2013/05/29
الثورة - مسرح
ملامحه الجادة والحازمة وهدوء باد على شخصيته التي كانت تخفي وراءها تواضعاً وقدرة فائقة على احترام الآخرين والإنصات لهم.. روحه الجماعية تظهر بمجرد الجلوس معه
لتصغي إليه وهو لا يتحدث إلا عن الفن والموسيقا والأدب تتعلم منه ولا يوفر لحظة دون أن يستفيد من مستمعيه وصف بأنه مرجعية ثقافية ومهنية.. يوسف حنا (الممثل)..
الذي كان له دور بارز في تاريخ الحركة الفنية السورية وخاصة في المسرح..
ومنذ عام 1959 من خلال (ندوة الفكر والفن) التي أسسها رفيق الصبان وبعدها مع المسرح القومي عندما قدم عشرات الأدوار المسرحية التي أظهرت موهبته متفردة وثقافة واسعة وعميقة عبر أعمال منها (عرس الدم) و(الملك العاري) و( رقصة التانغو) و(سهرة مع أبي خليل القباني) و(حرم سعادة السفير) إخراج أسعد فضة (حفلة سمر من أجل 5 حزيران) إخراج علاء الدين كوكش.
(رأس المملوك جابر) تأليف وإخراج سعد الله ونوس. و(شقائق النعمان).
اشتغل الفنان يوسف حنا وأسس مع كثيرين من أبناء جيله لفترة عدت الأشوق والأهم في تاريخ المسرح السوري وخاصة في المسرح القومي في فترة الستينيات حيث وصل عدد مشاهدي العروض المسرحية إلى ثلاثين ألف مشاهد كما يقول الكاتب جان ألكسان.. هذا المسرح الذي وضع باعتباره قضايا الناس وأهميته الاجتماعية والسياسية بتأمين الفائدة والمتعة.
يوسف حنا من أبرز مؤسسي (المسرح الوطني الفلسطيني) في دمشق منتصف القرن الماضي، عمل يوسف حنا على خشبة المسرح وشارك في عدد من الأفلام السينمائية منذ بداياتها.. ثلاثية رجال تحت الشمس 1970.
لكن لا يمكن للمشاهد السوري أن ينسى أبداً دوره في مسرحية (كاسك يا وطن).
بدأت حياة يوسف الفنية وهو في السنوات الأولى من دراسته الجامعية في كلية الآداب، يقول في حديث خاص مع أحد الأصدقاء أإنه في عام 1961 حين انطلقت فرقة رفيق الصبان (ندوة الفكر والفن) وكان أحد أعضائها معه رواد العمل المسرحي السوري (منى واصف وهاني الروماني وأسامة الروماني..) كانت أعمالهم من الأدب العالمي المترجم وبرع فيها في نقل ناجح لروائع الأعمال مثل أنتيغون وتاجر البندقية.. من هنا جاء حب يوسف اللاحق بالأدب الكلاسيكي العالمي ومسرحه.
في النصف الثاني من الستينيات (القرن الماضي) عمل يوسف في المسرح التجريبي مع سعد الله ونوس وعلاء الدين كوكش وهاني الروماني تعتبر مسرحية حفلة سمر من أجل 5 حزيران عملاً فنياً ناجحاً بكل المقاييس ولاقت إقبالاً جماهيرياً شديداً في عروض متواصلة في عام 1971 (تباهى كثيرون بتكرار حضورها).
وكان أحد أهم أعضاء فرقة (أسرة تشرين).
شخصية يوسف في حياته اليومية كانت ملاصقة لشخصية الفنان المقتنع بدوره في إكمال روعة أدب الحياة: قال يوماً لهذا الصديق: (التمثيل هو الوسيلة الأولى لتفعيل الحرية والممثلون آلهتها).
كان مقتنعاً بدوره كممثل ولم يطمح كغيره للانتقال إلى الإخراج ملأ وقته دائماً بالقراءة المستمرة لروائع الأدب العالمي والمسرح والسينما: قال ذات مرة: (نحن ندخل إلى العقول والقلوب من فضاء واسع وكي تقبلنا هذه العقول والقلوب يجب أن نقتنع بكلامنا أي يجب أن ننجح في نقل الأفكار من الورق إليهم وهذا يتطلب مهارة كبيرة لا توفرها الموهبة وحدها ولابد من ثقافة عالية، عميقة وواسعة كي يتمكن الممثل من الوصول بدوره إلى ذهن المشاهد.
كان أصدقاؤه يرون في شدة اهتمامه برصيده الثقافي ومنهجيته وحرصه على المواكبة والإلمام بأحدث الأطروحات الأكاديمية وأخبار الفن المحلي والعربي والعالمي، فلسفة محورها احترام المشاهدين وهم بالنسبة للفن هدفه الأول والأخير.. (على خشبة المسرح (يقول صديق): كنت أراه يخاطب الحضور كما يفعل عندما يكلم جليسه، بتلقائية طبيعية دونما أي تصنع كثيراً ما سمعت المخرج الكبير فواز الساجر يسوقه مثالاً على المهنية المتميزة والبراعة في جذب انتباه الحضور).
ولد الراحل يوسف حنا في بلدة الرامة قرب عكا بفلسطين عام 1941 وتوفي وهو في قمة عطائه إثر مرض ألم به في كانون الأول 1993.