إنهم يدركون ماذا يفعلون».. بعض المغتربين، ومنذ البدء يجتمعون بالاستخبارات الأمريكية والفرنسية والانكليزية وحتى الإسرائيلية وشريكاتها الخليجيات ويقبضون منهم الأموال، وهؤلاء منذ الاحتلال الفرنسي لسورية أعداء لشعبنا وقضايانا وطموحاتنا، وقد سمعوا مئات المرات أن المطلوب هو الحرب في سورية واستمرارها بلا نهاية أو أفق، وهذا ما أعلنه السيد هيثم مناع في قناة «الميادين» نقلاً عمن اجتمع معهم من المسؤولين الأمريكان وكلهم سمعوا ما سمعه.. هم أدوات الجريمة لا أكثر ولا أقل.. وهم يعون ذلك ويبررون هذه الفظاعة الوطنية تحت عنوان «إسقاط النظام»، وهي كذبة باتت مقززة ووسخة إلى درجة أن «كمال اللبواني»، وهو أحد كبارهم، طلب علناً من «إسرائيل» القيام بهذه المهمة القذرة التي عجز عنها المرتزقة القتلة.. ودعيني أقول: إن اللبواني نطق علناً بما يدور بينهم في الغرف المغلقة حرفاً بحرف.. أي إن لسان حالهم يقول: لم يعد لنا سوى «إسرائيل»!
أما عن الأكثرية الساحقة من المغتربين السوريين فإنهم يحملون وطنهم في ضمائرهم ويعيشون مأساته لحظة بلحظة ويعبرون عن ذلك كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.. ولذلك، لا يمكن وضع المغتربين كلهم في سلة واحدة.
البعض القليل الذي تحدثنا عنه لم يعودوا مغتربين، بل هم مجموعة تحاول عبر الجنسية السورية التي يحملونها -وقد خانوها عمداً- تنفيذ أوامر أعداء سورية والغريب بحماس منقطع النظير.
• ماذا تطلبون على الصعيد الشخصي والمهني والعام، من الرئيس المقبل لسورية؟
• • كان خياري من اللحظة الأولى الوقوف مع الرئيس بشار الأسد الذي يعبّر عن طموحات وآمال السوريين بكل أجيالهم، وقد أثبت خلال هذه الملحمة الدامية أنه يحمل سمات رجل دولة من طراز رفيع وقامة قائد شجاع يتحمل المسؤولية كاملة في هذه اللحظة التاريخية التي كادت تزلزل المنطقة بأسرها.. فلم يهتز أو يتراجع أو ينحن.. وهو في رأيي، يعبر عن روح الشعب السوري العميقة المتطلعة إلى الحرية والنهضة والتنوير والتقدم على كل صعيد.
• من السياسة إلى الدراما، وكلاهما تعايشا في معظم أعمالكم إذ لطالما سجلتم في مسيرتكم الدرامية والسينمائية تشريحاً عميقاً للفكر الرجعي الذي يعصف بشعوب ومستقبل المنطقة.. اليوم، ترزح الشعوب العربية، ومنها ذات التاريخ المدني على نحو خاص، تحت جحيم نزوع الفكر الرجعي للهيمنة عليها.. كيف تنظرون إلى مستقبل المنطقة وشعوبها، وأي طريق يجب أن تسلكه للخلاص من مخاطر تحولها إلى نماذج مشوّهة لممالك الخليج؟
• • هنالك تلفيق خطر جداً تقوم به مؤسسات ودول، وخاصة الخليج بأوامر أمريكية صهيونية على استخدام الدين الإسلامي الحنيف معبراً لتدمير المنطقة، وهذا بالضبط ما حاولت لفت النظر إليه بقوة في أعمالي الدرامية بما فيها مسلسل «ما ملكت أيمانكم»، فهنالك فرق ما بين الأرض والسماء بين القيم الإسلامية الحقيقية واستخدام الدين لذبح الآخرين بل ذبح الأمة بأسرها عبر نحر طموحاتها في الوحدة والتقدم والنهوض.. هذا هو الذي حاولت في أعمالي إيصاله إلى المشاهدين جميعاً.