2014/01/11

فتت لعبت
فتت لعبت

مهند الحسني – البعث

 

 

لم يتسن لي متابعة مسلسل “فتت لعبت” الذي عرض في شهر رمضان المبارك بسبب الزخم الدرامي وقتها، لكنني حظيت بفرصة مشاهدته منذ أيام قليلة عندما تم عرضه على قناتي تلاقي وسورية دراما.

يبدو أننا لم نكن مخطئين حين حذرنا قبل مرة من خطورة الانغماس المفرط في نشوة الفورة الدرامية المنفلتة من عقالها، إذ قلنا حينها إن هذا على حساب النوع وإن أعمالنا السابقة قبل هذه الفورة كانت جيدة ومقنعة مما يعني أن النجاح ليس بالكمية وإنما بالنوعية،  فها هو العمل التلفزيوني فتت لعبت أتى ليؤكد مخاوفنا وتوقعاتنا ويثبت صحة كلامنا.

 العمل ككل افتقد عناصر التشويق والإدهاش والإبداع (والإقناع )وأؤكد على كلمة الإقناع التي وضعتها بين قوسين، إذ إن الكثير من المشاهد كانت رتيبة ومملة وغير مقنعة وفاترة.

فكرة العمل الأساسية عادية ومتواضعة ولم تستحق كل هذه الساعات الطويلة، ومما زاد الأمور سوءاً أن العمل جاء ليكرس مفاهيم شاذة ومغلوطة ومرفوضة لا تتناسب مع قيمنا الإنسانية وتجلى ذلك بعلاقة الطلاب مع دكاترة الجامعة حيث بدت العلاقة هشة والحوار بينهم هبط إلى أدنى درجات الاستخفاف وأظهر الكاتب والمؤلف أساتذة الجامعة بصورة مشوهة، فهل يعقل أن يملك أستاذاً في الجامعة(نزار أبو حجر) مثل هذه اللغة التي يخاطب بها طلابه والتي اتصفت باللامنطقية عبر ألفاظ لا تتناسب مع مكانته، ووجدنا مشاهد تدخل تحت عنوان أمور لا تصدق أو اللامعقول ولا يمكن أن تحصل إلا في مخيلة المؤلف، عندما قرروا سرقة أسئلة الامتحانات حيث بدا المشهد خيالياً وافتقد للحبكة الدرامية المقنعة، فكيف لطالب أن يدخل  إلى حرم الجامعة وفي ساعة متأخرة من الليل دون رقيب أو حسيب وكأن الجامعة أشبه بحديقة عامة من غير بوّاب، أيضاً عندما بقي فرج محبوساً أثناء حضوره زفاف صديقته سمية في دورة المياه في مشهد أظهر المخرج فيه طالب الجامعة على أنه غبي لا يعرف كيف يفتح الباب ليخرج فقضى ليلة كاملة دون أن يشعر به أحد،  وهل يعقل أن لا يدخل دورة المياه سواه رغم اكتظاظ الصالة بالحضور، أيضاً وصول المطرب فراس لمرحلة النجومية بهذه السرعة وتوقيعه لعقود وحفلات خارجية كان فيه الكثير من المبالغة، هذا غيض من فيض فوضى هذا المسلسل.

والأن  لنرفع مستوى النقد قليلاً واسمحوا لي باستعارة بعض مصطلحات (معجم النقد الحديث).

هذا المسلسل مفتوح على دلالات عديدة (بل لا متناهية ) فبإمكانك أن تتابعه على أنه مسلسل جاد يصيبك بالغم والاكتئاب، وبإمكانك أن تتابعه في الوقت نفسه وهنا المعجزة على أنه مسلسل كوميدي فتضحك من أعماق قلبك على سذاجة الطرح والشخصيات، وبإمكانك أن تعتبره عملاً للأطفال والناشئة ولكن الأفضل طبعاً لو كان عملاً مخصصاً للكبار جداً أي الذين وصلوا من العمر عتياً وفقدوا حاستي السمع والبصر على الأقل. ألا يقال إن العمل المهم هو الذي يضيف لك تصورات جديدة، بصراحة هذا المسلسل فعل بي شيئاً متشابهاً، فأنا المتشائم والمحبط أصبحت أرى العالم جميلاً جداً بشرط واحد أن يخلو من دراما على هذه الشاكلة.