2013/05/29
صهيب عنجريني – السفير
يرى المخرج السوري نجدة إسماعيل أنزور أن استهداف العلَّامة محمد سعيد رمضان البوطي كان «خسارة كبيرة ليس لسوريا فحسب، بل للعالم الإسلامي بأكمله.. والشهيد البوطي كان أحد صمامات الأمان في الأزمة السورية». تصل نتائج تلك الخسارة، وفقاً لأنزور، حدّ التأكيد أنَّ «سوريا ما قبل البوطي شيء.. وما بعده شيءٌ آخر مختلف». وكان أنزور قد قال في حديث صحافي الأسبوع الماضي، إنّه بقي على احترامه للبوطي رغم خلافه الشهير معه، بعد انتقاد البوطي مسلسل «ما ملكت أيمانكم». وفي حديث مع «السفير»، يكشف المخرج السوري عن مقابلة مصوّرة أجراها مع العلّامة الراحل قبل شهر واحد من اغتياله: «التقيت العلَّامة البوطي قبل استشهاده بحوالي شهر، وأجريت معه مقابلةً مصوَّرة حول علاقته بالرئيس الراحل حافظ الأسد، وهذا ما لم أكشف عنه سابقاً». يسترجع أنزور تفاصيل اللقاء: «عندما التقيته بادرته بالقول: رغم اختلافي معك في بعض الأمور، لكنني أحيي موقفك الوطني، وأحيي ما تقوم به في ظل هذه الأزمة، فسرّ لكلامي، وتألق في الحديث عن حافظ الأسد». يوضح صاحب «نهاية رجل شجاع» أن المقابلة مع البوطي كانت جزءاً من سلسلة وثائقية تستعرض تاريخ سوريا المعاصر ما بين عامي 1930 و2000، مؤكداً أن السلسلة جاءت بمبادرة شخصية، وهي إنتاج خاص تشغل شخصية الأسد الأب حيزاً كبيراً منه.
يؤكد أنزور الذي عُرف بموقفه المؤيد للنظام السوري في ظلّ الأزمة أن «هذا العمل لا يهدف إلى تمجيد السلطة، لكنّه محاولة لإنصاف حافظ الأسد، فهو الأب الروحي لسوريا»، ويضيف بلا تردّد: «نحن جيل حافظ الأسد». يقول صاحب «الحور العين» إنَّ سلسلته هي «وثيقة تم الاشتغال عليها بموضوعية شديدة»، وقد احتوت في سبيل ذلك على شهادات كثيرة لمجموعة كبيرة من الشخصيات البارزة التي عاصرت حافظ الأسد، منها إميل لحود، وكريم بقرادوني لبنانياً، إضافةً إلى شخصيات وأسماء مهمّة عالمياً، في فرنسا، وبريطانيا، والعديد من دول العالم، منهم على سبيل المثال الكاتب البريطاني باتريك سيل صاحب كتاب «الأسد.. صراع على الشرق الأوسط». تتناول السلسلة ــ حسب مخرجها ــ «بموضوعية شديدة أهم المراحل التي عاشتها سوريا المعاصرة، وتتحدث في سياقها عن شخصيات كانت مهمشة ولا يتم التطرق إليها عبر وسائل الإعلام السورية مثل صلاح جديد، جمال الأتاسي... علاوةً على سلسلة الانقلابات التي سبقت إمساك «حزب البعث» بزمام الحكم، وصولاً إلى «الحركة التصحيحية» التي قام بها الأسد الأب. كما يأخذ العمل الوثائقي على عاتقه مهمة «إيضاح حقيقة تلك الحركة، وعرض مقدماتها، ونتائجها، فهي ليست مجرد انقلاب كما يعتبرها البعض»، حسب تعبير أنزور. لا يحدّد المخرج المنهمك حالياً في عمله الجديد «تحت سماء الوطن» موعداً واضحاً لعرض سلسلته الوثائقية، فالعمل على إنجازها ما زال جارياً، ويقول: «بمجرد إنجازها ستوزع على نطاق عالمي، لتوضع بين أيدي المشاهدين مترجمةً إلى عدة لغات». هكذا يتحوّل ضدّان سابقان إلى شريكين في موقف واحد، ويصبح أحدهما بطلاً لعمل فني يخرجه الآخر.. إنّها الأزمة السورية.. أم العجائب.
أزمة «ما ملكت أيمانكم»
ويعود الخلاف بين البوطي وأنزور إلى شهر آب 2010، حيث أصدر البوطي بياناً هاجم فيه مسلسل «ما ملكت أيمانكم»، الذي «أبى المسؤول عنه إلا أن يبالغ في سخريته بالله وبدينه» وفقاً للبيان الذي حذَّر من «غضبة إلهية عارمة، تسدّ بسوادها الأفق... إنها زمجرة ربانية عاتية تكمن وراء مسلسل السخرية بالله وبدين الله»، داعياً صنّاع المسلسل إلى التوبة، والمحطات التي تعرضه إلى إيقاف بثّه. أما أنزور فقد ردّ حينها ببيان مضاد اعتبر بيان البوطي «اتهاماً واضحاً يدل على الاستهداف الشخصي ومحاولة استعداء الجمهور سلفاً». مقترحاً على منتقديه «بعض التواضع والعودة إلى تراث الدين العظيم ليكونوا أكثر تسامحاً واتساعاً».