2013/05/29
غيث حمّور – الحياة
«سيف سبيعي بديلاً لرشا شربتجي في إخراج مسلسل «منبر الموتى»، الجزء الثالث من مسلسل «الولادة من الخاصرة». خبر هو الأبرز فنياً في سورية، إذ تتداوله الصحف والمواقع المختصة، ويتقاطر الصحافيون والنقاد للاصطفاف وراء أحد المخرجين، للدفاع والتبرير.
وكالعادة يبدأ إطلاق الأحكام وتقرير المصير واتخاذ المواقف، فيقرر بعضهم أن الجزء الثالث لن ينجح كما الأجزاء السابقة في ظل تغيير المخرج. ويعتقد هؤلاء أن المخرج الجديد لا يملك المؤهلات لقيادة عمل ضخم كـ «الولادة من الخاصرة»، ويضيفون أن اعتذار مخرجته الأصلية «عرابة العمل» خسارة فادحة، فيما يرى آخرون أن المخرج الجديد قادر على تقديم الجديد والمميز وسيكون عاملاً جديداً لنجاح العمل بخاصة أنه قدم أعمالاً مميزة في السابق. واللافت في الأمر أن الطرفين يستندان إلى استفتاءات شعبية «معظمها وهمي»، يؤيد هذا الرأي أو ذاك.
مما لا شك فيه أن مسلسل «الولادة من الخاصرة» حقق نسب مشاهدة عالية، على رغم التحفظات الكثيرة التي أبداها نقاد ومتابعون على المحتوى الفكري والفني.
ولكن أن تطلق الأحكام على مخرج أو عمل قبل عرضه، فهذا أمر معتاد لدى الصحافيين والنقاد السوريين الذين يتحزبون لأطراف على حساب أخرى، لاعتبارات نفعية أولاً ولاعتبارات عقائدية وفكرية ثانياً، فيمجّدون مخرجاً أو كاتباً أو عملاً فيما يذمّون آخرين.
وفي هذه الحالة، فإن الأمر لا يختلف كثيراً، فبمعزل عن أسباب اعتذار شربتجي أو قبول سبيعي، وبعيداً من موقف الشركة المنتجة أو الكاتب، وهي الأخبار التي تتداولها الصحف والمواقع المختصة، فإن الحملات الصحافية لنصرة أحدهم على الآخر لا تمت الى الإعلام والصحافة المهنية بصلة.
فالمخرجة السورية قدمت أعمالاً مميزة في السابق ربما أبرزها «تخت شرقي»، و «الولادة من الخاصرة»، لكنها أيضاً قدمت أعمالاً لم تكن بالمستوى المطلوب، كما حدث الموسم الماضي مع «بنات العيلة» الذي وصف بأنه مسفٌ. والأمر ينطبق على سبيعي الذي قدم ثلاثية «الحصرم الشامي» مع الكاتب فؤاد حميرة، والتي وصفت بالأهم في تاريخ الدراما السورية، وأيضاً قدّم أعمالاً متدنية المستوى مثل «أهل الراية 2» الذي اعتبره بعضهم نقطة سوداء في مسيرة المخرج السوري الشاب.
في ظل هذه المعادلة التي تشكل مثلاً دامغاً للقضية، فإن إطلاق الأحكام على نجاح أو فشل مخرج أو عمل قبل عرضه وحتى قبل تصويره، مسألة غير مهنية.
وعلى العكس، فإن متابعين يرون أن العمل أقرب الى النجاح بغض النظر عن مخرجه أو كاتبه، فالرصيد الفني الذي حصده في العامين الماضيين يكفي وقد يكون أحد عوامل نجاحه، وهو أمر لا يعود الى المخرجة المجتهدة فحسب، بل الى الكتاب أولاً والممثلين ثانياً والطاقم الفني ثالثاً. مع ذلك وعلى رغم كل هذه المؤشرات لا يمكن الصحافي المختص ان يطلق حكماً مطلقاً على العمل أو على غيره قبل تصويره وعرضه ومشاهدته، ليأتي بعدها التقويم.
«منبر الموتى» ليس العمل الأول الذي تثار حوله مهاترات بين إعلاميين ولن يكون الأخير، لكنّ خصوصية هذا العمل تكمن في الرصيد الذي حصده سابقاً، ومن المؤسف أن يتحول إلى مقصلة فنية، يحكم عبرها على مخرج أو كاتب أو ممثل، نتيجة اعتبارات شخصية وأنانية بعيدة من المهنية والاحترافية.