2013/05/29
علي الحسن – الوطن السورية
يحدث أن تؤلف كتاباً تعطيه من عصارة جهدك فتجد بعد فترة طويلة أو قصيرة أن فصولاً كاملة منه- وبالفاصلة- تمت سرقتها لتنتقل إلى كتاب آخر باسم كاتب آخر وكذا الحال ينطبق على دراسات وأبحاث ومقالات ورسائل ماجستير وأطروحات دكتوراة وكذا الحال أيضاً ينطبق على أعمال مسرحية وفنية في ضياع لحقوق الملكية الفكرية التي إن أردت استردادها تحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير ونفاد أعصاب.. في سورية ثمة مديرية حقوق المؤلف تتضمن أرشيفاً كاملاً للنصوص والمخطوطات والأعمال الفنية التي يلجأ أصحابها إلى إيداعها لدى المديرية التابعة لوزارة الثقافة ويأخذ صاحب العمل «وثيقة إيداع» برقم وتاريخ وتبدي المديرية استعدادها وفقاً للأنظمة المرعية فيها للتأكيد أن كاتباً أو باحثاً أو فناناً أودع لديها عملاً وتشهد بذلك السؤال كيف يمكن الحد من التعدي على جهود الآخرين وحفظ حقوقهم الفكرية ورد الحقوق إلى أصحابها الحقيقيين.. والسؤال أيضاً ماذا عن الأعمال الدرامية وهل تشهد الساحة الفنية تعديات على حقوق الآخرين أم إن المسألة هنا محكومة بضوابط أخرى ذلك أنه يحدث أن يغامر كاتب شاب إلى كتابة نص درامي ويحدث أن شركة إنتاج تعجب بالعمل وتقوم بشرائه بقصد إنتاجه وفق صيغة عقد موقع من الطرفين لكن ما يحدث أحياناً أن الشركة تقول للكاتب إن عملك يحتاج إلى تعديلات وإضافات ومعالجة درامية مختلفة وأن النص يحتاج إلى شغل كثير وهنا تبدأ الخلافات تطفو على السطح بين أخذ ورد ويحدث أن تصل الخلافات إلى الإعلام وربما إلى المحاكم أيضاً.
مراسلات وأدراج رياح
منذ فترة تداولت وسائل الإعلام قضية خلاف بين كاتب نص درامي حمل عنوان «خوابي الشام» وبين شركة إنتاج قامت بشراء النص ثم عدّلت العنوان إلى «ابن الميتة» وأخذت الشركة موافقات رسمية باسم الكاتب قصي الأسدي ورياض العبد الله إلا أن الأمور تطورت بين الطرفين إلى اتهامات متبادلة.
والسؤال: هل عرض مسلسل «ابن الميتة، خوابي الشام سابقاً» الذي تمت عليه الموافقات وما علاقة مسلسل «طاحون الشر» للشركة المنتجة ذاتها الذي يقول الكاتب قصي الأسدي إن هذا العمل هو ذاته عمله «ابن الميتة/ خوابي الشام» وأن الشركة- تبعاً للكاتب- أجرت تعديلات في الشخصيات وإضافات هنا وهناك حتى ليبدو الأمر أنه عمل جديد لكاتب جديد الأمر الذي يؤكده تقرير خبرة فنية أن التشابه كبير بين العملين يصل إلى 70%.
