2013/06/21
لؤي ماجد سليمان – تشرين
حرصت الدراما السورية خلال مسيرتها الفنية على تقديم أشكال جديدة كمحاولة لجذب المشاهد، فبدأت تبحث عن حالات شاذة في المجتمع السوري كنماذج تقدمها للمشاهد،
تكون من خلالها قادرة على خلق التشويق والانفعالات اللازمة لإرغام الجمهور على المتابعة، وقد نجحت في إيصال رسائلها الدرامية فما يجري على أرض الواقع من تقليد لما شاهدناه على الشاشة الفضية في السنوات الأخيرة دليل على تأثر المشاهد بتلك الأعمال، و ما هو إلا ردة فعل غير مدروسة من جمهور أقل ما يمكن أن نطلق عليه «مراهق درامياً» يريد أن يقلد ما يشاهده على أرض الواقع، وهنا أؤكد أن الدراما استطاعت أن تؤثر في جزء من المجتمع والترويج لسلوكيات خطيرة وشاذة وغريبة عنه، كحالات الحمل غير الشرعية بعد سلسلة الأعمال التركية المدبلجة والدراما الوافدة، وحالات العنف والقتل وتعاطي المخدرات، أحداث السلب والنهب التي انتشرت بكثرة، إذ لم يكن ينقص المشاهد إلا صورة بصرية تشده إليها، وموسيقا تصويرية تسرقنا منا من دون أن نشعر، أو نسلم لها أنفسنا في العقل الباطن لتريحنا من أعباء الحياة والواقع خلال ساعة عرض نعيش خلالها مع بطل رشيق وبطلة جذابة، سيارات فخمة، مجرم قادر على دخول السجن والخروج منه أكثر من الدخول لفندق خمس نجوم الكل يهابه ويحسب له ألف حساب، غنى فاحش هبط على البطل الفقير من خلال عمل غير مشروع أو صفقة مشبوهة لم تكلف بطلنا الفقير الذي يشبهنا إلا دقائق عرض، وبعض الفطنة التي نعتقد بأننا نمتلكها في الواقع وكلنا ثقة أننا نفوق البطل ذكاءً ومكراً، حتى من دون مساعدة مخرج أو سيناريست، لكن فرصتنا لم تحن بعد، وهنا لا يقتصر التأثير في الأشخاص الذين لم يتجاوزا سن المراهقة بل تتعداها لشرائح عمرية مختلفة ممكن أن تصل إلى نصف قرن أو ما يزيد، كل حسب ما ينقصه في الواقع، فالعصابات التي نبتت في مجتمعنا خلال العامين المنصرمين لم تشترط العمر!.
ربما يأتي البعض ليتهم الأعمال الوافدة أو ما عرفناه بالدراما المدبلجة، لكن الحقيقة ناقصة فما سعت الدراما السورية لتقديمه لمتابعيها في كثير من الأعمال كان تكريساً لما قدمته الدراما الدخيلة «العصابات، شبكات الدعارة بأشكالها، أنواع المخدرات» الفتاة التي تعمل «مساجيست» -الدور التي جسدته الفنانة ديما قندلفت والفنانة رنا الأبيض في مسلسل «ما ملكت أيمانكم» إلى الفتيات اللاتي يهربن من القرية أو يتم استغلالهن من شاب ابن القرية في بيت دعارة في المدينة، ويتم بعدها تسويقهن إلى رجال أعمال في دول أخرى كما في مسلسل «الخبز الحرام»، وفي مسلسل «الولادة من الخاصرة» كانت خليلة شيخ الوادي أبو نبال طالبة جامعية، وكندا علوش تقيم علاقة مشبوهة مع السجان المكلف بحراستها، وفي مسلسل «زمن العار» شاهدنا العلاقة غير الشرعية في الدور الذي جسده الفنان تيم حسن، و«الجارة» سلاف معمار: ملاه ليلية، خليلات، بنات تحت الطلب.
أيضاً العصابات التي باتت ضرورة في كل عمل درامي، عصابة وكيل في «شتاء ساخن»، عصابة «أبو نبال- باسم ياخور» في «الولادة من الخاصرة» وغيرها.
أما المخدرات فتعاطاها المشاهد في مسلسل «عصر الجنون» مع الحشاش الظريف «الدور الذي جسده الفنان بسام كوسا» وفي «شتاء ساخن» كان التخدير عن طريق المشروبات الروحية التي يتعاطاها وكيل وأفراد العصابة في الورشة، و في مسلسل «الانتظار» أدمن غليص- أندريه سكاف على تعاطي شراب السعال الذي يحوي مادة مخدرة.
أشكال عديدة قدمتها الدراما السورية للانحراف بحجة الترفيه أو المعالجة، ربما كان من الواجب التطرق إليها كآفات موجودة في المجتمع، لكن المعالجة كانت سلاحاً ذا حدين فمن لا يعلم تعلم، ومن لم يجرب بات الطريق واضحاً وسهلاً أمامه للتجريب، وإلقاء القبض على عصابة بعد ثلاثين ساعة عرض من قبل كومبارس في الدقائق الأخيرة صورة لن تبقى في ذاكرة المتلقي أكثر من الزمن الذي تدرب فيه ليصرخ: «المكان محاصر سلم نفسك».