2013/05/29

من ذكريات التلفزيون السوري
من ذكريات التلفزيون السوري


هزار عبود – الثورة

ذاكرة تلفزيونية رافقت مراحل من حياتنا، توقف عندها الزمن لحظات ليختزن في ذاكرتنا مشاهد لمنظومة برامجية بسيطة التقنية لكنها ..حفظت لنفسها مكاناً لا يمحى.

وفي مكان افتراضي عجيب يفرد صفحات تواصله للقاء العالم أجمع لدرجة أننا قد نجد بين طياتها أصدقاء قدامى..أو رفقة طفولة..لأناس طواهم الزمن من حياتنا في هرولة سريعة نحو المستقبل..استوقفتني صفحة على كتابه الالكتروني عنونت نفسها (بذكريات التلفزيون السوري)وفي عوالمها البصرية نجد صورا ..وفيديوهات لبرامج تلفزيونية..وكرتونية..وإعلانات مرئية..انفرد بها التلفزيون السوري و أصبحت قيد النسيان...‏

لكن..ورغم بساطة تقنياته في تلك الأيام إلا أن ما قدمه ترك بصمة في ذاكرتنا ...وإلى الآن تقودني ذاكرتي إلى برامج الكرتون التي كانت تعرض على شاشته بشارتها المخصصة وهي عبارة عن شخوص كرتونية تركب القطار معلنة بدء فترة الأطفال التي ضمت مسلسلات لشخصيات كرتونية أصبحت أسطورة من الحكايا ....‏

فمن منا لا يذكر أوسكار بشجاعتها..وساندي بل بطيبتها ومرحها..وسالي..وعدنان ولينا و السيدة ملعقة......والقائمة تطول لرسوم حفرت في ذاكرتنا مكاناً جميلا نسرح عبره بخيالنا و أحلامنا...وذلك لبساطتها التي فقدت من الكرتون الفضائي الذي يعصف اليوم بخيال الأطفال ويشحنهم بكمية هائلة من العنف...ويغذي أفكارهم برسائل مبطنة عبر شخصيات( لا نعرف أصلها..من فصلها..)فنرى كرتوناً على شكل إنسان وله ذيل فلا نفرق كينونته الإنسانية أو الحيوانية..المهم بأنه مقاتل شجاع ضد كل الشخصيات الأخرى...أو زمرة أخرى من الشخصيات التي يختلط بها (الحابل..بالنابل..)فهي مزيج غرائبي لرسام مزج جسد الشخصية الكرتونية بمعدن..وبنظرات شريرة ترغب بتدمير العالم...لتجرد الطفولة من عفويتها و براءتها...‏

فنحن الآن بأمس الحاجة إلى لمسة فنية في رسم الكرتون تشد الطفل بحتوتة ظريفة لتصل به إلى بر العبرة بشخوص محببة...ولنخفف الضغط الهائل الذي يتعرض له الأطفال جراء الكوارث الإخبارية!!‏

وفي محطة أخرى..وبعيدا عن الصفحات الفيسبوكية والكرتونية وبالرجوع إلى يومياتنا الحياتية..وبظل الأزمات المعيشية التي تعصف بنا بدأت تظهر في منازلنا منتجات..اعتقدنا وللوهلة الأولى أنها انقرضت..في ظل ثورة الصورة الإعلانية التي اجتاحت المحطات التلفزيونية بملايين الدولارات للدقيقة الواحدة و سخر لأجل ترويج منتجاتها أشهر نجوم السينما ..و الرياضة ..و الفن..

و الغناء.... لتعيدنا إلى مرحلة الإعلان التلفزيوني البسيط في الصورة والأداء لكنها رسخت العديد من المنتجات التي لازالت تحيا في منازلنا وخاصة في هذه الأيام التي تدخل فيها مجموعة الأدوات المنزلية الكهربائية في سبات عميق...وتعود الأيدي لمهارتها في الجلي و الغسيل عبر منتجات ظننا أنها مسحت من حياتنا في المرحلة السابقة فعاد المنظف و المبيض القديم للغسيل الذي يتوجه خصيصا إلى أيدي ربات المنزل و ليس لغسالتهن فمن لا يتذكر إعلان أحد مبيضات الغسيل الذي يقول(يا مبيض ...أحسن مبيض بالسوق,سألنا أبو صلاح قال عندو أحسن مسحوق) وحذف الاسم لانعدام إمكانية الترويج!!‏

هذا الإعلان...ليس إلا عبارة عن كلمات مغناة لصورة تعرض أبو صلاح البائع مع مسحوقه الجديد فكرة بسيطة للغاية لكنها رسخت المنتج ..وفي ظل هذه الظروف بتنا نهرول لاستخدامه منشدين تلك الأغنية!!‏

الإعلانات التسعينية ..ورغم انقراضها من سجل الشاشة التلفزيونية إلا أن منتجاتها بقيت رفيقة درب أمهاتنا اللواتي وللوهلة الأولى وقعن في الفخ الإعلاني الحديث الذي يمجد و يعظم منتجات متشابهة في المواد و الصنع بطريقة تجعلك عزيزي القارئ تشعر بأنك ستموت..وتتوقف حياتك..أو ستغدو طرزاناً آتياً من الأدغال لا يفقه شيئا بالتطورات الإنتاجية و الالكترونية أي لا مفر من اقتنائها مهما حاولت!!‏

وعلى قولة أم كلثوم(ذكرياااتٌ)....تغنى بها التلفزيون السوري مبقيا بداخلنا حنيناً...عاد واستيقظ الآن بعد زمن!!‏