2013/05/29

سلطة الخيال
سلطة الخيال


فجر يعقوب – الحياة

لا تتوقف عجلة الدراما السورية عن الدوران. تتعثر بحكم الأزمنة الراهنة، لكنها لا تتوقف. قد تبدو الإطلالة عليها صعبة فلم تعد على خريطة واحدة. توزع مخرجوها ونجومها بين مدن عربية كثيرة. بعضهم لجأ إلى الدراما اللبنانية، وقد أخفق بتجاوز أسوارها «المنيعة» في الشوط الأول لأسباب كثيرة. وآخرون سيطلون من هوليود الشرق معولين على أرصدة وأسهم جديدة.

بعض هذه الأسماء مطلوب. بعضها لا. بعضها آثر الصمت والانزواء تحت مسميات كثيرة. الأزمة أكبر من المتخيل الدرامي. لم يكن ممكناً التفكير للحظة واحدة بأن ما يحدث في أرض الواقع قد يسبق كل التصورات والحلول الدرامية والإخراجية التي سبقت ذلك. تعقد مقارنات غريبة اليوم في مصائر بعض النجوم من داخل هذه الدراما مع ما آلت إليه أوضاعهم الآن. التأمل في هذه المصائر مع ما يشوبه من بعد مأسوي لدى بعضها يدفع لمحاولة القراءة من زاوية مخالفة. يمكن الفن أحياناً أن يسبق الواقع. يمكنه أن يتماهى معه، كما يمكنه الإحالة إلى قراءة عبثية في معظم الحالات التراجيدية التي قد تصدفه.

الخيال الشعبي قادر على عقد مقارنات بين مصير هذا وذاك. يمكنه توليد حكايا ونوادر من القصص التي عرضت عليه. يكفي وقوع حادثة حتى يجنح وراء خيال ملتهب لا يمكن تطويقه أو التأثير عليه بسهولة. كما لا يمكن محو سلطة الخيال هنا.

مصرع الممثل السوري – من أصل فلسطيني – محمد رافع على أيدي مسلحي المعارضة السورية أخيراً دفع بعضهم إلى عقد مقارنات مع دور فني سابق له يقضي فيه. تستعاد تلك الصورة ما أمكن. لا يمكن تحييدها. الصورة هنا لم تعد حيادية. إنها جزء من «أسطورة» النجم الشعبي حين يغيب. لم يعد ممكناً تصور رافع من دونها. الحالة تدعو أكثر للتأمل. هذا فعله يوماً المخرج الياباني أكيرا كوروساوا. كان مذهلاً وبسيطاً أن يكتشف في لحظة تأمل مهملة أن من قتل من أبطال فيلمه «الساموراي السبعة» في الفيلم ظل على قيد الحياة. وأن من عاش منهم في الفيلم ماتوا تباعاً بعد التصوير.

لحظة الاكتشاف صدمت صاحب «أحلام». توقف عندها ملياً. لم يستنطقها في فيلم جديد. قال إنها أذهلته ودفعته لإعادة تقويم اللعبتين: الحياة والفن.

في الدراما السورية ليس ممكناً أن تستمر سلطة الخيال من دون هذا التقويم، حتى لو كان الخيال يقتصر على دراما شعبية متخيلة. يكفي أنها صنعت لنفسها سلطة في عقدين من الزمن، والآن تلهث للحفاظ على بعض ما بنته. ليس ممكناً تصور الاستمرار بها من دون الحاضنة التي أطلقتها. كما أنه ليس ممكناً تصور الاستمرار بالرموز والقصص ذاتها. ثمة سلطة أقوى لا يمكن اختصارها بمسلسل بيئة شامية من طراز «حمام السوق» المزمع إنتاجه في أبو ظبي في وقت لاحق بتوقيع المخرج السوري مؤمن الملا.