2013/12/16
خلدون عليا – تشرين
انتشر في الصحافة والوسط الفني خلال الموسم الدرامي الرمضاني الماضي مصطلح سمعناه كثيراً وأملنا به خيراً،
أُطلق عليه اسم «الدراما الشبابية» ويأتي سبب هذه التسمية بالدرجة الأولى لإنجاز عدد لا بأس به من الأعمال بجهود فنانين ومخرجين وكتّاب شباب، بعيداً عن حضور نجوم الصفين الأول والثاني، أو حتى الاكتفاء بحضور بسيط لهؤلاء، لكن وللأسف الشديد فإن الكثير من هذه التجارب لاقت انتقادات لاذعة من قبل المشاهدين والنقاد والصحفيين الذين أحجموا عنها بسبب تواضع مستواها من جميع النواحي، وعدم اعتمادها على الخبرة والتجربة الضرورية، وعدم العمل بإحساس الهاوي الحقيقي الباحث عن التميز،بل كانت السمة العامة لهذه المسلسلات هي الاستسهال والفوضى الدرامية وهو ما بدا واضحاً من خلال عدد من هذه الأعمال يأتي في مقدمتها «بديع وفهيم» و«خرزة زرقا»، فهذان العملان فشلا تمثيلاً وإخراجاً ومن نواح عديدة، لعل في مقدمتها غياب النص والاعتماد على تقديم تهريج مفرط لا قيمة درامية له ولاقيمة فنية تضعه في مصاف العمل الدرامي، وليتبع ذلك أعمال أخرى مثل «شاميات تو» للكاتب والمخرج والممثل فادي غازي، هذا العمل الذي يمكن ان نطلق عليه جميع الصفات ماعدا صفة «عمل درامي».
مسلسل «سوبر فاميلي» أيضا يندرج ضمن السياق نفسه، والذي وإن اعتمد على نجوم في التمثيل فإنه كان فارغاً من حيث المضمون، ومن الناحية الإخراجية، والأهم النص الفارغ من أية قيمة فكرية أو رسالة، حيث يبدو أن ساحة التأليف ومعها ساحة الإخراج أصبحت متاحة لأي شخص عمل في أحد جوانب العمل الدرامي، فيما يبدو انه استسهال مفرط وبحث عن الأرخص مادياً من قبل عدد من شركات الانتاج الوافدة حديثاً الى عالم الدراما السورية.
بالتأكيد لا يتوقف الفشل والسقوط عند الأعمال سابقة الذكر فقط، بل لحقتها تجارب غير مثمرة لمخرجين وفنانين قدموا في السابق أعمالاً مهمة، مثل المخرج تامر إسحاق الذي قدم مسلسل «التالي» في موسم 2013 وكان عملاً عادياً ولم يحقق أي رصيد جماهيري أو نقدي.
وإذا كان من أسباب نجاح الدراما السورية وتفوقها عربياً هو اعتمادها على المواهب الشابة والبطولة الجماعية، فإن ذلك يتم بأسلوب مدروس ومتتال وليس قفزة واحدة، فمثلاً وجدنا تألقاً لافتاً للفنانة الشابة دانا مارديني في مسلسل «سنعود بعد قليل» للكاتب رافي وهبي والمخرج الليث حجو، حيث قدمت مارديني شخصية «مريم» بتقنيات وأدوات ممثلة قديرة ونجمة ذات خبرة، وبالوقت نفسه بإحساس الشابة الهاوية الباحثة عن إثبات الذات في وسط يعج بالموهوبين والمبدعين. كذلك الأمر ينطبق على العديد من الموهوبين من الشباب الذين زجَّ بهم مخرجون كبار في أدوار صعبة ونجحوا في ذلك من امثال الفنان رامز الأسود في «سكر وسط» للكاتب مازن طه والمخرج المثنى صبح وغيرهما الكثير.
في كلا العملين شاهدنا كيف عمد المخرجان «صبح» و«حجو» الى الزج بالوجوه الشابة في أدوار البطولة جنباً إلى جنب مع نجوم كبار في عالم التمثيل، ولهم بصمات كبيرة في الدراما السورية، فلم يتركوا لهم العمل منفردين وعلى هواهم، وهو ما أعطى نتائج إيجابية وقدم للدراما الوطنية وجوهاً شابة تبشر بمستقبل واعد.
وبالطبع يمكن القول: إن الاعتماد على الوجوه الشابة يجب أن يكون مدروساً بعناية ولاسيما في بطولة الأعمال الدرامية، فسابقاً شاهدنا المخرج نجدت أنزور الذي قدم في مسلسله «شيفون» مزيجاً بين عدد كبير من الوجوه الشابة التي تألقت ولمعت جنباً إلى جنب مع الفنان مصطفى الخاني، لكن ذلك تم تحت إشراف مخرج صاحب تجربة كبيرة وقادر من خلال خبرته على ضبط انفعالات وجنوح الشباب وبالوقت نفسه إخراج ما بداخلهم من قدرات ومواهب.
أسباب كثيرة وعديدة تدفعنا للقول إن مجمل التجارب الشبابية الخالصة في موسم 2013 شهد هبوطاً حاداً في المستوى، لأن ذلك تم باستسهال وفوضى كبيرين بعيداً عن تقدير مكانة وأهمية الدراما السورية التي عرف عنها اعتناؤها بالمواهب الشابة، وتقديمها للجمهور ولكن بشكل مدروس ومنطقي بعيداً عن هدر الفن والإساءة للذائقة الجماهيرية كما حدث في الموسم الماضي والذي يمكن القول من خلاله: إن هذه التجارب الشابة قد أضاعت فرصة ذهبية للصعود درجات كبيرة على سلم النجومية في عالم الدراما السورية، سواء بالتمثيل أو التأليف او الإخراج وليكون نصيب معظمها فشلاً ذريعاً نأمل ألا نرى مثيله في الموسم المقبل، والذي تشير دلالاته إلى أن معالجة أخطاء الموسم الماضي لن تكون بصورة جذرية وأن الباب مازال مفتوحاً لتجارب عائمة توضح بداياتها أنها ستكون كارثية بحق الدراما السورية.