2013/05/29
إبراهيم العريس – الحياة
تتحدث الأخبار الفنية الآتية من معظم البلدان المنتجة للمسلسلات التلفزيونية العربية ولا سيما الرمضانية منها، عن انخفاض ملحوظ في عدد الأعمال التي تمّ التأكد من ان انجازها في هذه الأيام والأيام القليلة التالية فاصلة إيانا عن بدايات الشهر الفضيل. ما يعني طبعاً انخفاضاً في كمّ الإنتاج يفيد بعض الأرقام انه قد يصل الى النصف، أي الى نصف ما كان يُنتج في المواسم الرمضانية السابقة. ومن المؤكد انه خبر محزن لهواة هذا النوع من الترفيه الرمضاني من الذين سيجدون بالتالي ان اختيارات لياليهم هذا العام ستكون محدودة.
لكنه بالتأكيد سيكون خبراً مفرحاً لمستوردي المسلسلات التركية التي تبدو وحدها مؤهلة لتسد النقص ولو جزئياً، في ظل أوضاع انتاجية لم تعط بعد حظوظاً كافية لمسلسلات عربية آتية من مناطق أخرى غير سورية ومصر اللتين اعتادتا الإستئثار بالغالبية العظمى من المشاهدين الرمضانيين يتابعون اعمالهما بشغف لا يلين. فالمغرب العربي بدوله المتنوعة لا يزال بعيداً عن إقناع المشاهدين المشارقة، هذا إذا كان قادراً اصلاً على ان يقنع بأعماله متفرجي المغرب العربي الكبير انفسهم خارج إطار المتابعات المحلية الضيقة. ولبنان الذي كان ذات يوم منتجاً كبيراً للمسلسلات، لا يزال يتخبط في ميلودراماته الركيكة وزعاق ممثليه الفاقع وتقنياته الإخراجية المضحكة. أما العراق والخليج فإلى السوق المحلية توجههما في أحسن الأحوال...
إذاً لن يكون في الميدان إلا الأتراك، علماً بأن ما يقال عن الإنتاجات السورية القليلة والمصرية الأقل، لا يبشر بأننا اصلاً سنكون أمام اعمال كبيرة، بل أمام تكرارات وإعادات انتاج لا تحمل أي جديد...
ولكن مهما كانت الحال، سيمر الموسم طالما ان الجمهور بسيط ومتسامح وهو، إن عزّ الأفضل، سيمضي سهراته والسلام. فهل يمكننا في خضم وضع «إستسلاميّ» كهذا، أن نأمل على الأقل في ان تكون ضحالة الموسم التلفزيوني المقبل، مناسبة لتوقّف المبدعين أنفسهم، من مصريين وسوريين وخليجيين وغيرهم، أمام أنفسهم مفكّرين في حال هذا الفن الذي كان لسنوات قليلة مضت، واعداً ويكاد يحلّ مكان العديد من الفنون العربية وفي بعض الأحيان يغني بعض أشرس هواة السينما نفسها عن ارتياد الصالات؟
هل نأمل من هؤلاء الذين زيّنوا احياناً ليالي رمضان بفن كبير ومبتكر أبدعوه مستفيدين من تقدم الآداب والفنون ومن اندماج فنانين كبار في اللعبة التلفزيونية بعد تردد طويل، هل نأمل منهم ان يحوّلوا القحط الذي يعيشه فنهم اليوم، على صعيد النوعية كما على صعيد الكمّ، الى دافع يأخذ بيدهم في السنوات المقبلة، وربما منذ الموسم المقبل، طالما ان هذا النوع من الأمور لا يمكنه الإنتظار طويلاً، نحو إبداع حقيقي يعيد الوصل مع تلك البدايات المدهشة التي أعادت الجمهور العريض الى إيمانه بالفن وربما بالمجتمع وبالتاريخ أيضاً في سنوات العصر الذهبي التي نأمل ألا تكون انقضت الى غير رجعة؟