2014/04/05

مسلسل تحت سماء الوطن
مسلسل تحت سماء الوطن

 

لؤي ماجد سلمان – تشرين

 

 

رغم بعض المحاولات التي قام بها صناع الدراما لتسليط الضوء على ما أطلقوا عليه «الأزمة» وانعكاساتها على المجتمع السوري, إلا أن الدراما التلفزيونية في الحقيقة فشلت في عكس حال الناس وهواجسهم ومخاوفهم من الإرهاب الدموي, باستثناء عملين أو ثلاثة أعمال من مجموعة الأعمال التي أنتجت وعرضت في الموسم الماضي, ويمكن الجزم بأن مسلسل «تحت سماء الوطن» للمخرج نجدت أنزور, و«حائرات» لسمير حسين, إضافةً لمسلسل «في قلب اللهب» هي الأعمال التي استطاعت مقاربة الأزمة فقط من الداخل, أو بعض خيوطها العريضة وتقديمها للمشاهد السوري, بينما بقية الأعمال حاولت تطعيم نصوصها من خلال العناوين, أو توريد بعض العصابات الإرهابية, والسيارات المفخخة إلى النصوص من دون جدوى.

 لا أنكر الجهد والمحاولات التي قدمها بعض الأعمال السورية في هذا السياق؛ لكنها في الحقيقة لم تنجح في اكتساب المصطلح الجديد «دراما الأزمة» والتي يمكن أن يقبلها المشاهد على أنها أعمال اجتماعية, رغم أن العناوين كانت مختارة بعناية فائقة لتتناسب مع الادعاء الدرامي الجديد, إذ توحي العناوين المختارة أن العمل على قياس الأزمة من مثل «حدث في دمشق, سنعود بعد قليل, وطن حاف» لكن  لم تستطع هذه الأعمال طرح الأزمة وانعكاساتها بشكل دقيق أو مباشر حتى تلامس واقع المجتمع السوري في الوقت الحالي,  فما قدمه مسلسل «وطن حاف» من لوحات كوميدية, أو كوميديا سوداء, كانت جميلة من حيث الأفكار الجديدة أو غير المستثمرة درامياً, لكنها بعيدة عن الحدث اليومي الذي يعيشه السوريون,رغم البيوت التي طالتها النيران وأحياناً الأدخنة وأصوات الرصاص, والنازحين الذين شاهدناهم في بعض الحلقات... أيضاً العمل الذي حمل عنواناً جذاباً لكل الفرقاء السوريين حتى من تركوا الجمل بما حمل وهربوا إلى أقرب دولة شقيقة كمسلسل «سنعود بعد قليل» لم يفلح هو الآخر في القبض على انعكاسات الأزمة؛ وما نجم عنها من آثار سلبية في المجتمع السوري, ولاسيما بعد ما عرف المشاهد أن زوجة «نجيب» -الفنان دريد لحام لبنانية الأصل, والعائلة مشتتة أصلاً, خلا علاقات المصاهرة والعمل الموجودة بين لبنان وسورية أصلاً... بينما مسلسل «حدث في دمشق» لمخرجه باسل الخطيب عاد ليروي قضايا بعيدة عن الأزمة؛ محاولاً الإشارة بشكل غير مباشر لأحداث اليوم في العاصمة السورية.

 يمكن في النهاية  التأكيد على خطأ وقع فيه كتّاب الدراما ولاسيما حين عدّوا أنفسهم قادرين على مقاربة الأزمة؛ أو رصد الأحداث الناجمة عما حدث وانعكاساته على مجتمعنا, وذلك بعد الغياب الطويل وراء الفنتازيا وأعمال البيئة, وقصص الحب والرومانسية, والتحرش الجنسي, بعيداً عن مشكلات المواطن العادي, متغافلين عن أن الأزمة تمر بسلسلة مراحل بدءاً من الإنذار المبكر, والنشوء والتبلور, وتصاعدها ونموها, لتأتي مرحلة الانفجار التي حاولوا رصدها أو رصد تبعاتها, لكن أين كانت الدراما في المراحل السابقة لتسلط الضوء على كل ما مرت فيه البلاد العربية من فقر وتخلف وجهل وكوارث بيئية وتعليمية, وتطرف وجرائم منظمة, وبطالة؟

ما حدث ويحدث ليس وليد اللحظة التي بدأت الدراما فيه عرض عضلاتها لترصد الأحداث, بعد زمان من الرخاء خصصته للفنتازيا والضحك والسخرية من آلام المجتمع, وغياب طويل عن رصد الصراعات الأيديولوجية, والاجتماعية, والاقتصادية, ناهيك بالرأسمالية العالمية التي استخدمت مال النفط لتوجيه أعمالنا الدرامية نحو «باب الحارة», و«الشتاء الساخن», والمخدرات, وجرائم البروليتاريا الجديدة... نعم الدراما رصدت الأحداث فقط أو النتيجة الحتمية لما تجاهلناه, والأزمة الحقيقية هي أزمة درامية ليس إلا.