2013/05/29
سلوى عباس – البعث
> لا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن الدراما تمثّل مرآة عاكسة للمجتمع والواقع الإنساني بكل مجالاته وتشعباته، وما يُحسب للدراما السورية هو تناولها للعديد من القضايا الاجتماعية التي كان سقف الطرح فيها يتضمّن هامشاً من الجرأة وحساسية الطرح ربما تفتقد إليه الدراما العربية، بل هناك الكثير من الأمثلة عن الأعمال التي كانت مثار جدل وإشكال لدى الجمهور، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على الدور الذي تضطلع به الدراما في حياتنا، ولا يقتصر دور الدراما على البعد الاجتماعي، بل هناك بعد تربوي توجيهي كان للدراما السورية حضورها فيه، ولنا في أعمال درامية تناولت قضايا نفسية وسلوكية لمرحلة عمرية حساسة هي مرحلة المراهقة خير مثال، ولعلّ من أشهرها مسلسل "أشواك ناعمة" الذي أُنتج وصوّر في عام 2005، إذ ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن تمّ عرض هذا العمل مرات عدّة على شاشاتنا الوطنية، والآن يُعرض على قناة سورية دراما، وفي كل مرة يثبت راهنية القضايا التي يطرحها، وتوافق الرؤية الإخراجية مع المادة الدرامية، وتفوّق النجوم السوريين المشاركين في العمل على أنفسهم من حيث تألقهم في الأداء، وتجسيدهم لشخصياتهم بدراية ووعي للتفاصيل التي تنطوي عليها كل شخصية، فجاءت شخصيات من لحم ودم.
ولعلّ من أهم القضايا التي طرحها العمل أيضاً أهمية وجود المرشدة النفسية في المدارس للوقوف على مشكلات الطلاب وتجنيبهم الوقوع بمطبات أفكارهم بتقديم النصح والإرشاد لهم، وتأكيدها أنهم عماد المستقبل ولبنته الأولى، إضافة لأهمية المحاور الأخرى التي طرحها العمل، وشكّلت مجتمعة نموذجاً مصغراً للمجتمع بكل شرائحه وفئاته العمرية. ليأتي مسلسل "أيام الدراسة" بجزأيه مستكملاً توجه الدراما نحو القضايا الاجتماعية، ويعاين قضايا الطلاب في مرحلة الثانوية، وما يعانونه من مشكلات قد لا يلتفت لها الأهل ولا حتى الكادر التدريسي أو التربوي، وهنا تناول الطرح الطلاب "ذكوراً وإناثاً"، لكن الطابع الكوميدي الذي قُدّم به العمل جعله أقل جدية في الطرح من مسلسل "أشواك ناعمة" رغم أنه أضاء على هواجس وأحلام يعيشها الشباب في هذه المرحلة التي يرسمون مصير مستقبلهم على أساسها، وهذا التفكير له انعكاسات خطيرة إن لم يتمّ استيعاب هؤلاء الشباب واحتضانهم ليكونوا عناصر فاعلة وبنّاءة في المجتمع، ما يؤكد أهمية الدراما بأبعادها التربوية والنفسية عبر طرحها للقضايا التي يعانيها المجتمع، والحلول التي يمكن أن يتمّ طرحها في هذا المجال.
ومن هنا نرى أن الدراما السورية بما قدّمته من أعمال كان لها صداها الإيجابي والفعال، لا يمكن أن تتراجع عن مستواها الذي تبوأته منذ بداياتها الأولى، ومن ثم تطويرها لتقنياتها، وامتلاك صنّاعها لأدواتهم وإثباتهم لحرفيتهم، ما يجعل من الفتور الذي قد يعتريها الآن بسبب الظروف التي تعيشها سورية، دافعاً للنشاط والنهوض من جديد لتبقى هذه الدراما منارة ومثالاً للدراما العربية كلّها.