2013/05/29
ماهر منصور – السفير
منذ انطلاقتها قبل أقل من عام، أعطت قناة «الميادين» الأولويّة للشأن الفلسطيني. خصّصت فقرة ثابتة في نشرات أخبارها الرئيسية، بعنوان «نافذة على فلسطين»، إضافةً إلى برنامج «خلف الجدار» الأسبوعي (يعرض كلّ سبت)، والمخصص للشأن الإسرائيلي. كما ابتكرت فواصل ترويجية، منها مفتاح العودة، وآخر مبنيّ على الجزء الأخير من جدارية محمود درويش (هذا البحر لي). وبلغ اهتمام القناة بفلسطين ذروته خلال الأسبوع الماضي، إذ بدت «الميادين» كأنّها جهزت نفسها لمواكبة مثالية للحدث الفلسطيني على مدار الساعة، سواء عبر نشرات الأخبار، أو التقارير، أو البرامج اليوميّة، وتقاريرها العديدة الخاصة، أو في برامجها اليومية، التي أدارت دفّة مواضيعها صوب الحدث الفلسطيني، كما في برنامجي «أ ل م» و«أجراس الشرق».
عند هذا الحدّ قد يتقاطع أداء «الميادين»، مع القنوات الإخبارية الأخرى، في متابعة الحدث الفلسطيني اليوم. إلّا أنّ القناة تتقدّم عن سواها بالابتعاد عن التغطية الإخبارية، نحو مخاطبة شرائح أكبر، كأنّ لسان حالها يقول: ليس بنشرة الأخبار وحدها والبرامج السياسية يواكب الحدث السياسي في غزة.
هكذا تغيّر قناة «الميادين» قواعد اللعبة في تغطية حدث سياسي تغيّرت قواعد لعبته أصلاً. فيبدأ الزميل سامي كليب، على سبيل المثال، برنامجه الحواري السياسي بأغنية وينتهي بها. فيما تنحو الفواصل الترويجية المتعلقة بالحدث نحو المنوال ذاته، فإلى جانب الغناء ستطالعنا القناة بالشعر، فنسمع قصائد للشاعرين محمود درويش، وتميم البرغوثي، إضافةً إلى العبارات المقتطفة من لقاءات وتقارير باللغتين العربية والأجنبية، وكلّها على خلفية صور لفلسطين وناسها.
ولعل أكثر تلك الفواصل الترويجيّة إثارة للانتباه والتقدير، واحد حمل اسم «غزة جدارة الحياة» وفيه قدّمت القناة وجوه غزّاوية، معظمها لأطفال صغار يبتسمون. وجوه هي أبعد ما تكون عن الموت اليومي، وأقرب ما تكون من الحياة التي يصر عليها الغزّاويون. وبذلك تبدي «الميادين» فهماً لشخصيّة الفلسطينيين، فهم يحبون الحياة كلما استطاعوا إليها سبيلاً، ويفردون لها مساحة بعد كل دمار.
هذه التغطية المختلفة التي انفردت بها «الميادين»، رافقتها رشاقة في مواكبة الحدث. فهنا لكل تفصيل، تقرير حدثيّ يشرح ويوضح، وإلى جانبه تقرير ثانٍ يتعلق بطبيعة النزاع التاريخي وخلفياته وأطرافه وأدواته وتداعياته اليوم.
ربما لا تخلو التغطية بالعموم للحدث الفلسطيني من تمرير سياسات القناة، وتوجهاتها ضمن رسالتها. وذلك حق لها وإن لم يعجبنا أحياناً. ولكن ما يشفع لـ«الميادين» أنها التقطت نبضاً لم تستطع غيرها من القنوات التقاطه.