الكاتب قصي الأسدي خريج الأكاديمية العربية للسينما والتلفزيون – القاهرة 2008. أودع نصه «خوابي الشام» لدى مديرية حقوق المؤلف كذلك فعل الكاتب مروان قاووق بإيداع عمل بعنوان «كسر الرجال» الذي يقول الأسدي إنه «كسر الرجال» سيأخذ عنوان «طاحون الشر» الذي بثته القنوات الفضائية وكانت الشركة المنتجة خاطبت نقابة الفنانين بخصوص تسهيلات للتصوير لعمل بعنوان «ابن الميتة» سيناريو وحوار قصي الأسدي رياض عبد الله، مروان قاووق إخراج ناجي طعمي وكذلك فعلت لجنة صناعة السينما في مخاطبتها محافظة مدينة دمشق لعمل بعنوان «ابن الميتة/ خوابي الشام» تأليف قصي الأسدي ورياض العبد الله دون أي ذكر للكاتب مروان قاووق- حسب ما يقوله الكاتب قصي الأسدي- الذي يؤكد أن جميع المراسلات والموافقات هي باسمه واسم شريكه في العمل رياض العبد الله على صعيد التأليف والسيناريو وأن الشركة تعهدت له بإدراج عبارة «تأليف وسيناريو وحوار: قصي الأسدي، رياض العبد الله» ضمن شارة المسلسل المذكور والذي تنازل عنه الكاتب للشركة وفق العقد الموقع بينهما إلا أن الكاتب قصي الأسدي الذي يعمل حالياً على وضع اللمسات الأخيرة لعمل بعنوان «العرجون» بالمشاركة مع الكاتبة أماني الأكرمي و«الشابكة» بالمشاركة مع رياض العبد الله. يؤكد أن حقوقاً له ذهبت أدراج الرياح وأن جهده ذهب سدى وأن الشركة استعانت بكاتب آخر ليعرض المسلسل – حسب الأسدي- باسم آخر وعنوان آخر مع تعديلات إلا أن المحاور الأساسية هي ذاتها وأن الشركة استعانت بأكثر من مخرج اعتذر عن العمل.
أحمر شفاه... وراء الكواليس
في ضوء ذلك يطرح السؤال التالي هل: طحن «طاحون الشر» «خوابي الشام» أم مات النص في أدراج الشركة التي حوّلت اسم «خوابي الشام» إلى «ابن الميتة»؟! وماذا عن «كسر الرجال» العنوان الذي تم إيداعه لدى مديرية حقوق المؤلف؟!
هي أسئلة نطرحها وقد أثارها الكاتب قصي الأسدي- تقدم للمؤسسة العامة للسينما بفيلم قصير بعنوان «أحمر شفاه» بالمشاركة مع أماني الأكرمي- الذي شعر بالغبن ويقول بدلاً من تشجيع المواهب الشابة ها نحن نقتل جهدها ونسوّق الأعمال بأسماء آخرين بحجة أن تسويق الأعمال يحتاج إلى اسم معروف.. ويضيف الأسدي إن 70% من الكتاب الموجودين حالياً على الساحة ليسوا هم من يكتب المسلسلات إنما ثمة وراء الكواليس من يكتب ويبيع نصه!!
تفكيك و13
فيصل عبد المجيد رئيس فرع نقابة دمشق ومن خلال قراءة نص «خوابي الشام» تأليف قصي الأسدي ورياض عبد الله ونص «طاحون الشر» تأليف مروان قاووق الذي عرض على محطات بما فيها السورية أجرى مقارنة فنية من خلال دراسة البنية الدرامية المبني عليها «خوابي الشام» وتبيّن له «تفكيك قصص وأفكار «خوابي الشام» وإقحامها وصبغها بـ«طاحون الشر» باستثناء أسماء شخصياته التي بقيت على حالها» واستنتج عبد المجيد «وجوه التشابه بينهما» التي وصلت إلى نحو ثلاثة عشر وجهاً للتشابه في الخطوط العريضة للعملين.
وجوه تشابه
وجوه التشابه العريضة حسب عبد المجيد في تقرير خبرة فنية له هي: قصة ومحور ابن بنت الميتة، الزمن الدرامي في العشرينيات، مقاومة الاحتلال الفرنسي وتشمل ثورة وثواراً ونقل سلاح وكمائن ومعارك ومداهمات، حارتين (واحدة أساسية وأخرى غير أساسية)، جغرافيا الحارة الأساسية متشابهة طبق الأصل، زعيم الحارة وشقيقاً له، حارس للحارة، دايتين للحارة، شيخاً للحارة الاغتيالات والقتل لبعض الشخصيات، الجاسوسية والتعامل مع الفرنسيين بنقل أخبار الثوار والسلاح، مقهى الجامع- فرن خبز- حلاقاً وحكيماً للحارة- مخفراً- بائع الفول- مضافة ساحة رئيسية للحارة- سبيل ماء- أماكن للثوار- سجن القلعة- مدخل رئيسي للحارة ومدخلاً فرعياً، وفي كل ذلك يرى عبد المجيد أن التشابه قائم بين العملين مع إضافات وتعديلات هنا وهناك ويقدم عبد المجيد شرحاً مبسطاً لتلك التشابهات.
