2013/06/21
سهيلة ناصر – دار الخليج
غسان صليبا، أحد ركائز الفن الرحباني، رصيده حافل بأهم الأعمال المسرحية الغنائية، بدءاً من العمل مع الأخوين الرحباني إلى الأبناء . أعطاه المسرح التجربة والتنوّع، جسّد ذلك بنجاح عبر شخصيات تاريخية مشهورة، تمثيلاً وغناء . يخوض اليوم أولى تجاربه الدرامية التلفزيونية في المسلسل الوطني “وأشرقت الشمس”، في دور الثائر والإنسان الرافض للإقطاعية، كما هي شخصياته المسرحية الثائرة ولعل أهمها “سيف البحر” في مسرحية “صيف 840” . معه كان هذا اللقاء .
* ما رهانك على التجربة الدرامية التلفزيونية الأولى لك؟
- التجربة جديدة . سبق وعرضت عليّ أدوار كثيرة ولم أكن جاهزاً لقبولها . اعجبت بعمق القصة ومعالجتها من قبل الكاتبة منى طايع . أشعر بأنها حشرية مني وتحد الذين يعرفونني في الوقت ذاته، وحشرية من الناس التي تعرفني من خلال المسرح لمشاهدة ما أقدم على التلفزيون . لا أرغب في إعطاء رأي في المشاركة قبل أن يتابع الناس المسلسل وأترك الحكم لهم . بالمقابل أشعر بأن الدراما المحلية تستحق الوصول لأكثر مما هي عليه اليوم، بالرغم من أنها بدأت تأخذ خطاً تطورياً ملحوظاً ومع وجود إنتاجات عربية مشتركة .
* هل توافق الرأي على أن المسرح بقدر ما أعطاك، حددك وحصرك في المقابل في قالب معين؟
- في النهاية المسرح محصور في إطار معين، وليس كمن يصدر أغنية كل يوم وتذاع . بالتالي الذنب لا يقع على مسرح الرحابنة الذي لديه شروطه ومكانه . كان المفروض مني لو كنت أملك الوقت أن أتكيف مع الاثنين . وأنا من وضع كل جهده بالمسرح، بينما المجهود الأقل كان للأغنيات الفردية . لا أحمّل المسرح المسؤولية، فهو معروف بشروطه والتضحيات التي يقدمها من يعمل في المسرح .
* الشخصية التي تطمح إلى تأديتها على خشبة المسرح؟
- حالياً لا تخطر في بالي شخصية معينة، لكني أتمنى أن يبقى المسرح الغنائي على وهجه وبالمستوى الذي عشناه مع العملاقين الأخوين رحباني وتستكمل التجربة مع الأبناء زياد وأسامة وغسان ومروان وغدي . لا يمكن لكل من ركّب قصة مع أغان لها أن يطلق عليه اسم “مسرح غنائي”، ومن المهم أن يحافظ المسرح الغنائي على جمهوره .
* هل الغناء على المسرح يعوّض الفنان-المطرب ويرضيك؟
- أكيد . ما يرضيني ويبهجني أن المسرح الغنائي هو تمثيل وغناء والحصة الكبيرة للغناء والموسيقا هي الأساس .
* هل ثمة فارق بين العرض المسرحي داخل لبنان وخارجه؟
- العمل الفني هو ذاته . يبقى أن تفاعل الجمهور في الخارج قد يختلف ويبرز الإحساس والتعبير عن الشوق للوطن ويكون التفاعل مع الحدث الدرامي المتعلق بأمور وطنية لافتاً .
* ندرك جميعا معاناة المسرح . . لكن السؤال عن إمكانية أن يعود إلى أيام العزّ؟
- المسرح يعاني مثل كل الأمور التي تعد كماليات عند اللبنانيين، في وقت تعتبر ضرورة وثقافة في البلدان المتطورة . في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمرّ بها وقلة الأعمال المهمة، يفقد المسرح ثقة الناس . وفي الإعلام، نشهد مبالغة بالتبخير لبعض الأعمال سواء في المسرح أو السينما . الناس يتلقون ما يسمعون ويتأثرون به حتى يكتشفوا العكس للمروّج له عند ذهابهم لمشاهدة العمل، ما يؤدي إلى فقدان الثقة بالمسرح، وطبعاً أستثني من كلامي مسرح الرحابنة .
* هل تغيرت طبيعة العمل ما بين الرحابنة الآباء وأبنائهم الورثة؟
- لا تشبه تجربة الأهل تجربة أحد على وجه الأرض كونهم عاشوا في بيئة مختلفة وأسسوا لفن عظيم وتراث لا ينتهي ومحط اعتزاز وفخر لنا كلبنانيين في المسرح الغنائي والأغنية ككل وفي الشعر الغنائي والتوزيع الموسيقي . أشعر بأن المقارنة غير عادلة، والشباب يضعون شخصيتهم ورؤيتهم، عدا أن الزمن الذي عاشوه والتجربة التي خاضوها بالرغم من أنهم رحابنة، لكنهم عاشوا ظروفاً مختلفة عن أهاليهم ويقدمون الفن المناسب لطرحهم وزمانهم .
