2014/02/02

بين مخرجي الدراما وممثليها
بين مخرجي الدراما وممثليها

 

عبادة تقلا – تشرين

 

 

 

تبدو العلاقة بين الممثل والمخرج في الدراما التلفزيونية السورية موضوعاً أبعد ما يكون عن المهنية في كثير من الحالات، وتسجل في هذا المجال مواقف لا يخلو بعضها من الطرافة والغرابة؛ فقبل عدة سنوات نشب شجار حقيقي بين ممثل مخضرم ومخرج من الرعيل الأول، وسبب ذلك أن المخرج أراد أن يصوّر كل المشاهد المكتوبة في السيناريو، حتى ما كان منها لا يحمل أي معنى، ولا يضيف للعمل شيئاً، بل على العكس يقلل من قيمته، أما سبب ذلك الإصرار، كما قال لي الممثل غير مرة، فيكمن في أن عقد المخرج مع شركة الإنتاج مذكور فيه عدد المشاهد التي ستصور، فإن حُذف أي منها خسر من أجره، وهو ما لا يرضى به أبداً.

 

ارتفعت أصوات الرجلين، وتدخل الفنانون والفنيون، وفي النهاية تابع ذلك الممثل التصوير من دون أن يقبل الكلام مع المخرج، وتالياً كان كل ما يتعلق بالتصوير يصله عبر المخرج المنفّذ.

مخرج آخر من أصحاب المستوى المتوسط، جمعته صداقة بأحد نجوم الدراما، فجعل منه بطلاً  لكل أعماله، حتى ولو كان الدور أبعد ما يكون عن ذلك الممثل، في النتيجة ارتفعت أسهم  ذلك المخرج، ولكن ثمن ذلك كان إطلاق يد الممثل ولسانه في مواقع التصوير، فصال وجال كما يريد، وأعطى ملاحظات للجميع، كما حذف ما شاء من المشاهد، وكتب لنفسه ما أراد، جالساً قرب المخرج في المَشاهد التي لا يشارك فيها، راسماً له كوادره، وحركة ممثليه في صورة جعلت الكثير من الفنيين يتهامسون أن العمل  في ورشة كهرباء أكثر تنظيماً مما يحصل أمامهم يومياً.

أما في السنوات الخمس الأخيرة، ومع انضمام أسماء شابة إلى لوائح المخرجين التلفزيونيين،  فقد أصبحت مظاهر تلك العلاقة تطفو على السطح، وصار في إمكان أي مُشاهد ملاحظة أحد النجوم العاملين تحت إدارة مخرج شاب، وقد أطلق لحيته مثلاً، مع أن الدور لا يقتضي ذلك، أو حافظ على تسريحة شعر غريبة عن الشخصية، وطبعاً المخرج لا يقوى على قول شيء، فحمداً لله أن النجم تكرّم، وعمل تحت إدارته، ومنحه فرصة تسجيل اسمه في قائمة مخرجي الدراما التلفزيونية.

آخر فصول العلاقة تجسد قبل أربع سنوات في عمل تاريخي، تصدى له مخرج مخضرم مع نجم ستيني أدى شخصية مشهورة عرفت بشعرها القصير، فما كان من ذلك الممثل الذي لم يرغب في قص شعره إلا أن ربطه، وأخفاه في مظهر مخجل ومضحك في آن واحد، يؤكد فقدان الكثير من المخرجين، حتى المتميزين منهم، أبسط قواعد التعامل مع ممثليهم، وتحديداً من يطلق عليه لقب نجم.

كل ذلك في النهاية ما هو إلا جزء بسيط من منظومة أخطاء، تكرّست في الدراما التلفزيونية السورية التي فشلت في تأسيس تقاليد مهنة تحميها في قادمات الأيام، وتجعل منها صناعة حقيقية بكل معنى الكلمة.