شخصيات و«اقتباسات»
أما عن «التشابه والتحريف والاقتباس» بين الشخصيات و«الإسقاطات» التي أخذت من «خوابي الشام» وأقحمت في «طاحون الشر» فإن عبد المجيد يؤكد في تقرير خبرة له أنه تم اقتباس المحور الرئيسي، وهو قصة «بهية» ابنة الميتة من «خوابي الشام» وهو- تبعاً لعبد المجيد- أهم محور من محاور المسلسل وتحويله لقصة «ابن الميتة» و«إقحامه» بـ«طاحون الشر» على أنه أهم محور بالمسلسل وعليه ترتكز باقي القصص والمحاور كذلك تمت- تبعاً لعبد المجيد في تقريره- قصص وشخصيات منها: «نزار أفندي» وتحريفها وإقحامها في «طاحون الشر» وهو شخصية «الزعيم أبو راتب» و«أبو شام شقيق الزعيم» وكل من «حسن» و«سيفو» اللتين أدمجتا في شخصية «زيدو» وشخصيات «البرغوث» و«أبو طيارة» ودمجهما بشخصية واحدة في «طاحون الشر» و«أبو شاهر» كبير الثوار وشخصية «ازدهار» وهذه الشخصيات «المقتبسة» أخذت أسماء أخرى في «طاحون الشر».
تحريك... و«تحريف»
أما فيما يتعلق بالمقارنة مع الجغرافيا والديكور فإن تقرير فيصل عبد المجيد يؤكد أن المقارنة تبين أن «طاحون الشر» تم تعديله بناء على الديكور والجغرافيا الخاصة بـ«خوابي الشام» وهذا حسبما جاء في التقرير واضح من خلال تحريك الشخصيات داخل النص بحسب الاتجاه المراد تحريكه نحو الحارة الرئيسية إلى الحارات الداخلية والفرعية وبذلك- يعقب عبد المجيد في تقريره- لم يعد هذا الديكور الخاص بنص «خوابي الشام» بل أصبح الديكور الخاص بمسلسل «طاحون الشر» بأفكار وقصص نص «خوابي الشام» التي تم تحريفها والاقتباس منها قدر المستطاع ومن خلال التدقيق بالصورتين سيتبين- حسب التقرير- أن وجه التشابه الكبير يصل إلى نسبة 70% مع بعض التعديلات الطفيفة حسب توزيع أنواع المهن والمحال التجارية وبعض المنازل التي يرى التقرير أنها «قلّت عمداً لإبعاد التشابه قدر المستطاع».
«موافقات»!!
تقرير الخبرة الفنية عرّج كذلك على المقارنة من الناحية القانونية والمهنية للموافقات الرسمية حيث جاء فيه أنه: من خلال تقرير رقابة النصوص أنهم لم يحصلوا على موافقة لهذا النص وأن الموافقات هي حصراً لمسلسل «خوابي الشام» من خلال الكتاب الموجه من الشركة ولجنة صناعة السينما إلى مجلس محافظة مدينة دمشق بطلبهم تصوير نص «ابن الميتة/ خوابي الشام سابقا» تأليف قصي الأسدي ورياض عبد الله وإخراج ناجي طعمي بمكتب عنبر في حين -وحسب ما جاء في التقرير- أن مسلسل «طاحون الشر» لم يحصل على موافقة وإذا حصل على موافقة- بعد إثارة الجدل فإن التقرير يؤكد فنياً أن أي عمل درامي بهذا الحجم لا تقل مدة تصويره ومونتاجه عن ثلاثة أشهر.
استئناس... و«تشابه حد الاقتباس»
على سبيل الاستطراد فإن فيصل عبد المجيد العساودة يشير في تقريره إلى أنه قام بمتابعة العديد من حلقات المسلسل المسمى «طاحون الشر» أثبتت صحة ما ذهب إليه في تبيان أوجه التشابه، مضيفاً: إنه قام أيضاً بالاستعانة ببعض المختصين في الدراما على سبيل الاستئناس.
