2013/05/29
امين حمادة – السفير
انضمّ إلى قافلة الأعمال السوريّة التي يتمّ تصويرها في لبنان، عمل جديد بعنوان «العبور»، من تأليف وإخراج الروائية عبير إسبر، وإنتاج شركة «الريف» الإماراتية. يؤدّي أدواء البطولة ممثلون سوريون في مقدّمتهم عبّاس النوري، وسلافة معمار، وجهاد سعد، وباسل خياط، وقيس الشيخ نجيب، وريم علي، وميسون أبو اسعد، ومحمد حداقي وآخرون، بالإضافة إلى الممثل اللبناني بيار داغر.
من خلال المسلسل المعدّ للعرض في رمضان المقبل، تخوض إسبر أوّل تجربة لها في الإخراج التلفزيوني بعد فيلمي «تك تك» و«عبق مغادر». وينتمي «العبور» إلى فئة الخيال العلمي، وهو الأوّل من نوعه في ريبرتوار الدراما السورية. وتقول إسبر: «يناقش العمل أفكاراً أزليّة، هي ماهية السلطة، والحرية، والبنية الاجتماعية، والله، الشيطان، والإيمان، والموت والحياة، والحب والكراهية، وهل نحن مسؤولون عن قدرنا أم لا؟».
إسبر المتخرجة من «المدرسة العليا للفنون السمعيّة والبصريّة في باريس، تستخدم شخصياتها كأدوات درامية في البحث عن العلاقة المتداخلة بين المواضيع المطروحة. يؤدي عباس النوري دور معين الخال، رجل السلطة السابق، الذي يترك المنصب الرسمي من دون أن يتخلّى عن نفوذه، ويتجه إلى الأعمال الخاصة. وتقول إسبر: «بعد أن يحقّق هذا الشخص كلّ شيء، يكتشف أنه لا يمكن للإنسان إلا أن يكون حاكماً أو محكوماً، ومعين الخال يرفض الدورين معاً. يحاول إعادة قوننة الحرية، حتى لو اضطر إلى إعادة اختراع هذا الكون. ويبدأ العمل بنوع من الصفقة، مع مايا التي تؤدّي دورها الممثلة سلافة معمار». تنطلق المخرجة السورية من تجربة مشابهة في روايتها «قصقص ورق»، حيث تبحث الشخصية الأساسية عن اليقين من خلال الشك. أما الرسالة الأبرز في المسلسل برأي اسبر فهي «أنّ البشر غير مستعدين لتحمل نتيجة أعمالهم، ويبحثون دائماً عن المخارج على عاتق الآخر». وفي هذا السياق تفسِّر دلالة اسم «العبور» بأنه «انتقال من حالة إلى حالة، هروب من الألم والواقع والمسؤولية إلى الشيء الافتراضي الغامض».
ويحمل العمل في طياته العديد من الإسقاطات السياسية على الراهن السوري. في أحد الحوارات نسمع: «أنا اختصرت على الناس العذاب، وتركت لحالي، ما فوتت حدا بحمامات دم»، أو «مو متحمّل ذنب حدا برقبتي، لا وعدته بالحرية ولا قلتله بدك تدافع عني وتفديني بروحك ودمك».
تصنّف الكاتبة والمخرجة نفسها بـ«المعارِضة القريبة من فكر ميشيل كيلو». وتعتقد أنّ سوريا وصلت إلى نقطة اللاعودة: «وصلنا إلى أفق مسدود ناتج من سلسلة أخطاء منذ استقلال أعتبره مغشوشاً لم يبنِ دولة». برأيها، «بلغت الأمور مرحلة معقّدة لدرجة يصعب أن تتجه نحو الحوار». وتعترف: «ما يحصل يصيبني بالارتباك، وأحياناً بالخرس، ويدفعني نحو السؤال عن الحلّ، كغيري من أبناء بلدي».
ورغم تأثير الأزمة على الدراما السورية، إلا أنّ إسبر تؤكّد استمرار الإنتاج بمستوىً عالٍ، «لأنّها تنبع من خلفيَّة ثقافيَّة تعالج الواقع، ويشارك في صناعتها أسماء كبيرة قادرة على تقديم طوق النجاة في هذه المرحلة، ولأنّها تواكب ذوق الجمهور والمنتج العربي، خصوصاً في أعمال البيئة الشامية، لكنّنا نبني العمل وفق معطيات جديدة فرضتها الأزمة». وفي هذا السياق، تمّ تعديل نص «العبور» من أجل اعتماد لبنان كموقع للتصوير الذي سيستمرّ مدّة شهرين تقريباً. وجاء ذلك الاختيار بعد جولة استطلاع طويلة شملت الأردن، ومصر، ولبنان، قبل أنّ تختار المخرجة مدينة جبيل والقرى المجاورة لها، بسبب «الحيز الجغرافي المناسب للسيناريو وجمالية الصورة التي يقدمها». وعلى الرغم من ذلك يشكو مدير الإنتاج فراس العمري، من كلفة الإنتاج العالية في لبنان، قائلاً إنّها أعلى بنسبة 35 في المئة عن الكلفة في سوريا. ويوضح العمري بعض النفقات الإضافيّة، قائلاً: «يفرضون علينا في المناطق التي نصوّر فيها أن ندفع «تبرّعا للبلدية» من أجل السماح لنا بالتصوير في الأماكن العامة، الأمر الذي لم يكن مترتّباً علينا في سوريا». ومن الناحية التقنية، يقول المصور سومر البيش إنّ «العمل سيعرض بصورة سينمائية بفضل استخدام كاميرا «Red Epic» العالية التقنية».