2013/06/21
صهيب عنجريني – السفير
أفرزت الأزمة السورية عشرات المفاهيم والمصطلحات الجديدة، وأرخت بظلالها على كل ما هو سوري، لينال قطاع الدراما نصيبه من التبعات. انقسمت الأعمال الدرامية إلى أعمالٍ تصور داخل البلاد، وأخرى مهاجرة، وبات ممكناً للأسف، التسليم بانقسام الفنانين إلى «فناني الداخل» و«فناني الخارج». «السفير» حاورت عدداً من الفنانين السوريين الذين اختاروا البقاء في البلاد، وسألتهم عن الدوافع وراء هذا الخيار.
نجدة أنزور: هروب وإن تبدلت التسميات
يؤكّد المخرج نجدة إسماعيل أنزور أنّ بقاءه في سوريا جاء تعبيراً عن موقف سياسي واضح. «كان موقفي واضحاً منذ بدء الأزمة، وأعلنت أنّني لن أتخلّى عن وطني. لدى الآخر مشروع، ورغم قبحه لكنه يسمى مشروعاً، فأين مشروعي أنا بوصفي فناناً ينتمي إلى هذا الوطن؟ البديهي أن أبقى وأعمل هنا، لا يعقل أن أهرب لمجرّد أن اختلفت الظروف، والخروج من سوريا هروب وإن أوجدوا له تسمياتٍ أخرى». ويضيف: «البعض قالوا إنهم يشتغلون على مسلسلات عن الأزمة خارج البلد، وأجد هذا غريباً. أن تشتغل في الخارج، فهذا لا يعني أنك تقدم شيئاً عن الأزمة، حتى وإن تحدثت عنها، هذا الأمر لن يتحقَّق إلا إن بقيت وقدمت ما لديك هنا، في وطنك، بين أبناء شعبك. أنا باقٍ هنا وأقاوم مع وطني بالعمل، والمقاومة ليست كلاماً فقط، بل هي سلوك».
باسل الخطيب: لن أدير ظهري لبلاد قدّمت لي الكثير
يقول المخرج باسل الخطيب انَّ بقاءه في دمشق «ليس ناجماً عن موقف سياسي، بل عن موقف إنساني ووطني بالدرجة الأولى، والفرق كبير بين السياسي والوطني». يقول فلسطيني الأصل/ سوريُّ الهوى لـ «السفير»: «سوريا قدمت لي الكثير، أشعر بالانتماء لهذا البلد، ولا يمكن في هذه اللحظات أن أدير ظهري وأمشي، علماً بأنني من أكثر المخرجين الذين عانت أعمالهم خلال السنوات الماضية من الرقابة، وتعرضت للحذف والمنع أحياناً. لكنَّ كل هذا لم يدفعني إلى التفكير بالمغادرة لأبدو في الخارج على هيئة فنان مضطهد يستدر عطف الآخرين وشفقتهم، هنا مكاني المناسب، أنا باقٍ، ومتمسك بمواصلة العمل هنا، رغم كل مخاطره، ففي الأزمات نحن مطالبون أمام أنفسنا بالعمل أكثر، وبتقديم أفضل ما لدينا، وما يصب أي إنسان سوري يصبني».
سمير حسين: لا أستطيع مغادرة سوريا
بدوره، يقول المخرج سمير حسين: «بغض النظر عن الاتجاهات السياسية، أحترم خيار كل الزملاء، سواء من قرّر الخروج أو من قرّر البقاء، أنا ممن قرروا البقاء حتى النهاية، وسأستمر في العمل». يشرح حسين حيثيات بقائه: «بعد مسلسل «وراء الشمس» كنت قد ارتبطت بإخراج مسلسل مصري، وفي بدايات الأزمة كنا على وشك بدء العمل، حين وصلني خبر استشهاد شقيقيَّ الاثنين، فقررتُ العودة فوراً، عشت فترة من الاكتئاب، ثم شعرت بأنني لن أستطيع مغادرة سوريا مجدداً، فقررت البقاء، ورأيت أنه لا بد من العمل كي أكون قادراً على التنفس». يضيف: «وجدتُ في مسلسل «حائرات» الذي أنتجته «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» ضالتي، لأنه يتقاطع مع الأزمة، أنا واثق بأن سوريا قادرة على الخروج من محنتها، وقادرة أن تعيد احتضان جميع أبنائها بمختلف توجهاتهم، وأرجو أن يكون هذا اليوم قريباً».
ريم عبد العزيز: باقية ما دمت أتنفّس
تنادي الممثلة ريم عبد العزيز بالحب بوصفه وسيلة لا بديل منها لخروج سوريا من أزمتها. تقول «هذه بلدي وسأبقى فيها ما دمت قادرة على التنفس، وأتمنى أن تخرج سوريا من محنتها». تضييف: «نحن في أزمة، وبقدر ما نستطيع أن نمنح هذا البلد طاقة إيجابية من الحب سنسهم في تعافيه، وأنا وجدت في بقائي هنا وسيلة للتعبير عن حبي، كما وجدت في مواصلة العمل داخل البلد طريقة للقيام بواجبي تجاهه».
ميسون أبو أسعد: بقائي انتماء
تشرح لنا الممثلة ميسون أبو أسعد دوافعها للبقاء في سوريا: «بقائي هنا ليس موقفاً سياسياً، لكنه انتماء. أنا أنتمي إلى هذا المكان، ولا أجدُ نفسي خارجه شأني في هذا شأن كثير من السوريين. أشارك في تصوير مسلسل في لبنان، وهذا طبيعي في مهنتنا، وأنا أواصل عملي بشكل طبيعي. أسافر إذا اقتضى الأمر، لكنني أعود بمجرد إنجازي تصوير مشاهدي». تؤكّد أنّها لا تفكر بالانتقال للعيش خارج سوريا: «مهنة التمثيل مهنة خاصة، والانتماء إلى المكان أحد أهم مقوماتها، لذا لا أتخيل نفسي ممثلة بلا هذا الانتماء»؟
زيناتي قدسية: أصبر على مرّها كما عشت حلوها
يجد الفنان الفلسطيني زيناتي قدسية السؤال عن سبب بقائه في الداخل غريباً. يقول: «وهل كان يفترضُ بي الذهاب؟، بقائي هنا مسألة طبيعية بغض النظر عن المواقف السياسية، فليذهب من يذهب، أنا باقٍ هنا». يشرح: «عشت كل عمري في سوريا فهل من المنطق أن أعيش حلو البلد ولا أصبرَ على مرها؟ نحن ضيوف هنا، ونتمنى أن تعود سوريا إلى ما كانت عليه».
يوسف المقبل: الرحيل خيانة للنفس
يرى الممثل يوسف المقبل مغادرة سوريا «خيانة للنفس أولاً». ويضيف: «هذا وطني الذي عشت فيه كل عمري، وقدم لي الكثير، وليس وارداً الآن أن أهرب لأن البلد يمرّ بمحنة، فالقصة ليست قصة تخليص نفس، لن أكذب على نفسي وأقول إن كل شيء بخير، كل الشعب السوري يعاني من جراء الأزمة، فهل الفنان إلا واحد من الشعب؟».
الجملة الأخيرة من كلام المقبل توجز حال الفنان السوري. فما هو إلا فرد من شعب يجد نفسه اليوم فريسة انقسامات هائلة، لعلّ أسهلها توزعه بين الداخل والخارج بعد أن «تغيرت الديار ومن عليها»...