2013/05/29
لؤي ماجد سلمان – تشرين
كل عام تقف الدراما السورية حائرة للبحث عن الفكرة المناسبة، والتمويل، والتسويق، ولن يكون هذا العام مختلفاً كثيراً عما سبقه، الفرق الوحيد أنه يجب على الدراما السورية إقامة سوق عكاظ درامي خاص بها،
يستطيع أن يستوعب الأعمال الجديدة بكل رحابة صدر، فهنيئاً لنا لم نعد محكومين بضرورات التسويق حسب المقاييس النفطية أو معايير الكبسة والزفر، فاستحداث محطات فضائية جديدة، إضافة للقنوات السابقة العامة كالفضائية السورية، وقناة سورية دراما والأرضية، أو الخاصة كقناتي «سما، والدنيا» يتيح للمشاهد السوري خيارات في متابعة الأعمال الدرامية الجديدة، في حال احتضنت القنوات المذكورة الأعمال الوطنية، فسعيد الحظ من يستطيع متابعة ست ساعات عرض تلفزيونية.. هذا إن لم تشتر القنوات المذكورة أكثر من عمل، لكن في حال تم عرض عملين أو ثلاثة على القناة الواحدة، كما كنا نشاهد عادة في السنوات السابقة من منافسات للعرض في ساعات الذروة، وفوضى درامية على المحطات الفضائية، فيمكن لقنواتنا آنذاك عرض ما يزيد على العشرين عملاً من الإنتاج السوري، وقتذاك لن يستطيع الجمهور متابعة كل هذه الأعمال في موسم واحد، ما عرفناه عادة في الموسم الرمضاني الذي تعد له شركات الإنتاج عدتها من دون بقية المواسم والشهور، فلا خوف على الدراما السورية من الكساد لأن المتابع العربي أو المحلي كان يفتش عن الأعمال السورية بين المحطات الفضائية التي كانت تتسابق لشراء هذه الأعمال، وذلك قبل أن تفقد هذه المحطات زمام أمرها وتتحول إلى قنوات تتبع روزنامة سياسية لا فنية.
الفرق الوحيد هو رقم القناة الفضائية، غير أن عزوف تلك المحطات عن شراء ما كانت تتهافت عليه سابقاً، لن يضير الدراما السورية، فلو أن أعمالنا الفنية لم تثبت جدارةً ونجاحاً فاقا سقف التوقعات بين منافسيها منذ بداية التسعينيات وحتى هذه الساعة، بما قدمته من فن راق ورؤى إخراجية متطورة ساهم في تطويرها ونجاحها، لما شهدت ما شاهدته في الأعوام السابقة.
أما المصاعب والتحديات الحالية فلا تتعلق بمستوى الدراما السورية أو ما تقدمه، بل هي نتيجة أطماع دولية وتخاذل عربي لن يؤثر في مسيرتها إلا من الناحية المادية، فحتى لو لم تُوزع الأعمال السورية كما كان يحدث سابقاً، فهذا لا يعني أن هناك أدنى تفوق عليها في سوق العرض والطلب، ولا ينقصها إلا بعض الدعم لتوفير سوق عرض محلي؛ قادر على المحافظة على ما اكتسبته المسلسلات السورية من جمهور. هنا لا بد من التركيز على المؤسسات المحلية؛ ولاسيما مؤسسة الإنتاج التلفزيوني، ودورها المهم في توجيه الدفة نحو الاتجاه الصحيح، ليأتي بعدها دور القنوات السورية العامة والخاصة باحتضان الأعمال الدرامية من دون إمساكها من يدها الضعيفة.
كما يجب على الدراما السورية ألا تهتم بما تنجزه من عدد على حساب النوع، فدخولها سابقاً في منافسات في عدد الأعمال ليس مؤشراً دقيقاً على النجاح، بل نوعية ما تقدمه، غير أن ما يحضر من أعمال «صرخة روح، ياسمين عتيق، فل هاوس، زنود الست، حبة حلب، قمر الشام» وغيرها من أعمال الأجزاء على نحو.. «زمن البرغوت» و«بقعة ضوء» أو الأعمال المؤجلة من الموسم الماضي، ما هي إلا دليل واضح على أن الدراما السورية ماضية في رسالتها الفنية، ولم تتخل عن جمهورها رغم المضايقات والتهديد بالمقاطعة، ورغم ما تلاقيه من صعوبات في التصوير في أماكن بعينها، وستقوم بإنتاج ما يزيد على الخمسة عشر عملاً لهذا الموسم منوعة بين الكوميدي والبيئة الشامية والاجتماعي، ومهما حاولت الدراما المصرية والخليجية والتركية الدأب للمنافسة، فلن تستطيع إنتاج لا البيئة الشامية، ولا حلاوة حلب.