«فتت لعبت».. احترقت اللعبة وسقطت أوراقها يا شباب!

تشرين-آمنة ملحم

شابة فاتنة الجمال بعقل كرتوني يحبها شاب طفولي الأفعال ساذج الأفكار.. وأخرى حسنة الشكل سيئة البيئة والمنبت تبيع نفسها لعجوز دنيء النفس والمعشر مقابل حفنة من الأموال.. وثالثة معقدة القلب والقالب.. ورابعة سهلة الانجرار خلف المظاهر؛ مرتبطة بزميلها في الجامعة ذي الوسواس القهري بالنظافة والمرض.. وشاب حسن الصوت دفعه الفقر ليغني بملاه ليلية خلف راقصة.. حياتهم جميعاً يتلاعب بها صديق حاقد على الحياة؛ ليكونوا كالدمى المتحركة بين أصابع يديه؛ يديرها كيفما يشاء من دون إحساسه بأدنى شعور بالذنب إزاء ما يفعله معهم.

هؤلاء الشباب ليسوا أبطال حكاية أو رواية؛ بل هم كادر مسلسل تلفزيوني جعل منهم كاتبه أوراقاً للشدة كل يوم يكون «قاشوشها» أحدهم وخاسرها البقية؛ بعضهم دائماً مكانك راوح.. شباب العمل الذي حمل اسم «فتت لعبت» قرر صُناعه تأليف طلال مارديني، إخراج مصطفى برقاوي أن يكونوا طلاباً في كلية الإعلام؛ فصوروا مشاهده في مبنى كلية الإعلام في دمشق حقاً ولكن أين الإعلام من تلك المشاهد؟ حيث لم نرَ منه عبرها سوى مبنى الكلية وقاعاتها .. ليكون المسلسل بذلك نقطة عار بحق تلك الكلية مع طلاب على تلك الشاكلة التي يصورها للجمهور من سذاجة وقلة وعي وانحراف أخلاقي لدى البعض منهم؛ لتصل لدرجة تعاطي المخدرات في حرمها وذهاب العقل في واد بينما تسير الحياة في واد آخر.

ولم يكتفِ العمل بصبغ طلاب الكلية بالسذاجة؛ بل أساتذتها حملوا هذه الصفة أيضاً؛ إذ يظهرهم المسلسل بمظهر غير لائق اجتماعياً ولا ثقافياً ولا حتى مهنياً؛ فالقاعة دائماً مختلة التوازن أثناء المحاضرات ومن دونها ولم تشاهد أي محاضرة ذات قيمة فكرية قدمت خلاله.

إن كان صناع العمل يرون فيه عملاً طريفاً يحمل روح الكوميديا بعض الشيء، فقد أخطؤوا اللعبة، فاحترقت أوراق اللعب -الشدة، وفاحت رائحة الحريق لهذا النمط من الأعمال المستخفة بعقول الجمهور والبعيدة كل البعد عن الكوميديا وروح الترفيه، أما عن مقولة إنه «عمل اجتماعي شبابي» يسلط الضوء على مشكلات الشباب في سن الجامعة؛ فقد سقطت أوراق اللعبة كلها هاهنا فشتان بين مشكلات الشباب وهمومهم والمسلسل ذي الطرح رديء الأفكار الباهت الأسلوب والمعالجة؛ فلم يسقط العمل في جُحر الحكاية الرديئة فحسب، بل سقط في فخ الإخراج البدائي الصورة؛ مرتبك المشاهد واللقطات، لنلاحظ تركيز المخرج على اللقطات القريبة والقريبة جداً، ملامساً ملامح الوجه في أغلبها من دون مسوغ لتلك اللقطة التي تستحوذ على معظم لقطات العمل، كما يسير العمل برتم بطيء خال من سرد الأحداث بسلاسة وتصاعدها،  هذا عدا عن فكرة إقحام صوت فتاة تشرح للجمهور ما يجري في كل حلقة من دون أن تعطي للعمل معنى إضافياً، فبدت وكأنها مجرد تقليد لبعض الأعمال التركية التي اعتمدت هذا الأسلوب؛ بيد أن هذا التقليد لم يكن في مكانه، بل جاء مستخفاً بالمشاهد الذي لا يحتاج لشرح صورة ما يمر أمامه.

العمل برمته جاء عثرة في طريق ما يسمى بـ«دراما الشباب» وليس داعماً لها، فقد أخطأ صناع الدراما السورية بإقحامه على مائدة الدراما الرمضانية السورية، ليكونوا بذلك يسيرون إلى الوراء بينما تتقدم الدراما بخطا ثابتة هروباً إلى الأمام.