في ختام تقريره فإن فيصل عبد المجيد العساودة يشير إلى أنه اتضح من خلال تفاصيل فنية وإجرائية ودرامية وشكلية أن «هناك تشابهاً كبيراً بين النصين» يصل إلى حد «الاقتباس» رغم الاختلاف في اسم العمل وبعض التفاصيل الصغيرة وتبديل أسماء الشخصيات.
لم يرد!!
رئيس دائرة الرقابة والتقويم الفكري علي شريف وفي كتاب له يحمل أيضاً توقيع م. محمد رامز ترجمان مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تاريخ 22/5/2012 يؤكد أنه لم يرد إلى المكتب الإداري مسلسل (يصوّر حالياً) تحت عنوان «كسر الخواطر، أو ابن الميتة أو طاحون الشر» ولم يرد كتاب من لجنة صناعة السينما بتلك العناوين إلى المكتب الإداري لدراسته والحصول على موافقة، أما بخصوص مسلسل «خوابي الشام» تأليف قصي الأسدي ورياض عبد الله فقد ورد- حسب كتاب رئيس دائرة الرقابة والتقويم الفكري- إلى المكتب الإداري بكتاب رسمي من لجنة صناعة السينما رقم 1551 بتاريخ 17/10/2011 وحصل على الموافقة أصولاً رقم 952/ص. م. أ بتاريخ 3/11/2011.
نقابة الفنانين!!
المؤسسة التي اشترت نص «خوابي الشام» كاسم مؤقت من الكاتب قصي الأسدي قامت بمراسلة نقابة الفنانين تبين فيها بأنها ستقوم بإنتاج مسلسل بعنوان «ابن الميتة» سيناريو وحوار: قصي الأسدي، رياض عبد الله، مروان قاووق، إخراج: ناجي طعمي ورجت الشركة في كتاب لها (4/3/2012) النقابة توجيه كتاب إلى وزارة الدفاع لطلب موافقات تصوير بعض المشاهد وتزويد الشركة ببواريد وطلقات وديناميت وصاعق كمستلزمات للتصوير. بدورها نقابة الفنانين توجهت بكتاب لها في اليوم التالي يحمل توقيع فاديا خطاب نقيب الفنانين إلى وزارة الدفاع برقم 253 تاريخ 5/3/2012 تطلب فيه الموافقات عطفاً على كتاب الشركة.
تسهيلات..
لجنة صناعة السينما والتلفزيون وبكتاب لها موقّع من عماد الرفاعي رئيسها إلى محافظة مدينة دمشق (رقم 434 ص تاريخ 2/5). أشارت فيه إلى أن مؤسسة (غ) للإنتاج الفني تقدمت إليها بكتاب أنها تقوم بتصوير المسلسل التلفزيوني بعنوان «ابن الميتة/ خوابي الشام سابقاً» تأليف قصي الأسدي ورياض العبد الله، إخراج: ناجي طعمي بناء على موافقة لجنة قراءة النصوص في التفزيون العربي السوري رقم 92044 تاريخ 3/11/2011 وأن العمل يحتاج السماح بالتصوير بمكتب عنبر ولمدة سبعة أيام متفرقة ورجت لجنة صناعة السينما والتلفزيون الموافقة من المحافظة وتقديم التسهيلات الممكنة.
حفظ.. وتواريخ!!
وزارة الثقافة ومديرية حماية حقوق المؤلف أكدت في كتاب لها 2779/أ/10 تاريخ 2/5 أن السيد قصي ياسين الأسدي حفظ عملاً لدى المديرية بعنوان «خوابي الشام» بناء على الطلب المقدم للمديرية 7305/ج، تاريخ 22/11/2009 ومنح وثيقة إيداع برقم 2046/ج/ تاريخ 10/3/2010 كما بينت مديرية حماية حقوق المؤلف بالكتاب ذاته أن السيد مروان قاووق حفظ عملاً لديها بعنوان «كسر الرجال» بناء على الطلب المقدم إليها برقم 6492/ج تاريخ 13/9/2011 ومنح وثيقة إيداع 2767 تاريخ 3/10/2011.