2013/08/29
حاورته: بيان عز الدين - تشرين
فنان امتزجت موهبته بطموحه بعد إنجازه دراسة الإخراج السينمائي في جامعة لوميير الفرنسية، ليعود إلى الوطن،
معبراً عن تلك الموهبة التي كللتها الأكاديمية باندماجه بالعمل السينمائي فيه وانضمامه لفريق المؤسسة العامة للسينما؛ حيث حقق على التوالي «مونولوج»-فيلم وهو روائي قصير، ثم فيلم «مرةً أخرى-2008» وفيلم «صديقي الأخير2011» وهو يعمل اليوم على تحقيق فيلمه السينمائي الرابع «بانتظار الخريف» لمصلحة المؤسسة العامة للسينما.
«تشرين دراما» التقت المخرج السينمائي جود سعيد فكان الحوار الآتي:
طرحت قضية الهوية بشكلٍ فني لافت في فيلمك «صديقي الأخير» هل ترى أن موضوع الهوية إلى هذه الدرجة مهدد اليوم حتى تعيد طرحه من جديد؟
الحرب التي تُشن اليوم على وطننا هي جزء من حرب تغيير شكل الانتماء للأوطان، وتالياً هي حرب على مفاهيم رئيسة من الأساسات التي تشكل هويتنا الوطنية وامتدادها.
تقول هويتنا تشكلت منذ عشرة آلاف عام؛ ومع ذلك هل في رأيك أنه لابَد من التذكير بها كل حين؟
الهوية التاريخية هي مزيج من الهويات المعقدة المتنوعة، الهويات التي تراكمت خلال فترات سياسية معينة، والانتماء لم يكن واحداً في تاريخ المنطقة، فلقد تنوع وتغير، ليتشكل ما نسميه بالحضارة، والتي تختلف عن هويتنا الآنية لكونها الوعاء الذي نصب فيه كبشر، وما يتعرض للتشويه اليوم هو نحن وشكل انتمائنا للوطن ومعنى هذا الوطن ودوره.
سردك للفيلم رأى البعض فيه أن ثمة طرحاً مباشراً، وآخر موارباً للقصة، أيهما استخدم جود سعيد وكيف تنظر لذلك؟
أسلوب سرد الفيلم المكتوب يعتمد على متابعة تطور الحكاية من خلال شخصيتيها الرئيستين؛ ومن خلال حيوات الشخوص الموازية، بعدها يجيء البناء البصري ليعطي المكتوب بعداً آخر،سرد الصورة هو البنية الأساسية، فما تقوله الصورة هو الأساس ويأتي ما تبقى ليكمل الشكل السينمائي. أما المغزى فمن يبحث عن المباشرة لا يستطيع أحد منعه من استنباطها، أما من سلم نفسه للسرد فأظن أن لحظات ما لامست روحه وأخرى خاطبت عقله؛ فالأسلوب السينمائي للفيلم اعتمد على خلق حياة موازية لواقعنا وتضمينها آلامنا وأمانينا ورؤانا.
ما الرسالة التي وددت إيصالها بتقديمك شخصية رجل الأمن ؟
العمل يقدم أنموذجاً حقيقياً وموجوداً لضابط في الجيش حارب لأجل وطنه، وتم نقله لسلك الشرطة فاستمر في العمل بالروح ذاتها؛ وأظن أن هذا الأنموذج موجود بكثرة كما النماذج الأخرى المُقدمة في الفيلم...
«صديقي الأخير» تناول الهم السوري بكل جوانبه، وصولاً للهم الإنساني العام، مع ذلك أُقصي عن بعض المشاركات في المهرجانات الدولية!؟ الآن بعد عرض المنجز في صالات الداخل السوري هل وجدت أنه أخذ حقه جماهيرياً ونقدياً؟
فيلمنا السوري يتعرض للحرب كما كل منتج سوري اليوم، هي حرب على وجودنا لتغيير شكله بالمطلق، وتالياً إقصاء الفيلم هو جزء من الحرب على الصناعة والثقافة وكل شيء سوري، أجل «صديقي الأخير» أنجز حضوراً مهماً في الصالة السورية رغم الوضع العام، وحقق حضوراً لم يعرفه الفيلم السوري منذ «نسيم الروح» للصديق عبد اللطيف عبد الحميد.
هل مشروعك الجديد «بانتظار الخريف» سيكون رسالة حقيقية عن الواقع السوري اليوم؟
لا أعرف ما معنى رسالة حقيقية.. أعرف فقط ما رأيت؛ الحقيقة نسبية وتعتمد على من يرويها، وتكون أقرب للواقع الذي حدث حين لا يكذب الراوي فيما رأى، ولستُ ممن يكذبون على أنفسهم، ففيلم «بانتظار الخريف» هو وجهة نظري وسيعكس ضمن حكايته الافتراضية واقعاً عايشته عن قرب.
بات المخرج عبد اللطيف عبد الحميد القاسم المشترك لأعمالك، سواء بالمشاركة الفنية أومؤخراً بدور البطولة المطلقة..هل تعد حضوره أحد الشروط المهمة لنجاح أفلامك؟
لماذا لا نسأل السؤال ذاته عن وائل عز الدين مديراً للتصوير، أو الموسيقي نديم مشلاوي، أو مونيتيرة الصوت رنا عيد، ومونيتير الصورة سيمون الهبر في رأيي الأستاذ عبد اللطيف عبد الحميد ممثل من الطراز الرفيع، وهو يشكل إضافة حقيقية في المكان الذي يوظف فيه حضوره فنياً؛ وأتحدث هنا بمهنية مطلقة وبعيداً عن العلاقة الشخصية؛ فمن يتابع السينما العالمية يجد فيها حالات كثيرة مشابهة، أما من يتساءل بقصد الهمز واللمز فأقول له بالعامية: «طق وموت».
أصبح لدينا الكثير من عشاق الفن السابع؛ وتعددت أدوارهم بالعمل فيه! ومع ذلك إلى ماذا تعزو عدم امتلاكنا صناعة سينمائية رائدة؟ أو حتى سينما جماهيرية فعالة؟
غياب القطاع الخاص عن الاستثمار في مجال الصالات السينمائية هو السبب الأول لهذه المشكلة، ويليه امتناع القطاع ذاته عن الدخول في مغامرة الإنتاج بحجة السبب المذكور، وهنا تكمن مأساة الدجاجة وبيضتها، اليوم نحن بانتظار رأس مال وطني يستثمر في السينما كمشروع طويل الأمد، مشروع هوية سينمائية ربما.
شهدنا في هذا الموسم بعض المخرجين سجلوا حضوراً في مجالي الإخراج السينمائي والتلفزيوني، بعد تعدد مشاركات المخرجين بين السينما والتلفزيون، هل من الممكن في الموسم المقبل رؤية نتاج درامي موقّع باسمك؟
ربما يكون ذلك ممكناً في حال واحدة؛ وهي شرط إنتاجي جيد ونص مغرٍ لتقديم ربما شيء يحمل بعض الجدة.