2013/09/29

مصطفى الخاني في مسلسل «ما ملكت أيمانكم»
مصطفى الخاني في مسلسل «ما ملكت أيمانكم»

 

فرح يوسف – السفير

 

 

مع بدء الاستعداد للموسم الدرامي المقبل، تنحسر الأعمال التي تتناول ظواهر دينيّة، عن خريطة الدراما العربيّة، وتكاد تختفي سوريّاً. في موسم العام 2013، فشلت الدراما السورية بحجز حيز لها في مواكبة الراهن، وبدت كمن يحابي الإسلاميين، ويدور حول قضيّة التطرّف من دون التطرّق اليها بشكل مباشر. هكذا مرّ رمضان، من دون إشارة حتى ولو خجولة إلى حضور الإسلاميين كصُنّاعٍ للحاضر، وبالتالي للتاريخ السوري.

اقتصر تناول ظاهرة الإسلام السياسي على عمل أو عملين، من باب التلميح، كمسلسل «حائرات»، عبر تقديم جزئية تتعلق بالتطرف الديني كدخيل على المجتمع السوري. تجرّأ صنّاع الدراما السورية على تقديم زوايا مختلفة للأزمة السورية، لكنّهم تردّدوا في الحديث عن الإسلاميين، بحجّة عدم التسرع في تقديمهم بعمل درامي، نظراً لإشكالية الطرح، وتعقيد محاكمته.

وبالعودة قليلاً في الذاكرة، يقفز إلى الواجهة مسلسل «ما ملكت أيمانكم» لنجدة أنزور (2010)، ليطعن في صحة الفرضيّة السابقة، مع الجدل الواسع الذي أثاره العمل والفتاوى التي صدرت ضده. وبعيداً عن تقييم العمل (طرحاً وإنتاجاً)، يبقى الأول من نوعه، كناجٍ من مهزلة الخوف من الإسلاميين، ومن محاولة نفي وجودهم عبر دفن الرأس بطريقة النعامة. الطريقة ذاتها التي تحكم الإعلام السوري، وما يخضع لسلطته من مؤسسات إنتاجية.

يغيب عن صانع الدراما السورية أنّ قطاعات التلفزيون والسينما، هي الناجية الوحيدة ربما ــ حتى اللحظة ــ من هيمنة الإسلاميين، وتفوّقهم في السيطرة على سائر المجالات الإعلامية، علماً بأنّ الصراع السياسي بين النظام بمؤسساته الرسميّة المساهمة بشكل كبير في إنتاج الدراما من جهة، والإسلاميين من جهة أخرى، صراع يعود إلى عشرات السنين.

يتمسّك صنّاع الدراما السوريّة، بمقولة انّ تناول الجماعات الإسلامية فنياً، وخصوصاً تلك المنغمسة منها في عالم السياسة، يختلف باختلاف سلوكها في المجتمع. هكذا، تجاهلوا وجودها بالكامل، واكتفوا بتقديم شخصيّات قليلة لنساء محجبات، في الموسمين الماضيين، كإشارة سطحيّة على المدّ الإسلامي في المجتمع.

ركز صناع الدراما في مصر لسنوات، على التطرّف الديني، كعامل عدوّ مهدّد للدولة والمجتمع. وانتشرت الأعمال الموجّهة عبر شاشات التلفزيون والسينما، منها «الجماعة»، و«الإرهابي»، و«طيور الظلام»، وصولاً إلى الموسم الماضي مع «الداعية». في المقابل، تتوجّه صناعة الدراما في سوريا نحو النمط التركي، مع الاجتزاء من زوايا الأزمة لتقديم وجهات نظر منقوصة يصعب الجزم بخطئها أو صوابها.

ويبدو الوقت الحالي الأنسب كي يتنبّه صنّاع الدراما السوريون، إلى أن الإنتاج الدرامي هو أكثر وجوه الإعلام تأثيراً، في ظروف يشهد خلالها المجتمع السوري تحوّلات مهمّة وخطيرة. من هنا ضرورة تقديم دراما تحترم العقل، وتوجّه الأنظار إلى قضايا يعجز الإعلام السوري الرسمي عن ترسيخ وجودها، لفقدان الجمهور الثقة به.