2013/05/29
فجر يعقوب – الحياة
سيغيب الإعلامي باسم يوسف مع برنامجه وطاقمه، ثلاثة أسابيع. الخبر جاء مقتضباً، لكنه يكشف عن حالة «البرنامج» التي وصل إليها بعد التصعيد القضائي الذي أخذ يطاول يوسف تحت عناوين وتهم مختلفة: ازدراء الدين الإسلامي، التطاول على الرئيس المصري، الإساءة لباكستان... ليس مؤكداً أن صاحب البرنامج أو محطة «سي بي سي» قد يعيدان إطلاق البرنامج بالحلّة ذاتها، تقول مصادر مطلعة، بل يقول البعض إن باسم يوسف يتراجع هنا لاعتبارات خاصة بالمحطة نفسها، وهو ما دفع إلى «التقاط الأنفاس» المعلن، في محاولة لتبصّر الطريق الجديد المفتوح أمام «البرنامج»، الذي أخذ يحتل مساحة واسعة من الوجدان الفضائي العربي –إن جاز التعبير– من دون أن نتطرق إلى الوجدان الشعبي المصري والعربي، فباسم يوسف ظاهرة غير مسبوقة قد تزيح في طريقها صوراً وأخيلة كثيرة لمقدمي برامج سياسية وحوارية أيضاً ازدهى بها الفضاء العربي في العقدين الماضيين.
والأكيد أن استراحة باسم يوسف «الاضطرارية» قد تعني انكساراً وتشظياً في السياق الإعلامي نفسه الذي أطلّ من خلاله. ربما ناءت فضائية «الفلول» -كما يحب البعض أن يطلق على محطة «سي بي سي» راعية البرنامج- بأثقال باسم يوسف نفسه، ولم تحتمل هذا القوس المبهر الذي خطّه البرنامج في مواجهة مكشوفة مع عالم مغلول طالما شكل مقياساً للعالم العربي الجديد الذي يطرب لنوع الفضائيات التي يريدها، بعد أن كبّلت التلفزيونات الحكومية عقول الجماهير العربية ووجدانها.
قد لا يُطلّ باسم يوسف عبر فضائية «سي بي سي» ثانية ببرنامجه، ما يعني أن كثراً سيفتقدونه. وقد يرتدّ هذا البعض إلى «أطباء» البرامج الحوارية ثانية، ليس من أجل تكرار الثناء والمديح، بل لإجراء مقارنات وجردات أخيرة، فقد تغيّر الفضاء العربي جذرياً، ولم يعد ممكناً الحديث عن عودة وتقهقر حتى لو خلا هذا الفضاء من «البرنامج»، لأن باسم يوسف تحوّل بحسبة بسيطة، ظاهرةً إعلامية لم يعد ممكناً محوها أو القفز عنها بسهولة نتيجة ضغط تتعرض له هذه الفضائية أو تلك. لكن هذا لا يعني أن قطعاً إجبارياً في مسيرة «البرنامج» لن يترك آثاراً سلبية عليه. نعرف من تجارب سابقة أن الانكسار والتشظي مؤذيان في هذه الحالة. صحيح أن «الطبيب» باسم يوسف، انطلاقاً من طبيعة التلفزيون نفسه وهويته، أصبح يعني لفئات كثيرة من المشاهدين العرب عدّاداً لنبضات القلب نفسه، يضبط إيقاع الأمسيات الثقيلة والمكربة في مواجهة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية موجعة، إلا أن التعثّر هنا قد يجرّ أوضاعاً سيئة، حتى لو أطلق يوسف برنامجاً مشابهاً عبر فضائية أخرى: الوجدان الفضائي العربي – للغرابة – لا يقبل بمثل هذا الحل، ودائماً سيركن إلى عقد مقارنة مع الفضائية الأم.