2013/05/29
فجر يعقوب – الحياة
لم نكن ننتظر تصريحاً من المخرج سليم الترك يؤكد فيه أن الفيديو - كليب الجديد لمغنية أليسا «أسعد واحدة» مسروق من إعلان تجاري أجنبي، وأنّ لا ضير في ذلك، داعياً في الوقت ذاته إلى استعراض معظم ما يصور من هذه «المخلوقات الغنائية» في العالم العربي للتأكد من حقيقة اعترافه.
لن يكون تصريح أو اعتراف الترك الأخير في هذا المجال. مشاهدات كثيرة قد تعفي من تأكيد وجود سرقات كثيرة وتعديات على أفكار وأفلام لا تقف عند حد. ليس في الأمر جديد. سبق لكثر أن كتبوا عن هذه المسألة، ولم يجدوا ضرورة للتنبيه من خطورتها. بعض هؤلاء لا يجد خطورة أيضاً هنا. فما يصور في معظمه من هذه «المخلوقات» تدور أحداثه الفوضوية على أراض أجنبية محايدة. الخطورة تكمن هنا. ليس بالضرورة أن يغلفها اعتراف المخرج والمغنية. الترك يقول إن أليسا كانت تعرف ذلك، ولم تبد اعتراضاً من أي نوع. نعم الخطورة ليست بالاعتراف، على رغم الإثارة التي تطبعه. قد يكون هذا دافعاً للبحث وتسجيل نسبة مشاهدات أعلى على موقع «يوتيوب» قبل الفضائيات التي تلهث وراء هذه الإثارة الغريبة، ما يدفع للقول بوجود تواطؤ بين الطرفين في تبني أعمال وأفكار مسروقة لا تجد من يعترض عليها، مع ما يعني ذلك حولجواز عرضها هنا وهناك.
كثر عقدوا مقارنات بصرية بين ما يشاهدونه من هذه الظواهر على الفضائيات. هذا مفروغ منه ولم يعد بحاجة لتأكيد، لكنّ الخطورة لا تكمن في هذه المقارنات «المحايدة» أيضاً، بل في فشل إجراء محاكمة عقلية للمادة المعروضة عليهم. لا يُخلق بالتوازي معها ذلك المشاهد الذي يأبى تسجيل موقف من هذا النوع. ربما لن يوجد مثل هذا المشاهد، وهذا يعني أن ساحة ظواهر كهذه ستبدو في وضع أكثر غنى.
الفيديو - كليب الجديد الذي دفع مخرجه الى الاعتراف بتصريح من هذا النوع سيمرّ عبر هذه المطحنة العملاقة مرور الكرام. ربما لا يؤثر كثيراً في دوافع البث وإعادة المشاهدة وهذا صحيح، لكنه يسجل هنا لنوع من العدائية مع الثقافة، حين يقرر ويقرّ حياد سرقة مضمون آخر لحساب مضمون آخر، كأن الذي يدور لا يتعدى مصاهرة بين الضحالة والخفة وانعدام المخيلة أو افقارها في عالم عربي مضطرب لا ينقصه مثل هذه المصاهرات، وهو يصنع نوعا من الفصام الثقافي والعقلي - ربما - لا يعود ممكناً التحقق منه مع استمرار هذا النوع من المصاهرات غير المكلفة لأصحابها.
هل يعني هذا أن اعــتراف سليم الترك، وعدم اعتراض «أســـعد واحدة» عليه في هذا الخـــــلاء الكوني المضطرب يمثلان نوعاً جديداً من ضرورات المصاهرات السطحية التي لا تنتهي؟