2013/05/29
هيثم صالح – تشرين
مع أنه ليس أسلوباً جديداً ولكنه غاب فترة من الزمن عن الشاشات الفضائية ثم عاد بقوة، والفضائيات اللبنانية هي الأكثر استخداماً له.
إنه أسلوب توظيف الأغنية الفكاهية الناقدة في البرامج المنوعة وحتى في البرامج ذات الطابع الاجتماعي والسياسي.
قد يخيل للبعض أنه أسلوب سهل والمقصود به الإضحاك والتسلية، ولكنه من أكثر الأساليب صعوبة وحساسية في إيصال الفكرة المراد التركيز عليها أو الظاهرة المراد انتقادها.
لقد أصبحت تقريباً كل الفضائيات اللبنانية وقسم من الفضائيات العربية تعد برامج تنتهج أسلوب الأغنية الخفيفة ذات الألفاظ البسيطة والمعبرة والمضحكة في أغلبية الأحيان لدرجة أن المشاهد يعتقد بأنه يستطيع صياغة الأغنية وإعداد الفكرة لشدة قربها من واقعه المعيش، وهذا الأسلوب تنطبق عليه تسمية «السهل الممتنع». ومن البرامج التي نالت نجاحاً لابأس به في استخدام الأغنية الناقدة في موضوعات مختلفة وإن كانت في أغلبيتها سياسية برنامج «قربت تنحل» وبرنامج «مش معقول»، لكن ما يلفت الانتباه هو إن غالبية كادرهما هو نفسه في البرنامجين مع بعض الوجوه الجديدة التي تحظى بأدوار ثانوية تشكل تناغماً محبباً مع الأدوار الرئيسة للفنانين القدامى الذين تمرسوا في هذا النوع من البرامج وأعتقد بأن سر نجاحهم هذا أنهم هم من يعدون البرنامج ويقدمونه للمشاهد.
الحلقة التي أذيعت يوم الأحد الماضي من برنامج «مش معقول» حملت جرعة كبيرة من النقد للواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وكان اللافت فيها أنها أذيعت بالكامل بالأسلوب الغنائي الساخر جداً والذي لم يوفر لا مسؤولين ولا أحزاباً ولا قطاعات خدمية وأعتقد بأن من تابع هذه الحلقة لم يغادر الشاشة حتى نهايتها.. ومن المؤكد أن رواج هذا الأسلوب وانتشاره واستمراره على شاشات الفضائيات سببه الكم الكبير من الملل الذي أخذ ينتاب المشاهد من البرامج الكلاسيكية لدرجة أن هذا المشاهد الذي يتوق بطبعه إلى التغيير يستطيع أن يتقبل طرح المشكلات المستعصية نفسها التي يعانيها ولكن بأسلوب فكاهي أكثر من تقبله طرح المشكلات نفسها والقضايا بأسلوب تحليلي، هذا فضلاً عن أن رواج مثل هذه البرامج يعكس مدى رغبة المشاهد في الترفيه نتيجة ضغوط الحياة ومطالبها.
أما ما يؤخذ على بعض القنوات التي تحاول تقليد مثل هذه البرامج فهو هبوط المستوى وعدم الانسجام في توظيف الأغنية المطروحة مع الموضوع المراد الإشارة إليه ولاسيما في قناتي LBC و MTV اللبنانيتين وأعتقد بأن السبب في ذلك هو أن أصحاب هذه القنوات يحاولون توجيه فريق العمل نحو تناول بعض الموضوعات التي تخدم أهداف هذه المحطات من دون أن يكون لفريق العمل أي رغبة في ذلك فتخرج هذه الموضوعات بطريقة مزعجة أكثر منها مسلية ومضحكة والدليل على ذلك هو نجاح بعض الشخصيات وحتى مجموعات العمل في بعض القنوات الفضائية وعدم نجاحها في فضائيات أخرى، رغم أن المطلوب منها هو تقديم الأسلوب الفكاهي نفسه.
في النتيجة ومع التطرق إلى مثل هذه البرامج فإنه لا بد من الإشارة إلى أن التلفزيون العربي السوري والفنانين السوريين كانوا رواداً في مثل هذا اللون وعلى رأسهم الفنانون دريد اللحام ورفيق سبيعي وياسر العظمة، لكننا منذ فترة ليست قصيرة لم نعد نشاهد هذا النوع من الفن الناقد على شاشاتنا الوطنية رغم حاجة الجمهور إلى مثل هذا التنوع.