2013/05/29
ليندا حمود – تشرين
إن انتشار الدراما السورية الواسع، والطلب المتزايد عليها من مختلف المحطات العربية، أدى إلى بروز سلع درامية جديدة، فبتنا أمام تصنيفات جديدة للدراما السورية، منها بروز ظاهرة أو موضة مسلسلات (الصبايا) التي لاقت سوقاً رائجة لها في المحطات الفضائية العربية، بسبب ما تميزت به هذه الأعمال من إبهار بصري في الديكور والإخراج والملابس، إضافة إلى اعتمادها على العنصر النسائي في البطولة المطلقة، على الأغلب فتيات جميلات يلبسن أحدث الأزياء مع المبالغة في المكياج والاكسسوارات؛ ليس هذا فحسب بل يترافق ذلك مع عرض لجماليات المكان، فالبطلات على الأغلب يسكنّ في بيوت و«فلل» فاخرة نوعاً ما.
تتخذ هذه المسلسلات من مشكلات «الحسناوات» اليومية والبسيطة أحداثاً رئيسة وأساسية ومحورية في صوغ بنية العمل، في حين تبتعد عن المشكلات العميقة والكبيرة التي تعانيها الفتاة في أغلب مجتمعاتنا العربية، إضافة إلى الكوميديا الخفيفة (لايت) التي تصبغ أغلب هذه النوعية من الأعمال.
كما اعتمد بعض هذه الأعمال أسلوب (السلسلة) التلفزيونية كمسلسل (صبايا) بأجزائه الأربعة، إذ تتألف كل حلقة من قصة جديدة لكن مع وجود الأبطال أنفسهم.
وقد تعرضت هذه الأعمال إلى انتقادات عديدة:
فالبعض وصفها بالسطحية بسبب تركيزها على مشكلات الفتاة العربية التي تنتمي إلى الطبقة الغنية التي تعد مشكلاتها تافهة مقارنة بمعاناة أغلب الفتيات في مجتمعاتنا، وابتعادها عن المشكلات العميقة والمصيرية التي كان من الأولى مناقشتها وطرحها تلفزيونياً على الأقل، ولاسيما في هذا الوقت العصيب الذي يعصف ببلادنا العربية.
آخرون اتهموا هذه الأعمال بتقليدها للدراما التركية التي اكتسحت شاشاتنا العربية في الآونة الأخيرة، وذلك بسبب اعتماد هذه الأعمال على الإبهار المكاني والبصري، وهو ما أنكره صناع هذه الدراما, بينما اتهمها البعض بالترف المبالغ به والبعد عن الواقع، إذ عدّ هؤلاء هذه الدراما في ظل هذه الظروف ترفاً والمجتمع السوري الجريح اليوم لا يهتم بموضوعات ترفيهية كهذه، بينما يعاني هو من ظروف سيئة للغاية.
ولكن بالرغم من كل الانتقادات التي طالت هذه النوعية من المسلسلات فإن لا أحد يستطيع أن ينكر أنها استطاعت استقطاب جمهور لا بأس به محلياً وعربياً على امتداد مساحة البث كمسلسل (صبايا) بأجزائه الأربعة، ومسلسل (جلسات نسائية)، و(بنات العيلة).
ومن أوائل هذه المسلسلات نذكر أن مسلسل (بنات اكريكوز) لهشام شربتجي 2003، شكّل البداية لهذه النوعية من المسلسلات، و قد لاقى نجاحاً لا بأس به، ما فتح المجال لمسلسلات قادمة اتخذت من الصبايا بطولة وموضوعاً لها، فتتالت هذه النوعية من الأعمال التي اتخذت من هموم البنات ومشكلاتهن موضوعاً لها. هل علينا أن نتذكر هنا مسلسل (أبو البنات) لمؤلفه هاني السعدي؟ أيضاً مسلسل (أشواك ناعمة) لرشا شربتجي 2005 الذي قدم المشكلات التي تتعرض لها الفتيات في سن المراهقة، ولاقى نجاحاً وإقبالاً من المتفرجين.
وبالرغم من أننا رأينا عرضاً لمشكلات الفتيات الفقيرات ضمن بعض المسلسلات الاجتماعية كمسلسل (الانتظار) 2006 لمخرجه الليث حجو الذي تعرض في أحد محاوره لحياة فتيات من عائلة فقيرة تسكن في العشوائيات، وما يتعرضن له نتيجة للفقر والأوضاع الصعبة، وكذلك الأمر في مسلسل (وشاء الهوى) 2006 إخراج زهير قنوع الذي ناقش حياة الشباب الجامعيين وواقعهم خلال فترة الدراسة وبعد التخرج من الجامعة، وما تحمله هذه الفترة من مصاعب ومصير مجهول، فأضاء على حياة طالبات جامعيات فقيرات اضطررن إلى القدوم إلى العاصمة لإكمال دراستهن وسكنّ بالمدينة الجامعية، فعرض لمختلف الظروف والمشكلات التي عانين منها.
ولكن كنا نتمنى لو نرى أعمالاً تفرد مساحات أكبر لعرض مشكلات الفتيات المنتميات إلى البيئة الفقيرة أو دون المتوسطة مثلاً، فهذه الشريحة هي الأكبر في مجتمعاتنا وتسليط الضوء عليها هو الحاسم اليوم في تحديد موقفنا الأخلاقي والجمالي مما يحدث، قبل أن نكرّس هذا النمط من نساء «الديفيليه» والموضة والمولات ومحلات السهر والسيارات المكشوفة على شارع الحب العربي المعلّب خليجياً..