2013/05/29
فؤاد مسعد – الثورة
سعت الدراما السورية إلى التنويع وتسليط الضوء على مختلف الشرائح الاجتماعية ، لكن بقيت هناك شرائح هي الأوفر حظاً بالتناول لأنها برأي (الدراميين)
تشكل بيئة تضج بالأحداث التي تنتج بدورها دراما مشوقة تشد الناس ، وأمام هذا التبرير بقيت فئات وشرائح من الناس في آخر سلم الأولويات ، وأقرب مثال لهذا الوصف (المعلمون) الذين يصادف عيدهم بعد أيام .
لقد أُنتِجت منذ زمن أعمال حاولت ملامسة واقعهم على حقيقته إلا أنها بقيت قليلة لا بل نادرة ، مثل (المعلم ، الغريب والنهر ..) إضافة لعدة أعمال جاء المعلمون فيها خطاً درامياً ليس أكثر وغالباً ما كان ثانوياً ، أو أن يأتي ذكرهم بالمصادفة عبر حلقة في مسلسل يعتمد مبدأ اللوحات ، والمفارقة اليوم أن هناك أعمالاً حاولت رصد حياتهم لكنها بقيت تطفو على السطح فاكتفت بالقشور ، والنتيجة مسلسلات (وخاصة كوميدية) يظهر من خلالها المدرسون على أنهم الحلقة الأضعف فهم مشوهون موتورون مضحكون .. والمهم من ذلك كله تسويق العمل وإن جاء ذلك على حساب المصداقية والإعراض عن ملامسة الهموم الحقيقية لهذه الفئة الهامة من مجتمعنا .
وبالتالي مما لا شك فيه أن المعلمين (بناة الأجيال) من الفئات الأكثر ظلماً على الشاشة ، فحضورهم الحقيقي والأقرب إلى الواقع يكاد يكون هامشياً ، وربما كان مسلسل (أشواك ناعمة) من الأعمال الأكثر توازناً الذي قدم أكثر من نموذج لطلاب ومدرسين ، كما أن (سوق الورق) الذي تمحور حول التعليم الجامعي أعطى اللونين الأسود والأبيض فيما قدم من نماذج ، وهناك عدة أمثلة أخرى تصب في هذه الخانة أو تلك ولكنها في مجموعها العام عجزت عن الولوج إلى عالم المدرّس الذي يفني حياته حاملاً هم طلابه بمصداقية كما يحمل هموم عائلته ووضعه المعيشي ومجموعة الضغوط التي تمارس عليه ، إضافة إلى كم من الموضوعات التي تبني أكثر من مسلسل مشوق .
هناك شرائح تنتمي في مجموعها إلى الطبقة الوسطى ، أو تحاول التشبث بها بما بقي لها من قوة كي لا تهوي إلى أماكن أخرى من الحياة ، ومثل تلك الشرائح بحاجة لأن نعبر عنها ونرصد همومها والمتغيرات التي طالتها وكم الضغوط التي تعيشها ، في زمن نحن احوج ما نكون فيه إلى التمسك بهذه الشرائح التي تشكل العمود الفقري الحقيقي للمجتمع وبنيانه ، وهي المصنع الذي يبني الأجيال .