2013/05/29
صهيب عنجريني – السفير
جرياً على عادته، كان لا بدَّ لـ «رامبو التركي» أن يكون حاضراً لتحقيق نصر تركيّ، ولو «درامي»، يعوِّض إخفاقات السياسة الأردوغانية. «بولات ألمدار» بطل سلسلة «وادي الذئاب» الشهيرة ــ عرفه المشاهد العربي باسم مراد علم دار ــ يجد نفسه مضطرَّاً لخوض مهمّة جديدة، مسرحها هذه المرّة الأراضي السوريّة.
ففي الجزء السابع من المسلسل، وتحديداً في الحلقة العشرين منه، يتوجّه مراد علم دار إلى سوريا للمساهمة في تسليح المعارضة. ويظهر في بعض المشاهد برفقة كتيبةٍ تابعةٍ لـ«الجيش السوري الحر». وفي الطريق إلى تنفيذ المهمة، يصادف مراد مجموعة من اللاجئين السوريين الفارين من قراهم سيراً على الأقدام، منهم من ارتدى أحذية بالية، ومنهم من كان حافي القدمين. كما يتوقّف ليشاهد قصفاً عنيفاً على إحدى القرى الصغيرة. وتظهر في مشهد آخر قوات تابعة للحكومة السورية، وهي تحتجز رجلاً مع عدة أطفال صغار، تتم تصفيتهم لاحقاً. كما يلتقي مراد في مشاهد أخرى بـ«زعيم الكتائب الثائرة» ويقوم بتسليمه الأسلحة. غير أنّ المهمة لا تنتهي، بل ينطلق البطل من خلالها إلى أجزاء جديدة. وكالعادة، لا يذهب مراد إلى مهمته وحيداً، ولا مع مجموعة كبيرة. يكتفي بمرافقين فقط، غير أنّهما هذه المرة شامل والبتيكين، وليس عبد الحي، وميماتي الذي قرر صانعو السلسلة قتله درامياً، بعد أن اعتذر الممثل كوركان اويكون عن عدم الاستمرار في العمل.
من خلال حلقات الجزء الجديد التي بُثَّت على القنوات التركية والتي عُرض بعضها عبر موقع «يوتيوب»، مرفقاً بترجمة إلى اللغة العربية، يبدو جليَّاً أنّ الجزء السابع يستمرُّ أميناً لنهجه السابق. إذ يقع علم دار في مآزق خطيرة تعترض مهمته، ومنها على سبيل المثال أنَّ أحد زعماء مسلحي المعارضة السورية يقع بين نار تسليم مراد ونار فقدان ابنه الذي تم اختطافه ولن يطلق سراحه إلا بتسليم «البطل». يخرج مراد من المآزق واحداً تلو الآخر، منتصراً، ليثبت أنّ «لا مهمة مستحيلة أمامه»، وأن ما لا تستطيع السياسة التركية على أرض الواقع تحقيقه، تفعله الدراما ببساطة ويسر. فالتخبط الذي عانته السياسة التركية بخصوص الأزمة السورية لا وجود له في قاموس «رامبو التركي» الذي يبدو واثقاً... قويَّاً... وعارفاً لما يريده، فيتحرك نحوه وفق بوصلة ثابتة وخطة استراتيجيَّة. ويواصل في الوقت ذاته معاركه على الجبهة الداخلية وتصديه لمكائد ومؤامرات تركية، كما في معاركه مع الأميركيين. إنه وببساطة المقاتل الشرس المنتصر دائماً وعلى جميع الجبهات.
عمليات الدوبلاج للجزء الجديد لم تبدأ بعد، وثمة أسئلة كثيرة مطروحة في هذا المضمار، فالأجزاء السابقة من السلسلة تمت دبلجتها ــ كما هو معروف ــ بطاقم عملٍ سوري ونفذتها شركة «فردوس». غير أنّ طبيعة الجزء الجديد قد تفرضُ مستجداتٍ على أرض الواقع في ظل انقسام مواقف الفنانين السوريين من الأزمة وتطوراتها، خصوصاً ان الفنانة لورا أبو أسعد التي تدير الشركة، كانت قد أُدرجت على ما يسمّى بـ«لوائح العار» بوصفها واحدة من «الفنانين السوريين المعارضين للثورة».
ولعلَّ الجديد هذه المرة أنّ الجزء السابع يتطرّق إلى أزمة ما زالت محتدمةً على أرض الواقع، على عكس المهمّتين اللتين قام بهما مراد في فلسطين والعراق، ما مكَّن صناع السلسلة حينها من إعادة إنتاج الواقع وفق رؤاهم وتوجهاتهم.
في فيلمي «وادي الذئاب ــ فلسطين» و«وادي الذئاب ــ العراق» بدا صُنَّاع السلسلة مشغولين بتحويل الهزائم الواقعية إلى انتصارات درامية. فهل استشعر هؤلاء هزيمةً جديدةً في الأفق، أم أنَّ الأمر سيكون مختلفاً هذه المرة؟ سؤال لن يستطيع المسلسل وحده الإجابة عنه بلا شك.