2014/01/10
عبادة تقلا – تشرين
كثيراً ما تعمد الجهات المنتجة إلى حشد الكثير من نجوم الصف الأول في عمل واحد، بغية التفوق على المنافسين، و ضمان تسويق ممتاز للمنتج التلفزيوني، لكن المصيبة تكون عندما يحشد أولئك النجوم في عمل يقدم نصاً مستنسخاً بامتياز، فتبنى الشخصيات فيه بمنتهى الهشاشة والسطحية، أما إدارة المخرج فتبدو شبه غائبة، كل تلك العناصر السلبية نجح الجزء الأول من مسلسل «زمن البرغوت» في الموسم الرمضاني قبل الماضي بتوفيرها، فكانت النتيجة عملاً سحب من رصيد الأغلبية العظمى ممن شاركوا فيه، فالممثل أيمن زيدان قدم في المسلسل المذكور شخصية أفلاطونية بامتياز، ببعد واحد ممل و مكرر، جعلها أشبه ما تكون ببحر من الخير و الصفاء و النخوة و المروءة التي لا تشوبها شائبة، فشخصيته ذكّرتنا بذلك الدور الذي أداه في مسلسل«على طول الأيام» مع حاتم علي قبل سنوات، الذي بدا شخصية قادمة من كوكب آخر!. ووقف إلى جانب زيدان الممثل المخضرم رشيد عساف الذي على ما يبدو، أنهى حروب السيف الفانتازية و البدوية و غيرها، و قرر نقل ساحة الصراع إلى «الداخل الحاراتي»! مُحافظاً على صفات المقاتل الشرس الذي لا يقهر، و لكن هنا على هيئة «عكيد» شاب و لو تجاوز الستين من عمره، مع تكرار المفردات و الانفعالات ذاتها التي سبق له استخدامها في مسلسل«رجال العز» قبل موسم واحد.
من يتابع رشيد عساف، أكثر أبناء جيله موهبة، يتأكد أن الرجل في حاجة ماسة للتدقيق في خياراته القادمة، ولاسيما في ظل تواضع معظم النصوص المطروحة، و هو ما يصعّب المهمة أكثر على هذا الممثل، وحده الممثل سلوم حداد قدم في ذلك العمل شخصية تحسب له، و نقصد بها شخصية «أبو نجيب» الرجل البخيل الشخصية التي لم تأخذ حقها في ظل تواضع الكتابة، ليبقى اجتهاد «سلوم» و شغله عليها أهم ما ساهم في رفعها.
و بعيداً عن تجارب الشركات الخاصة، نتوقف أمام أعمال مؤسسة الإنتاج التلفزيوني في سورية، تلك المؤسسة التي عشق القائمون عليها ترديد نغمة تعاقدهم مع كتّاب و مخرجين مهمين، و قبل ذلك مع ممثلي الصف الأول، ما يعني أنهم سيقدمون أعمالاً لا يقل مستواها عن أعمال الشركات الخاصة، و تالياً يتوقف انتقادنا الدائم لمستوى أعمالهم المتواضعة في أغلب الأحيان، فباكورة إنتاجهم كانت عملاً اسمه «المفتاح»، نكتفي بالقول إن بطله – يفترض في رأيهم أنه من ممثلي الصف الأول- كان أحد الأسباب الرئيسة لضعفه، أما العمل الثاني فقد حمل اسم «المصابيح الزرق»، و تصدى لإخراجه فهد ميري الذي منح البطولة النسائية للممثلة سلاف فواخرجي، مع أن الدور لم يكن مناسباً لها عمرياً، خاصة في ظل منح دور العاشق لممثل يصغرها بسنوات.
ما يلفت النظر في هذا العمل أنه ضم ممثلة شابة و مجتهدة هي علا الباشا، إذ كانت تبدو أكثر إقناعاً للعب الدور، و لكن المؤسسة أرادت التعاقد مع ممثلي الصف الأول كما أسلفنا.
كما ظهر الممثل غسان مسعود في المسلسل المذكور في دور أحادي، لا جديد فيه، لكن صانعي العمل وضعوا قبل اسمه في الشارة عبارة«النجم العالمي» التي بدت فضفاضة كثيراً، ولاسيما مع دور بالمواصفات المذكورة. في النهاية، فإن النجومية في أي مجال فني هي حالة اجتهاد و مثابرة، و حرص على الاختيار، و تجنب للنمطية، و لكنها تبدو عند معظم نجومنا عنواناً للتكرار في أشكال الأداء، و اتكاء على أداء جيد في عمل أو أكثر، يسمح لهم كما يظنون بتقديم عشرات الأدوار غير المقنعة.