2013/05/29
هيثم صالح – تشرين
تطالع المشاهد العربي خلال متابعته للفضائيات الباحثة عن جمهور برمج ليس لها هوية أو طابع اجتماعي أو ثقافي أو حتى فكري ما، والصفة الغالبة على هذه البرامج هي الطابع الفضائحي أو التشهيري الذي يتناول الأشخاص العاديين
كما يتناول الأشخاص الذين يحتلون مواقع معينة في المجتمع حتى أصبحت هذه الظاهرة بمنزلة حلبة منافسه تتسابق عليها هذه الفضائيات وتتبارى أيها تستطيع تقديم الفضيحة الأكبر أو ذات الصدى المدوي.
من هذه البرامج التي أصبحت منتشرة كالفطر برنامج «للنشر» الذي يعرض على شاشة فضائية «الجديد» للإعلامي طوني خليفة الذي يتناول في حلقاته التي نشرت القضايا الأكثر إثارة وحساسية والتي لا تعطي أي مضمون مفيد أو قيمة مضافة للمشاهد إلا في أحيان نادرة وقد يكون سببها عدم توافر الفضيحة المناسبة للنشر!
ومن خلال متابعتي حلقات عديدة في هذا البرنامج وبفترات متقطعة ومختلفة لم أجد تغيراً على السياق العام لما يطرح فيه، الأمر الذي يؤكد أن انتقاء هذه القضايا والمشكلات والفضائح شيء متعمد.
كل هذا قد يسوغه المتابع بدعوى أن لكل ما ينشر في فضائية ما جمهوره الخاص سواء أكان هابطاً أم عالي المستوى، لكن ما لم أجد له تسويغاً هو دفع الشخص أو الضيف إلى إطلاق تصريحات أو البوح بما لا يريده، وقد يكون أحياناً جارحاً جداً لشخص آخر بما يضع الاثنين في سجال سخيف قد يفوق السوقية انحداراً وازدراء وأعتقد بأن الهدف من ذلك هو استمرار البرنامج والتمهيد ليكون الشخص المستهدف ضيفاً قادماً في الحلقة القادمة ليستمر مثل هذا التراشق بالألفاظ الذي قد يصل إلى حد البذاءة أو لغة الشوارع الموبوءة.
لم نكن نريد التعقيب على هذا البرنامج بداعي أن أمثال هذا البرنامج تحتل حيزاً كبيراً في الكثير من الفضائيات العربية ولكن أن تدرج ضمن فقرات حلقته الماضية التي بثت يوم السبت فقرة من إبداع السيد خليفة تخص سورية بشيء قد يجرح مشاعر ملايين السوريين هي التي دفعتنا لتناول هذا البرنامج.
وهنا لا بد من القول: أن تكون فقرات البرنامج سخيفة وفضائحية ومبتذلة فهذا شأن يتعلق بالمعد والقناة التي تتبنى البرنامج والجمهور الذي يشاهده ويتابعه، أما أن تتفتح قريحة خليفة لتسويق فكرة أن الشعب السوري يبحث عن ربطة الخبز بهذه الصيغة التي أوردها وتحمل الكثير من الخبث فهذا أمر يجب تفنيده والوقوف عنده.
ونقول: يا سيد خليفة لم تكن يوماً لا أنت ولا غيرك في موقع يسمح لك بأن تتحول إلى بابا نويل الشعب السوري الذي يلبي طلب من لم نعرفه بتأمين مئتي ربطة خبز لتوزع في سورية بمثل هذه البروباغندا التي أضفيتها على هذه الفقرة وكان شرطك فيها أن توزع على الشعب السوري من دون استثناء وهذا هو الخبث في حد ذاته.
فالأفران السورية تنتج الآن حوالي عشرين مليون ربطة خبز في ظل الأزمة التي افتعلها أمثال هذا المتمني عليك تأمين مئتي ربطة خبز لتوزع على الشعب السوري.
وما نخشاه أن يكون هذا الشخص الذي قمت بالدعاية له عبر برنامجك من أولئك الذين أغاروا على مخازن الحبوب في حلب والحسكة والرقة وعلى المطاحن وسرقوا محتوياتها وباعوها في تركيا وقد طلب منهم الأتراك أن يحضروا الخبز اللبناني فوجدوا فيك وسيلة وبذلك تكون قد شربت مقلباً.