2013/05/29

"سقوط أوليمبوس" إنقاذ جيد للرئيس الأمريكي
"سقوط أوليمبوس" إنقاذ جيد للرئيس الأمريكي



محمد رضا – دار الخليج




رئيس الجمهورية الأمريكي لا يخرج من مأزق حتى يقع في سواه . إنه السياسي الذي يريد التفاوض مع مخلوقات المريخ القاتلة في لحظة يأس في “المريخ يهاجم” إخراج رتشارد بيرتون-1996 والذي يواجه غزواً فضائياً قد يمحو الولايات المتحدة في “يوم الاستقلال” وأخرجه رولاند إيميريش- 1996 وكوارث طبيعية هائلة في “أرماغيدون” لمايكل باي-1998 و”تأثير عميق” لميمي ليدر-1998 كما في 2012 إخراج إيميريش- ،2012 وهذا ليس سوى القليل من مئات الأفلام التي أظهرت رئيساً أمريكياً في وضع خطر على نحو أو آخر .

ما هو ملاحظ في الآونة الأخيرة أن الأفلام التي تتعامل معه من زاوية تعرّضه لخطر شديد على أيدي إرهابيين وتبعاً لخطط يعجز البيت الأبيض عن تداركها في الوقت المناسب فيجد الرئيس نفسه في أزمة عاصفة قد تطيح حياته وأحياناً حياة ملايين الأمريكيين، ازدادت على نحو كبير . في “سولت” إخراج فيليب نويس- 2010 نجده تحت تهديد موت مباشر من قِبل جماعة إرهابية، يقودها أمريكيون خائنون، تسللوا إلى البيت الأبيض وحجزوا الرئيس، كما قام ببطولته هانت بلوك وعلى عميلة ال”سي آي إيه” (أنجلينا جولي) القيام بإنقاذه وتبرئة نفسها من تهمة الخيانة في الوقت نفسه .

وفي هذه الأيام نتابع “جي آي جو: العقاب” حيث يتقمّص مجرم خطر (جوناثان برايس) شخصية رئيس الجمهورية (برايس أيضاً) فيستولي على البيت الأبيض ويسجن الرئيس وفي نيّته تدمير الولايات المتحدة الأمريكية .

فيلم آخر معروض هو “سقوط أوليمبوس” وهو الأذكى والأفضل بين هذين الفيلمين الجديدين والأكثر امتلاء بالأبعاد السياسية والغايات التحتية التي ينضح بها السيناريو، لكنه جيّد التنفيذ حتى من دونها، فمخرجه هو أنطوان فوكوا الذي قدّم الفيلم البوليسي “يوم التدريب” (2001) والفيلم التاريخي “الملك آرثر” (2004) ثم قدّم التشويقي في “مطلق نار” (2007) و”نخبة بروكلين” (2010) وفي فيلمه الجديد هذا .

من شخصيات سقوط “أوليمبوس” عضو في الفريق الخاص بحماية رئيس الجمهورية اسمه مايك ويؤديه جيّداً جيرارد بتلر، الذي أنقذ حياة الرئيس (أرون إكهارت) عندما وقفت السيارة الرئاسية عند الحافة إثر حادثة مفاجئة في يوم عاصف . الرئيس يصيح بمايك طالباً إنقاذ حياة زوجته (جد أشلي) لكن مايك يختار إنقاذ حياة رئيس الولايات المتحدة وهو اختيار صعب . مباشرة بعد إخراجه من تلك السيارة تهوي السيارة إلى الأعماق وتموت الزوجة . بعد سنة ونصف السنة هاهو مايك قد تحوّل إلى عمل إداري بعيد عن البيت الأبيض، لكن هذا الابتعاد ينتهي بعدما تمكّنت قوّات نخبة من كوريا الشمالية السيطرة على البيت الأبيض والقبض على الرئيس وأعضاء من حكومته في الملجأ . الغاية مزدوجة: إرغام الرئيس على إصدار أمر بمغادرة القوّات الأمريكية عن كوريا الجنوبية وإرغامه كذلك الإدلاء بالشيفرة التي يمكن استخدامها لشل قدرة الولايات المتحدة النووية .

مايك ينجح حيث فشل العسكر . بعد معارك ضارية يسقط فيها كل فرد من قوّات الحراسة الخاصّة وفوقهم عدد كبير مماثل من قوّات الجيش والشرطة يبقى الأمر منوطاً بمايك، وقد تسلل إلى البيت الأبيض، للعمل من الداخل والقضاء على الإرهابيين الكوريين الشماليين . تقليد الحبكة لما ورد سابقاً في فيلم “داي هارد” الأول جون مكتيرنن-1988 وفي فيلم “تحت الحصار” لأندرو ديفيز- 1992 يبدأ من هنا، لكنه ليس تقليداً بليداً . هذا الفيلم يتميّز عن سابقيه بأن لديه أجندة سياسية .

إنه من المصادفات الفعلية أن يباشر الفيلم عروضه وسط أزمة كورية شمالية- أمريكية حالياً . الكوريون الشماليون في هذا الفيلم قوّة لا يستهان بها . ولديهم دافع يستحق النقاش: الانتقام من أمريكا التي جوّعت الكوريين وقسّمت البلاد . وهناك بينهم متعاون من رجال الحراسة الأمريكييين (يقوم به ديلان مكدورمت) الذي يواجه الرئيس قائلاً له: “من باع أمريكا للأجنبي؟ وكم يبلغ سعر شراء رئاسة الجمهورية؟ 500 مليون دولار؟ من هو الخائن؟ خيانتي ليست سوى قدر ضئيل من خيانتك أنت” .

في الوقت ذاته، هناك روث (ميليسا ليو) وزيرة الدفاع الأمريكية المحجوزة مع الرئيس . الفيلم يقدّمها كنموذج وطني رائع وفي البداية، ونظراً لاسمها الأول، ونظراً لأن أحد كتاب السيناريو يهودي، تعتقد أن الفيلم يحاول استغلال وضعها كيهودية للحديث عن التضحية اليهودية صوب أمريكا . وهذا ربما كان مقصوداً فهو ينضح بهذه النيّة لولا أن اسم عائلتها هو مكميلان ما ينسف الاعتقاد تماماً . هل غيّر المخرج كنه العائلة ليتجنّب توفير سياسة لا يريدها؟

إذ يعمد “سقوط أوليمبوس” إلى توظيف الأزمة التي يعالجها للحديث عن قصور في أوضاع مختلفة وللحديث، ولو مبتسراً، عن “لا عدالة” حول العالم، ينبري ليكون أيضاً فيلماً وطنياً . هنا لا تستطيع لومه فهو فيلم أمريكي أولاً وأخيراً وولاؤه الأول لتلك البلاد .