* هل تحن إلى زمن البدايات وأنت عاصرت كبار الفنانين في لبنان؟
- لا أحب الرجوع إلى الوراء إلاّ للمحافظة على الروح التواصلية للكلمة واللحن والأداء . لنظل منتمين إلى مدرسة وهوية ولا نفقدها . أمّا للمقارنة بين الماضي والحاضر فلا أحب ذلك . لكل زمن ناسه ويخضع لتكنولوجيا جديدة .
* ما رأيك في أداء الفنانين اللبنانيين أغنيات بلهجات أخرى؟
- يحق للجميع غناء اللهجة التي يريد . المهم الغناء بمستوى جميل في الكلمة واللحن والأداء . وليس المهم التغني باللهجة اللبنانية بقدر معرفة هل الأغنية المسماة أغنية لبنانية تنبع من تراثنا وبيئتنا الفنية التي أسسها الكبار من سبقونا .وبالتالي هل هي تواصل لهذا الفن الذي قدمه غيرنا وهل نشبه حالنا، أم أنها مجرد أغنية لبنانية؟ الموسيقا لها هوية أيضاً ولا شخصية نابعة من بيئة المؤلف وبمن يتأثر هل هو متأثر بمن أسسوا مدرسة الأغنية اللبنانية أمثال وديع الصافي، الرحابنة، فيلمون وهبي وزكي ناصيف وغيرهم . . الجديد يجب أن يكون امتداداً لمن سبق ونشبه أنفسنا بنفس اللغة والشخصية وليس مهما العدد بل يهمني أن ما ينتج باسم الأغنية اللبنانية أن يكون يشبهنا .
* ما حال الأغنية اللبنانية اليوم؟
- حالها مرتبط بالسياسة ووضع البلد الاقتصادي . كذلك الإعلام مستباح ومن يرغب في بث أغنية له، مقابل دفع بدل مادي، بغض النظر عن المستوى الذي يقدمه . لذلك نرى أعداداً من الأغاني الهابطة تصل للناس على حساب النوعية الجيدة الموجودة .
* حصلت على ألقاب عدة منها “خوليو العرب”، “سيف البحر”، “فارس المسرح الأول” . . هل تعنيك؟
- في الفترة التي أعطيت الألقاب كانت بمثابة تحية على الأعمال التي قدمتها . الألقاب ليست عاطلة ولكن الإنسان يستمر باسمه ولا يتأثر بلقب أو يقف عند حقبة معينة ويسعى دائماً لتقديم الأفضل .
* اتجهت كما معظم أهل الفن إلى افتتاح مشروع تجاري . . هل الأمر تجنب لتجارب مريرة عاناها فنانون وأن الفن لا يطعم خبزاً؟
- بصراحة، الفكرة تبلورت مع صديقي كارلوس الهاشم أثناء زيارة لي إلى دبي .الهدف منه القيام بمشروع سياحي يجمع بين البحر والمساحة الخضراء، وقريباً سنعمد إلى افتتاح الفرع الثاني في منطقة “اللقلوق” . في النهاية الفنان بحاجة للعمل التجاري وهي تجربة خاضها نجوم من الشرق والغرب .
* أطلقت عليه اسم “سيف البحر” تأثراً بشخصيتك في مسرحية “صيف 840”؟
- دور “سيف البحر” كان فأل خير والدور الأهم في حياتي في المسرح الغنائي . صادف أنه اسم لسمكة وهذا يتوافق مع المطعم الذي يعتمد تقديم الأسماك فتطابقت التسمية .
* ما رأيك في برامج الهواة الغنائية ومقارنة آراء لجان التحكيم مع تقييم كبار الفنانين في برنامج “استوديو الفن”؟
- يختلف الإطار اليوم في الشكل والهدف . هذه البرامج تضم جنسيات هواة من الوطن العربي وتعتمد الاتصالات والتصويت عدا ما تجنيه الفضائيات من اعلانات . . لذا يركزّون على أسماء نجوم لها جمهورها في الساحة الغنائية لخوض لعبة لجان التحكيم . الفكرة جميلة وليست سيئة، لكن العمل الأكاديمي في “استوديو الفن” يختلف كلياً، ولا مجال للمقارنة حيث كان أعضاء لجان التحكيم على أيامي وزملائي من كبار الأساتذة الموسيقيين في المعهد الموسيقي والعالم العربي .