2014/03/22
دار الخليج – فنون
منذ سنوات قرر المخرج البولندي الأصل رومان بولانسكي الصمت، إلى أن وافق بمناسبة صدور فيلمه الجديد "فينوس في الفراء" أن يرد على أسئلة مجلة "الاكسبرس"، والعودة إلى حكايته مع السينما والمآسي .
ما يثير الدهشة عند رومان بولانسكي أنه يتمتع بصحة أبطال الأولمبياد، فعلى الرغم من أنه ناهز ال80 عاماً، إلا أنه يبدو في الستين من العمر . والمعروف عن بولانسكي أنه بارع في التزلج على الثلج وهو من محبي كمال الأجسام، ويصعد سلم المطعم درجتين بخطوة واحدة من دون أن يلهث . أما عمله في الإخراج فهو التميز بعينه، أفلامه المشهورة مثل: تنافر، روزماري بيبي، وبلا خوف من القتلة ومصاصي الدماء، والحي الصيني، وعازف البيانو، والكاتب الشبح . . . وفيلمه الأخير "فينوس في الفراء"، الذي يجمع بين ماثيو أمالريك والممثلة إيمانويل سيغنر، تشهد له بذلك .
حياة بولانسكي مثل أفلامه عبارة عن رواية مملوءة بالدراما، فمن مقتل زوجته شارون تيت إلى قضايا معروضة أمام المحاكم وقصص أخرى جعلت بولانسكي يصمت في مواجهة الصحافة حتى اليوم، فماذا قال بولانسكي في هذا الحوار؟
* منذ سنوات وأنت ترفض إجراء مقابلات صحافية، لماذا تقبل الآن؟
- عموماً المقابلات تزعجني جداً ولا أشعر إزاءها بالارتياح خاصة بعد أن لطخت سمعتي، ولهذا السبب لا أعيرها الكثير من الاهتمام، وأعتقد أن فيلم "فينوس في الفراء" هو فرصة لي لاستئناف الحوار، لأنه كوميديا تدعونا إلى الاسترخاء خاصة عندما نضحك .
* تقول إن سمعتك تلطخت فهل تعني أنه تم تحريف أقوالك أو لأنك نادم عليها؟
- لأنني تقريباً لا أتهرب أبداً من الأسئلة الشخصية بل أجد نفسي أواجه مجهولاً يتحدث عن أشياء حميمية لا يشاركني بها عادة إلا الأقارب .
* فيلم "فينوس في الفراء" يتناول مسألة الهيمنة وهو موضوع يتكرر في عملك، فهل تعي جيداً الموضوع الذي شرعت في عمله؟
- عندما أبدأ العمل بفيلم ما لا أكون على علم بأي شيء، فالأسئلة التي أطرحها على نفسي تأتي لاحقاً . أعمل بالحدس والفطرة وأدرك جيداً القواسم المشتركة بين أفلامي عندما أتحدث مع الصحفيين وهذا من أحد الأسباب التي تزعجني، هل تعتقد مثلاً أن رساماً مثل موندريان يتساءل ما هو اللون الذي سوف يضعه على لوحته؟ لا بل اختاره بالحدس والفطرة .
* أنت تنظر إلى الفيلم على أنه كوميديا لكن في كل الأفلام التي أخرجتها حتى أكثرها سوداوية نلمس دائماً شيئاً من الفكاهة . فهل هذا شكل من أشكال الحماية؟
- الفكاهة، كل لديه نصيب منها كما تعتمد الفكاهة على جنسيتها، والبيئة التي تحتضنها، ونوعها . . ومن جهتي، أتعاطف بشكل خاص مع الفكاهة الهزلية ومنذ أن كنت صغيراً .
* كان عمرك 9 سنوات عندما توفت أمك وكثير من أقاربك فهل السينما وسيلة للهروب؟
- حسبما أذكر أردت دائماً أن أكون مخرجاً، وكان أحد الأصدقاء يمتلك جهاز عرض يدوياً وأفلاماً للأخوين "لوميير" كنا نشاهدها معاً . وفي سن ال 8 سنوات، تربيت عند إحدى الأسر في الريف بعد وفاة والدتي وكثيراً ما كنت أذهب الى السينما علماً بأن الذهاب إلى السينما حينها لم يكن عملاً وطنياً بل مرفوضاً، ولذا كنت أجد نفسي في كثير من الأحيان في صالة فارغة أشاهد الأفلام الألمانية الوحيدة التي كانت تعرض حينها وكانت أفلاماً كوميدية غبية ومسرحيات وأوبريتات رديئة جداً وكنت أعرف أنها رديئة المستوى ولكن وجودي في الصالة كان يريحني .
* ما هو أول فيلم ترك أثراً حقيقياً فيك؟
- كان ذلك بعد الحرب العالمية وهو فيلم "مهلة ثماني ساعات" لكارول ريد . وقد ترك أثراً بالغاً في نفسي أحاول تقليده كل مرة ولكنني لا أستطيع . وقصة الفيلم تدور في ايرلندا ذات ليلة واحدة، هي قصة ناشط في حزب الشين فين "هو حزب سياسي أيرلندي، موجود في كل من أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا"، وينظر إليه البعض على أنه الجناح السياسي للجيش الجمهوري الإيرلندي . وتطلق التسمية على عدد من الحركات السياسية الأيرلندية خلال القرن العشرين وهي مستوحاة من الحزب الاصلي الذي أُسس في عام 1905 على يد آرثر جريفيث وتعني الكلمة "أنفسنا" "ourselves or we ourselves" يرغب في الانسحاب من الحزب لكنه لا يستطيع ذلك . والحقيقة أنني ما زلت معجباً جداً بتمكن المخرجة من تجسيد وحدة المكان والزمان في الفيلم . ولقد شاهدت أيضا 24 مرة "هاملت" للورانس اوليفييه . وبطبيعة الحال "المواطن كين" .
* تصور شخصيات منغلقة على نفسها فما هو السبب؟
- لقد كنت دائماً مفتوناً بالقصص التي يلجأ فيها الناس إلى ضرب أنفسهم بالجدران . كما أن هاملت والقلعة ذات الهندسة المتنوعة وتخطيط الغرف غير المتناسق كان له أشد الأثر في تكويني . وعندما كنت طالباً في كلية الفنون الجميلة، اكتشفت الرسم الفلمنكي من القرن الخامس عشر، وخاصة للفنان جان فان إيك . هل تعرف لوحته: زوجا أرنولفيني؟ رائعة، هذا الاهتمام بالتفاصيل، وهذا القلق بالطوبوغرافيا يرجعنا إلى فترة كان فيها الرسم أمراً عظيماً .
* لماذا ترفض حق الآخرين بطرح أسئلة حول موضوعات تتعلق بك؟
- أنا لا أضع لك حدوداً في طرح أسئلتك، ولكن آمل فقط أن تكون لهذه المقابلة أهمية أو فائدة .