2013/05/29
سامر محمد إسماعيل
بعد قرابة الشهرين على انطلاقة قناة "سما" الفضائية، لا يبدو مصير المذيعين العاملين في "الدنيا" واضحاً. فالقناة الجديدة بدأت ببث برامجها بعد فترة شبه تجريبية، لتحلّ تردّداتها محلّ تردّدات "الدنيا" المحجوبة على قمري "نايل سات" و"عربسات".
ما يلفت الانتباه اليوم بعد نزوح قناة "الدنيا" إلى البث على تردد "القناة الثانية" الأرضية، هو الوجوه التي تم توزيعها بين الفضائي والأرضي. ففي حين ظهر نزار الفرا، وهناء الصالح، وتولين مصطفى، وإيناس فضلون، على قناة "سما" الفضائية، ظل كل من سلام اسحق، ووفاء دويري، ومحمد عبد الحميد، وريم معروف، ورانيا ذنون، وإيلين دحدل على الخدمة الأرضية للقناة الثانية التي كان لها عشاقها في زمن ما قبل الفضائيات العربية.
فعلى الرغم من أن السوريين كانوا يطلقون على القناة الثانية في التلفزيون العربي السوري لقب "إجباري 2" إلا انها كانت من القنوات الأرضية الرائدة في الإعلام الوطني. فهي القناة التي رفعت منذ انطلاقتها شعار "قناة الأسرة والمجتع"، وساهمت في بث عشرات الأفلام من تحف السينما العالمية، وقدمت برامج غاية في الجرأة بالنسبة لهامش الحرية الممنوح في التلفزيون الحكومي. فمن ينسى برنامج "مصارحات" من إعداد وتقديم المذيعة المخضرمة عزة الشرع على شاشة القناة الثانية؟ والعديد من البرامج الرياضية والثقافية والتربوية التي ساهمت في نهضة الذهنية الجديدة للإعلام سوري.
قد يكون من الحكمة التضحية بالقناة الثانية الأرضية لمصلحة تلفزيون "الدنيا" المبعد قسراً من فضاء الأقمار العربية، كالعديد من القنوات السورية، وقد يكون من الحكمة أيضاً اللجوء إلى هذا التعويض التكتيكي عن غياب "الدنيا"، من خلال "سما الفضائية". لكن السؤال يبقى عن وجوه تحضر هنا وتغيب هناك. فبينما يحضر صوت سالم الشيخ بكري بعنوان آخر لبرنامجه "التضليل الإعلامي"، ليتحول إلى برنامج "الغربال"، وتغيب هناء الصالح عن برنامجيها "صوت وصدى" و"حوار مفتوح" لتظهر في برنامج "شو رأيك"، في حين تظل البقية على الأرضية الثانية، ماذا عن كل من ريم معروف، ووفاء دويري، ورؤى عباس، وكندة عصفورة، وسلام اسحق؟ نعرف جميعاً بأنّ "سما" أصبحت في عرف الكثيرين، قناةً تحظى بالمتابعة عبر أخبارها العاجلة وشكل خطابها القريب جداً (لكن مع تمويه حذر) من خطاب "الدنيا".
ما يطرح سؤالاً فعلياً عن حل هذه المشكلة. فمن غير المنصف أن يبقى أولئك الإعلاميون بحكم المنفيين على قناة أرضية، لم يعد لها ما تقوله في ظلّ وجود قناة توأم حلت محلها، ولبست لبوسها عبر شكل قاربها من دون أن يتقمصها تماماً. من غير العادل أن اختيار وجوه معيّنة لتظهيرها على الشاشة في حين تبقى أخرى في الظلّ؟ فمن المسؤول عن هذا التحيز وربما الإبعاد لوجوه على حساب وجوه؟
من المستغرب أن تكون "سما" شقيقة "الدنيا" في حين تعتمد على فريق مختلف تماماً، ما دفع بالمشاهد السوري للتساؤل حول الجدوى من ذلك السلوك، وكيف يمكن إعادة وجوه ألفها المشاهدون إلى الشاشة الفضائية، وارتبطت بيوميّاته خلال الشهور العشرين الماضية؟