2013/05/29
بديع منير صنيج – تشرين
ربما لم يكن مقصوداً وضع ضيف برنامج «جدل» باسم خباز -معاون مدير عام المؤسسة العامة للسينما في كادر يظهر وكأنه ضمن قفص اتهام وهو يحاول الدفاع عن آرائه،
لكن المتابع للحلقة التي عرضت عند السادسة من مساء الثلاثاء الماضي وتناولت موضوع «دعم المواهب السينمائية الشابة عبر المنح الإنتاجية التي قدمتها المؤسسة العامة للسينما» تظهر من دون أدنى شك أن الإعداد الذي قام به كل من الزميلين «عمر الشيخ» و«مي زوربا» لم يكن أكثر من وضع بضعة أسئلة يمكن تصنيفها بسهولة ضمن خانة التهم الجاهزة، من مثل «هل نتاجات هذه المنح ستكون ضمن ما يسمى «أفلام مهرجانات»، وبذلك تشابه الدراما التي لا تعرض مسلسلاتها سوى في شهر رمضان؟» أو «هل خلقت المنح تشنجاً في الوسط السينمائي السوري».
أضف إلى ذلك أن تلك الأسئلة في معظمها مفتوحة، ما يتيح للضيف التهرب من الإجابة عنها بسهولة، وتالياً تبرئة نفسه ومؤسسته من خلفه من جميع الانتقادات الموجهة إليهما مهما كانت محقة، كسؤال «هل ستحظى تلك المواهب بالرعاية بعد المنح، لاسيما في ظل وجود أسماء مدللة لدى مؤسسة السينما؟» أو «هل نحن نعيش حالة سينما بلا نقاد أو نقاد بلا سينما؟»
الأنكى من ذلك أن هناك بعض الأسئلة يخرج عن السياق الزمني للحوار من مثل «ما هو دور النقد في مواكبة هذه التجربة؟» مع أن المخرجين الشباب الحاصلين على المنح ما زال معظمهم في مرحلة التصوير، كما أن الأفلام المنجزة لم تُعرض لا على الجمهور ولا ضمن عروض خاصة بالنقاد.
مجمل ذلك يثبت أن محاولات المقدمة «مي زوربا» لأن تكون محامي الشيطان في هذا البرنامج الذي يتخذ من الجدل سمته الأساسية لم تكن ناجحة، فهي بتلك الأنواع من الأسئلة مَكَّنَتْ ضيفها من حمل صك براءته بعد الحلقة مباشرة، ولاسيما في ظل تكراره أكثر من مرة وفي إجابات عن أسئلة مختلفة «إن مؤسسة السينما مستمرة في هذه التجربة، وستزيد ميزانية مشروع المنح في العام القادم بنسبة 250%، كما أنها لم تظلم أحداً؛ لا الجمهور ولا السينمائيين الشباب أو المخضرمين، لكن جهودها وحدها لا تكفي، ولاسيما فيما يتعلق بالمعاناة الأكبر وهي صالات العرض حيث قامت المؤسسة بتجديد صالة كندي دمشق، وافتتحت مسبقاً كندي دمر، كما افتتحت مؤخراً كندي طرطوس».
كما أن محاولة برنامج «جدل» زيادة زخمه عبر لقاءات بسيطة مع ناقِدَيْن ومجموعة من طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية لم يحقق المطلوب منه، والسبب يعود مرة أخرى إلى الأسئلة العامة، والتي لا تفضي في المجمل إلى إجابات غنية في فحواها، ومن ذلك سؤال «ما رأيك بظاهرة المنح ومدى جدواها كتجربة؟»، أو «إلى أي درجة يمكن لمنح الشباب أن تمثل مقترحاً مختلفاً يُمَكِّنُهُم من أن يحصلوا على الدعم من مؤسسة السينما أو مؤسسة الإنتاج التلفزيوني والإذاعي؟»، بمعنى أن هذا البرنامج وقع فيما تمكن تسميته «فخ السؤال»، فبدل أن يكون أقوى الأدوات بيد المقدم يحاجج من خلاله ليستخلص من ضيوفه أهم المعلومات التي تصب في جوهر الموضوع، كان هزيلاً، ولا يمتلك أياً من مكنونات المشاكسة الصحفية اللّمّاحة، كما أنه لم يحتفظ بكرامته التي طالما دافع عنها مُفَكِّرو الإعلام، كون السؤال مفتاحاً للولوج في مختلف بوابات الجدل الذي يعني بحسب مختار الصحاح «شِدَّةُ الخُصُومَة»، التي لم نستطع تلمسها في هذه الحلقة لا في الجوهر ولا في المظهر.