2013/05/29
محمد سمير – تشرين
يقولون المال نعمة، ولكن هذا لم يكن حال الأمة العربية مع خيراتها وثرواتها كون هذا المال تركز في أيدي بعض العربان، ما جعل إعلامهم يلعب الدور الأكبر بين الفضائيات العربية الأخرى،
ولأنه إعلام جاهل فقد مارس دوراً تخريبياً للذائقة وأمعن في تدمير الأجيال العربية ثقافياً وفكرياً وفنياً.
وأول صنوف هذه الهجمة جاء مركزاً على الفن وتحديداً الغناء وبالذات ما يسمى «الزمن الجميل في الفن»، فبعد الترويج لأشباه الفنانين وضعيفي الموهبة وأصحاب الإمكانات الصوتية المتواضعة على مدى أكثر من عشر سنوات عبر سلسلة قنوات روتانا السعودية، جاءت قناة mbc بفكرة برنامج «بحلم بيك» الذي يستفيد من الإمكانات الإنتاجية الضخمة بتقنية الـ4D والـ3Dوالمونتاج والغرافيك وغيرها من الخدع البصرية الحديثة في السينما والمسرح ليضع بعض الهواة - وإن كان بينهم من الجيدين- مع عمالقة الغناء العربي من أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وشادية ووردة الجزائرية وفايزة أحمد وغيرهم وجهاً لوجه في محاولة لربط الهزالة والتسطيح الفني والفكري الذي نعيشه بالموازاة مع زمن الفن الجميل!! فهل بات مطلوباً تدمير كل ما هو جميل لدى العرب؟ وهل من المنطقي أن نضع المغنية الخليجية مشاعل في ديو غنائي مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ؟! وهل من المعقول أن يقف المغني يوسف عرفات أمام عملاقة الغناء العربي أسمهان في ديو غنائي؟!.
وإن كانت إدارة القناة حريصة على استضافة مطربي الصف الأول على الساحة العربية حالياً، وهم ليسوا بسوية فناني ذاك الزمن على كل حال، أو بالأحرى لا تصح مقارنتهم بهم، ولكن يبقى السم الذي يراد دسه في دسم الإبهار البصري والسمعي والعرض المترف هو في وضع أشباه الفنانين ممن وصلوا بالوساطة أو لأغراض مشبوهة ليكونوا برفقة عمالقة الفن العربي القديم ونجومه الحاليين لترسخ في النهاية في أذهان الجمهور العربي صورتهم كفنانين كبار يستحقون الاستماع لأغانيهم التافهة والممسوخة ومن ثم التصفيق والإعجاب..!!.
وهنا تثار أسئلة عديدة، فهل صار تراثنا الفني العربي مستباحاً لكل من يملك المال والإعلام؟ وهل صار سهلاً استحضار عمالقة الفن العربي بأعمالهم التي أخذت الكثير من وقت مبدعيها لنضعهم جنباً إلى جنب مع من يدعون الموهبة أو ممن أريد لهم أن يكونوا نجوماً وفنانين؟ وما هو موقف ورثة عمالقة الفن من هذا الاستهتار بهذا التراث الغنائي الراقي؟ وما هو موقف النقاد الفنيين ونقابات الفنانين من المهزلة التي تحدث؟.. أم أن المال كمّ الأفواه ولجم العقول ودجّن الجمهور، ثم راح يسيّر الجميع بالريموت كونترول؟.