2014/05/01
فاتن حموي – السفير
وصل مسلسل «صديق العمر» إلى منتصف الطريق، في خضمّ التحضير لعرضه خلال موسم رمضان المقبل. يجسّد جمال سليمان في العمل دور الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بإدارة المخرج عثمان أبو لبن، عن قصّة للسيناريست ممدوح الليثي الذي غادرنا مطلع العام الحالي. يقول الممثل السوري في حديث لـ«السفير» إنّ التحضير لأداء دور عبد الناصر، استغرقه ستة أشهر كاملة، إذ أنّه راجع كميّة كبيرة من الوثائق الأرشيفية، لتقديم قراءة أدقّ لشخصيّة الزعيم العربي. يضيف أنّ المسلسل منحه فرصة واسعة للتدقيق في التاريخ المعاصر: «السياسة تكمن في التفاصيل وهي جوهر الأشياء والمواضيع، والخطوط العامة لحظة خادعة، فالتاريخ هو الشوارع الخلفيّة والهامشيّة والرئيسيّة، ولكن الرئيسية تبقى وحدها تحت الضوء».
يصف سليمان «صديق العمر» بالعمل المحرّض على التفكير والنقاش، وأنّه سيشكّل إضافة إلى مسيرته الفنية. منذ سنوات، يكتفي الممثل السوري بعمل واحد فقط، خلال شهر رمضان، لكنّه يبقى بعيداً عن السينما، معتبراً أنّ المسلسلات التي شارك ويشارك فيها ترضيه أكثر من الأفلام التي تعرض عليه. يذكر في هذا الإطار مسلسل «التغريبة الفلسطينية»، الذي يجد أنه قدّم من خلاله «دوراً مهماً، وله معنى وجداني خاص. أنا محظوظ بأدواري وهي تشكّل محطات مهمة في حياتي مثل «صقر قريش»، و«صلاح الدين»».
ينفي سليمان أن يكون عدم مشاركته في عمل سوري هذا العام نابعاً من اهتمامه بالأعمال المصريّة فقط. «ارتبطت بأكثر من عمل سوري، ولكنَّ صعوبة الظروف وسوء التنسيق والإدارة منعاني من المشاركة، فلا وقت للمغامرة، ولا يمكن أن أضيع فرصة مهمة مثل «صديق العمر»». في هذه الأثناء، يتعاون مع المخرج حاتم علي لإنجاز عمل يحكي «التغريبة السوريّة»، ويعرض حكايات سوريين شتتتهم الحرب. «بعد ثلاث سنوات من عمر الأزمة عرفنا حقائق، وغابت عنا إشارة استفهام كبيرة، وعلى الكتّاب أن يكونوا مخلصين لمعرفتهم الخاصة لما يجري، ولا يجوز وضع خواتيم نهائية في الأعمال الدرامية، أنا مع طرح الأسئلة». في هذا الإطار، سيطرح المسلسل أسئلة حول مصير الوطن السوري، وقد طلب سليمان وعلي من أكثر من كاتب جمع مواد أرشيفية، لتجنّب النظرة الأحادية والابتعاد عن الآراء القطعيّة.
يرى صاحب «حدائق الشيطان» أنّ الدراما السورية تعاني ظروفاً صعبة، مستشهداً بتعليق لزميله أيمن زيدان على «فايسبوك»، يقول فيه إنّ معظم ما تعرضه الشاشات العربيّة، بعيد عن حلمنا الأساس في تقديم دراما نوعيّة ومهمة وراهنة سياسية كانت أو اجتماعية. «أصبح هناك اتجاه نحو السطحية والتسرّع في الدراما السورية، وهي لا تشبهنا كسوريين، للأسف توجد خفّة في الإنتاج والعمل». يفنّد سليمان رأيه قائلاً «مشكلتنا أن البعض يسير على قاعدة أن نجاح الدراما لا يكون إلا بالأعمال المشتركة. لنجاح تلك الأعمال، علينا أن نفهم ما الذي يجمع الممثلين، وعلى الموضوع أن يكون ذا قيمة ومختلفاً، لا أن يكون المسلسل مجرّد استعراض سياحي، ولا يتمتّع بالعمق المطلوب. ما يحصل في بعض الأعمال المشتركة هو الاعتماد على خلطة من بلاد عربية مختلفة من دون أبعاد إنسانية. جلّ ما أراه هو عروض أزياء وأماكن، وهذا سببه تأثّرنا السطحي بالأعمال التركية، ومردّه إلى عقد نقص لا تنتهي. كانت مسلسلاتنا رائعة ولكنّها كانت بحاجة إلى التطوّر والحيوية في الإخراج، وبتنا نستنسخ مسلسلات غيرنا فقط لا غير». يضيف موضحاً: «لستُ ضدَّ أن نتعلَّم من الآخرين، ولست ضدّ الأعمال الترفيهية، لكنَّ الوضع أصبح هجيناً، وصرنا نقدّم وروداً بلاستيكيَّة لا طعم لها ولا رائحة ونتغنَّى فقط بشكلها الجميل».
يعلن سليمان أنه لن يشارك بالتصويت في الانتخابات الرئاسيّة السوريّة، «أولاً لأنني لستُ متفقاً مع الدستور وقانون الانتخابات، وأرفض المادة 35، وثانياً لأن الأوضاع السورية لا تسمح للشعب السوري بممارسة حقه في الانتخابات، ناهيكم عن أنّ المناخ السياسي لا يسمح بوجود خصوم آخرين في مواجهة الرئيس بشار الأسد». برأيه فإنّ حلّ الأزمة السوريّة غير متاح اليوم، لأنّه أفلت من يد السوريين. «أصبحت المسألة دولية مع الأسف، لذلك كنا نطالب بالحوار الوطني ما بين السلطة والناس والمعارضين بهدف الوصول إلى حلّ وطني. هناك مؤامرة حقيقية تجاه سوريا، واختلفنا على طريقة الوصول إلى حل، وخدمنا هذه المؤامرة، وعلينا اليوم إيجاد أساليب أخرى لعزل المؤامرة والمتآمرين في سبيل توحيد سوريا، وأمامنا وقت طويل وتضحيات كبيرة».
يجد سليمان أن الحلّ في سوريا يكمن في الانتقال إلى مجتمع ديمقراطي في دولة يسود فيها القانون، تجرّم كل أشكال التطرّف والإرهاب والطائفية، وتمنع الخطابات العنفيّة وتخوين السوريين. «لا أرى أن استمرار النظام الحالي يمكن أن يحلّ الأزمة، فمن الممكن أن ينتصر عسكرياً، لكن المشكلة القائمة سيتم ترحيلها ولن تنتهي. هذا ما نفعله في دولنا العربية، نرحّل مشاكلنا ولا ننهيها». يربط كثيرون بين آراء جمال سليمان، وطموح سياسيّ، لكنّه يرى أنّ من حقّه التعبير عن رأيه حول ما يجري في سوريا، «ولو كان لديّ طموح سياسي، فهذا أيضاً حق من حقوقي، وسأقولها عندها بالفم الملآن إذا وجد، على كل سوري واجب وطني بالحفاظ على جذورنا السورية وتعب أجدادنا منذ سبعة آلاف سنة، ومن المعيب أن نكون محرومين من التعبير عن آرائنا، ما أقوله ليس كلاماً في السياسة، بل هو في الوطنية والحق والأخلاق والإنسانية تجاه وطني».