2014/02/13
فجر يعقوب – الحياة
أغلب الظن أن خبر رفض الفنانة المصرية زينة مبلغ 150 ألف دولار مقابل ظهورها في برنامج «القاهرة والناس» للمعد والمقدم طوني خليفة للحديث عن مشكلتها المتفاقمة مع الممثل أحمد عز حول رفضه «أبوته» لتوأميها الأميركيين قد يسيل لعاب كثر لجهة المال المهدور هنا على رواية قصة شخصية يمكنها أن تأخذ طريقها بانتظام إلى أروقة المحاكم والقضاء. فالمعروف أن ثمة حالات يمكنها أن تتكرر في أكثر من مكان، وربما بذات الطريقة مع أناس مجهولين لا نعرف عنهم شيئاً، أو ليس هناك سبيل لمعرفة أي شيء عن قصصهم طالما أنهم لا ينتمون إلى الأوساط التي ينحدر منها عز وزينة.
مجرد تقديم الخبر لوسائل الإعلام قد يعزّز من فرضيات كثيرة حول أهمية قراءة هذه النوعية من الأخبار التي تنتمي في نوع منها إلى ما يمكن تسميته بتعزيز «المكانة الشعبية» للنجوم، وذلك من خلال تضمينات حياتية خاصة جداً يعاد إنتاجها في سياق الاستهلاك العام لقصص شخصية، ويجري تلقفها من قبل الجمهور الافتراضي في فضاءات لها خصوصيات مبهرة أيضاً تضمن من خلاله هذه الوسائل التي تلهث وراء هذه القصص وتقوم على رعايتها في الظل السيطرة على جميع مظاهر الإعلام كما قد يفترض هنا علماء اجتماع متخصصون.
لكن الأخطر هنا برأي البعض الآخر يكمن في الحقيقة في خلق شعور طاغ لدى هذا الجمهور الافتراضي الذي قد يتدخل باتصالات مبرمجة ذكية في سياق تحرير هذه القصة، بكونه متساو مع شخصية الضيف، وهنا قد يكمن بشكل ما ردم الهوة بين إنتاج هذه المساواة الوهمية وتجربة الاستهلاك التي تدعم إرساء خديعة متعالية وغامضة في أجزاء منها يمكن من خلالها قراءة هذه المكانة الشعبية وفرضيات اختبارها ومقدار تمكينها في الحياة الاجتماعية التي تخضع من تلقاء نفسها هنا لهذا الإنتاج الاستهلاكي المؤثر. ففي الحقيقة، يظهر جلياً هنا مقدار صناعة هذه الخديعة عن طريق إيصالها في الليل أثناء البث الحي، وفي النهار عبر إعادة «تدويرها» مثلاً على أكبر قدر ممكن من الجمهور المختلف باهتماماته ومتطلباته.
يفيد بهذا هنا علماء الاجتماع حين يشيرون إلى الفضاء الداخلي للإنتاج الإعلامي وكأنه امتداد للحقائق الخارجية التي يجري حشرها عبر استجواب الضيف وإشراك الجمهور الخارجي الذي ينتظر هناك في أماكنه المختلفة للتدخل وصناعة صيرورة خاصة وآليات متشابكة معقدة لفهم وتقدير ما ترسمه الهيمنة الإعلامية الداخلية عبر استضافة «زينة وأخواتها» ومحاولة إقحام هذا الجمهور الغامض في قصتها الشخصية التي يمكن وضع حلول لها في الفناءات الخلفية للمحاكم من غير هذا الخلط الذي تقوم به برامج من هذا النوع تحت مسميات مختلفة تكون المدن والناس إحدى أهم عناوينها الكبيرة التي تحتاج إليها علاقة الداخل الإعلامي بوجهه الاستهلاكي والاستعلائي، والخارج الذي يفترض أنه يقف دوماً هناك ليتلقف ما يسمعه أو يراه.