2013/05/29

حتى الفلاسفة يتابعون الدراما!
حتى الفلاسفة يتابعون الدراما!


ندى الأزهري - الحياة


قد نكون مفكرين، جامعيين، مثقفين... لكننا نتابع المسلسلات! وعلى رغم نظرة استعلائية لكثير منا فلا يمكن لأحد أن ينكر متعته في الإطلاع على أحدث المسلسلات، فبالإضافة إلى التسلية الأكيدة التي تقدمها، فهي تعتبر من وجهة نظر بعضهم مادة تدعو للتفكير عبر قدرتها الحكائية.

بماذا تخاطبنا المسلسلات؟ سؤال طرح في ملتقى نظمته مجلة «نوفل أوبسرفاتور» الفرنسية. وخلال يوم كامل عقدت حلقات نقاش مع كتاب سيناريو ومخرجين ومفكرين وجامعيين حول أسباب «تعلق» الناس بالمسلسلات وأيضاً الإعجاب الذي يبديه نحوها بعض المفكرين والفلاسفة! ويبدو أن الجميع من مختلف الأعمار في الوسط الفكري يشاهدها وإن كان بعضهم «يحتفظ بنظرة ساخرة لفكرة إعطائها مفهوماً عقلانياً أو فكرياً».

المسلسلات ليست مجرد وسيلة لقضاء الوقت والتمتع بل هي «تأخذ شرعيتها أكثر فأكثر كمادة ثقافية، وإن كانت لا تعد بعد كمادة فكرية»، كما تعتبر «فيلسوفة». ويرى فيها زميل لها «تربية أخلاقية جديدة لعالم في أزمة»، ويلتقط فيها آخر «عوارض تشظي العالم المعاصر وتبعثره»، حيث يعبر المسلسل عن هذا العالم الذي فقد وحدته، عبر رص وتكديس القصص والشخصيات» فالسرد المتعدد بلا مركز أو مرجع يعبر عن فقدان الوجهة»...

وفي فرنسا يتعلق الأمر بخاصة بالمسلسلات الأميركية، ولا تقتصر متابعة الحلقات على مجرد المشاهدة، بل يجري بعضهم أبحاثاً عليها، حتى أن جامعة باريس 10 سبق وخصصت حلقة دراسية حول «ذا واير» الأميركي. هذا المسلسل، يعجب عدداً من المفكرين، وتقول إحداهن عنه في ندوة المجلة أنه يقدم «رؤية كاملة عن الشرط الاجتماعي والسياسي لأميركا المعاصرة، ليس بطريقة عامة بل عبر شخصياته المتنوعة والغنية التي تعطي كل منها رسالتها ومن دون إطلاق الأحكام، كما أنه يبين بأسلوب واقعي جداً مدينة بعصاباتها وشرطتها وشخصياتها السياسية وإعلامها». وبالخلاصة فهو «وصف محدد ودقيق لمدينة». وذكرت مسلسلات أخرى تركت أثرها في حياة بعضهم منها «طوارئ» الأميركي أيضاً، الذي يكشف عن نظام الصحة الأميركي «بشخصياته العاملة وبطولاتها التي قد تكون مبالغة في الميلودرامية أحياناً، لكنها تبقى مؤثرة بتمثيلها للحياة ومثيرة لكثير من المشاعر على حد قول مفكر آخر.

وتهم المسلسلات الجميع، وليس فقط الفلاسفة. فهي تبعث على المتعة وتصنع نوعاً من الارتباط مع الشخصيات، كما أنها وسيلة للمغترب لمتابعة تطورات مجتمعه والإبقاء على علاقة ما معه. وهي تولد نوعاً من الترابط الاجتماعي. فأحد المدرسين الجامعيين الفرنسيين يقول في مقالة عن الموضوع في المجلة ذاتها: «كنت في السابق أحكي في السياسة مع زميلي واليوم نحكي عن المسلسل»!